لماذا سميت المغرب بارض الاساطير
الحضارة المغربية تعد واحدة من أكبر وأهم الحضارات في الوطن العربي. يقع المغرب على ساحل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، ويتمتع بموقع قريب جدا من أوروبا. تتميز المغرب بميزات عديدة، منها التنوع الثقافي وتعاقب الحضارات المختلفة على مر التاريخ، مثل الحضارة الفينيقية والحضارة الموريطانية. يعتقد المؤرخون أن اسم المغرب يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، حيث أسس الأمازيغ دولة تدعى موريطية، والتي كانت تضم تقريبا جميع دول المغرب العربي وموريتانيا (وهي تقريبا نفس اسم موريتانيا الحالية). لاحقا انقسمت تلك الدولة إلى دولتين، وتم تسمية المغرب بهذا الاسم نظرا للاعتقاد بأنها مكان غروب الشمس.
وحتى بعد الفتح الإسلامي لبلاد المغرب تعاقبت الدول التي تأسست في المغرب، بما في ذلك الدولة الإدريسية والموحدية والمرابطية والسعديين، وقد أثرت حضارة المغرب وتأثرت أيضا بحضارة بلاد الأندلس بشكل كبير، وسمي المغرب بأسماء عدة، مثل سمي المغرب بالأرض الحمراء بسبب وجود مدينة مراكش ومبانيها الحمراء فيها.
وكما كان للمغرب تاريخ طويل من العلم والفنون مع تعاقب الثقافات والحضارات كان لها نصيب كبير من الأساطير التاريخية وبالرغم من أن أهل المغرب يدينون بالإسلام ويؤمنون بالله الواحد الأحد إلا أن بعض تلك الأساطير القديمة مازالت موجودة حتى اليوم، وربما يكون هذا هو السبب لماذا سميت المغرب ببلاد الأساطير.
الأساطير القديمة في المغرب
الكهوف في الثقافة الشعبية المغربية
منذ القدم، يعتقد المغاربة أن الكهوف هي منافذ للجنون والكائنات الخارقة للطبيعة للخروج من الأرض، وأن الكهوف هي أفواه القوى الكونية السفلية، وأن الينابيع التي تجري في الكهوف هي دموع تصدر من باطن الأرض، وأن الترسبات الكلسية الموجودة على الجدران هي شموع .
وحتى الآن، لا تزال الكهوف والمغارات من الأماكن ذات الأهمية الخاصة في المغرب، حيث يعتقد الناس منذ القدم أن لها أصوات وصرخات، وأنها قادرة على إخبار الناس بأسرار أو أخبار عن شخص ما. وهناك كهوف معروفة اليوم بأنها موطن للجن، مثل مغارة تاغرداشت في برانس تازة ومغارة مولاي بوسلهام، حيث يشرب الناس من ماء ينابيعها للتداوي من أمراض المعدة. وهناك أيضا مغارات في جبل العلم، حيث تتدفق ينابيع المياه داخل إحدى هذه المغارات، وما زال الناس يزورون تلك المغارات لشرب هذا الماء أو استخدام دموعه في تحقيق الشفاء أو تحقيق الإنجاب للأطفال وغير ذلك.
يعتقد أيضًا أن هناك مغارات خاصة بالأحلام والرؤى، مثل مغارة سيدي شمهروش في سفح جبل طوبقال، التي تلهم من ينام داخلها برؤى وأحلام حقيقية.
أسطورة عيشة قنديشة
قنديشة هي واحدة من أشهر الأساطير الشعبية المرعبة والمشوقة في المغرب، ومرتبطة بالكهوف. تحكي الأسطورة قصة أميرة قديمة، وإذا نطقت باسمها، سوف تحل عليك اللعنة وتأكل أجساد الرجال. هي واحدة من أشهر الأساطير المنتشرة في مناطق مكناس وسيدي سليمان بالمغرب.
وحتى أن هناك أغاني شعبية تحمل اسم عيشة قنديشة، وعيشة قنديشة لها عدة أسماء شعبية أخرى مثل لالة عيشة وعيشة الكناوية وسيدة المستنقعات، وفي الخيال الشعبي يعتبر عائشة قنديشة ساحرة عجوز وتحب التدخل في حياة الأزواج وتلعب الألعاب حتى تفرق بينهما.
وفقًا للأسطورة الأخرى، فإن عيشة قنديشة لها وجه جميل للغاية، ولكنها تمتلك قدم ماعز، ولكن من ينظر إليها يتأثر بجمالها ولا يلاحظ قدميها. وإذا سار معها إلى مغارتها، فإنه سيكون مصيره الموت بلا رحمة، لأنها ستأكله.
هناك رواية أخرى تحكي عن امرأة جميلة جدًا بجسد بشري كامل، وهي أيضًا تغوي الرجال وتستدرجهم إلى كهفها لتلتهمهم.
بخصوص حقيقة أسطورة عيشة قنديشة، يعتقد بعض الناس أن الشخصية الحقيقية لعيشة قنديشة هي الكونتيسة عائشة الموريسيكية، والتي هاجرت من إسبانيا إلى المغرب بعد أن قتل البرتغاليون عائلتها. كانت تلقي بالجنود في المستنقعات بعد إغرائهم، ثم تقتلهم انتقاما لعائلتها بمهارة لا يمكن وصفها. وبسبب العديد من حالات القتل، يعتقد الجنود أنها ليست بشرا وأنها من الجن.
تروي الرواية الأخرى أن البرتغاليين قتلوا زوجها، فشعرت بحزن شديد وقررت الانتقام، فكانت تختبئ طوال النهار في إحدى المغارات، ثم تغطي جسمها بالوحل في الليل وتخرج لتقتل الجنود البرتغاليين وتقطع جثثهم، ثم تعود إلى المغارات من جديد.
وهناك رواية أخرى أن عايشة قنديشة كانت فتاة من عائلة نبيلة وثرية وقد أحبت شابًا، لكن عائلتها رفضت تزويجها به، فهربت من منزل عائلتها وذهبت للتزوج حبيبها لكنه رفض الزواج بها بعد أن علم أنه لن يستطيع أن يحصل على أموال عائلتها، فحزنت الفتاة وظلت في أحد الحقول تبكي حتى ماتت، فخرجت من مكان وفاتها جنية عجوز قررت الانتقام لعايشة بقتل الرجال.
وفقًا للأساطير، يمكن مواجهة عايشة قنديشة وإخماد سحرها باستخدام النار عند إشعال النار تحت قدميها. كما تقول أسطورة أخرى إن غرس السكين في الأرض يخيفها ويجعلها تهرب.
وفي الحقيقة فإن الأسطورة لم تتداول فقط على ألسنة العامة، لكن عالم الاجتماع المغربي بول باسكون والذي كان مهتمًا بدراسة الأساطير المغربية ذكر أن أستاذ فلسفة أوروبي كان يقوم بعمل بحث حول أسطورة عائشة قنديشة لكنه تعرض لحوادث غريبة ومتكررة، فقرر حرق الأوراق البحثية ومغادرة المغرب فورًا.
الغريب في الأمر أن بول نفسه فقد ابنيه الاثنين في الصحراء، ولم يعرف عنهما شيء إلا بعد تسع سنوات، ويقال إن أعضاءا من جبهة البوليساريو قد قتلوا الطفلين، وبعد سنوات توفي بول في الصحراء على بعد 120 كيلومترا من العاصمة الموريتانية نواكشوط، ولم يعرف أحد بالتحديد كيف مات، فقد يكون سيارته اصطدمت بالجبال، وهو الذي كان عاشقا للصحراء التي تعتبر أحد الركائز الأساسية للحضارة المغربية، ويقول البعض إنه اصطدم بالكثبان الرملية، ويقول آخرون إن الذئاب قد أكلته، ولكن لا أحد يعلم إذا كان للأساطير المغربية التي اهتم بها كثيرا علاقة بوفاته واختفاء ابنيه.
أسطورة سيدي يحي بن يوسف
لا يقتصر التبرك بالمقامات على الثقافة المغربية فحسب، بل هو منتشر في كافة الدول العربية، على الرغم من أنه يعتبر عادة قديمة ظهرت قبل الإسلام، ونهانا النبي عليه الصلاة والسلام عنها. ومن بين المقامات التي يزورها ويتبرك بها الناس من الديانات الثلاثة في المغرب (الإسلام والمسيحية واليهودية)، مثل مقام سيدي يحي بنيوسف. ويحرص كثيرون من الناس، خاصة كبار السن، على زيارته والتبرك به، والحفر في قبره لأخذ بعض التراب ووضعه على الصدر، خاصة صدور الأطفال لحمايتهم من الأمراض والشرور.
وتروى الأسطورة أن يحيى بن يوسف عاش في عهد عيسى بن مريم عليه السلام، وأنه ضرب الأرض بقدمه فخرجت منها ينبوعًا، وهذا الينبوع مبارك يشفي من يشرب منه ويعالج عقم النساء. وتقول الأسطورة أيضًا أن يحيى بن يوسف دفن نفسه بنفسه في هذا المكان.
التمائم في الثقافة الشعبية المغربية
تلعب التمائم والحروز دورا هاما في الثقافة الشعبية المغربية، حيث يرتدي الجميع تمائما بهدف الحماية، وتكتب هذه التمائم بطرق غير معروفة من قبل أشخاص يمكن العثور عليهم في الأسواق الشعبية والساحات العمومية، وتحتوي على طلاسم دينية وأرقام ممزوجة معا.