لماذا اهتز عرش الرحمن لسعد بن معاذ
من هو الصحابي الذي اهتز عرش الرحمن لموته
هو الصحابي الجليل المنتمي لقبائل الأنصار، زعيم الأوس، سعد بن معاذ رضي الله عنه وأرضاه. فقد روي في صحيح مسلم عن سيدنا جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: `رسول الله قال: جنازة سعد بن معاذ بين أيديهم أهتز له عرش الرحمن` .
ذكر الإمام النووي أن العلماء اختلفوا في تفسير هذا الحديث، حيث قامت بعض الطوائف بتفسير الحديث على الظاهر وقالت إن اهتزاز العرش يعني تحركه بقدوم روح سعد، وأذن الرحمن للعرش بذلك تمييزًا لحدوث ذلك .
ذُكِر في الحديث قول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة آية 74 حول الحجارة التي تهبط خوفًا منه، وهذا ما يبدو واضحًا في الحديث .
يعد ما ذُكره المازروي حقيقة، وقد دلت عليه أدلة وأقوال الصحابة، ولا يمكن إنكار ذلك بشكل عقلاني، ويمكن اعتبار العرش جسمًا من بين الأجسام التي يمكن أن تتحرك أو تثبت، ويمكن للحركة أن تكون علامة على موت الصحابي، وهذا يدل على أن الموت يؤثر على كل شيء في الكون، بما في ذلك العرش الرحمن .
– قال بعض الناس إن اهتزاز العرش يعني حذف المضاف، والمقصود بالاهتزاز هو القبول والاستبشار واهتزاز الملائكة الحاملين للعرش، وكما يقول العرب، لا يكون الحركة والاضطراب في الجسم، ولكن المقصود هنا هو الإقبال والارتياح للروح .
يعتقد البعض أنها تدل على اهتزاز عرش الجنازة، ولكن هذا الزعم باطل، بالنسبة إلى الحديث الذي نقله الإمام أنس ومسلم عن وفاة سيدنا سعد، حيث اهتز عرش الرحمن له، وربما لا يصل هذا الزعم إلى الرواية الصحيحة التي نقلها مسلم في هذا الصدد .
يرى الأمام الحربي أن ذلك قد يشير إلى الكناية، نظرًا لعظمة تلك الوفاة. وعادةً ما يتم نسب الأشياء العظيمة إلى الأشياء العظيمة، حيث يقولون: قامت القيامة لموت فلان وأظلمت الأرض لوفاته .
لماذا اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ
بعد الحمد لله والثناء على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، قيل وفقا لرواية النبي عليه الصلاة والسلام أن عرش الرحمن اهتز بوفاة سعد بن معاذ، وذكر الحافظ في الفتح أن الاهتزاز هنا يعبر عن السرور والاستبشار بقدوم روحه لخالقه .
ورد في الحديث أن من يفرح بقدوم القادم فقد يهتز له العرش، وهذا ما حدث في حديث ابن عمر لدى الحاكم بلفظ “اهتز العرش فرحا به”، ويعتبر هذا الاهتزاز هو اهتزاز من يحمل العرش .
وقد تم تأييد ذلك في حديث أن سيدنا جبريل قال ذلك عن هذا المؤمن الذي فتحت السماء أبوابها له وفرح به أهل السماء، وقد نقل هذا الحديث الحاكم، ويقال بأنه من العلامات التي تدل على أن من مات من أولياء الله، ليعلم الملائكة بفضل من توفاه الله. والله تعالى أعلى وأعلم .
أعمال سعد بن معاذ
- مواجهة كبار سادة الكفر
روى البخاري أن سيدنا سعد كان صاحبا لأمية بن خلف، فإذا مر أمية على المدينة نزل عند سعد، وهكذا كان فعل سعد إذا مر بمكة، وعندما جاء النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، ذهب سعد للمدينة معتمرا .
عندما ذهب للعمرة في مكة، نزل في بيت أمية وقال لصديقه `انظر لي في وقت الخلوة حتى أطوف بالكعبة`. وعندما حان وقت الخلوة، قام بالطواف حول الكعبة، وفي ذلك الوقت التقى بأبي جهل الذي سأله عن هويته، فأجاب بأنه سعد وأنه في مكة بأمان .
وقال له: `أنتم من أويتم الصباح كما أنكم تعينونهم وتنصرونهم، وولله لولا أنك مع أبي صفوان لما خرجت من هنا وعدت لأهلك سالمًا`، ورد عليه سعد بأنه إذا منعه له فسوف يمنع عنه بما هو أشد من ذلك، وهو في حالة انفعال .
وقصد أن يمنعه من دخول المدينة عند المرور، فقال له صاحبه أمية: لا ترفع صوتك على سيد الأهل بالوادي، فقال له سعد: دعنا عنك، فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إنهم يحاربونك، قال بمكة، فقال لا أدري، فارتجف أمية لذلك .
في يوم بدر، استنفر أبو جهل الناس وحث أبا صفوان على الخروج معه، وطلب أمية من زوجته ليخرج معهم، وكانت فكرته زوجته مستندة إلى ما قاله له صديقه سعد .
عندما خرج أمية معهم، كان يعقل بعيره في كل مكان ينام فيه، واستمر في ذلك حتى توفي الله به في معركة بدر .
- غضبه من أجل النبي
ورد عن السيدة عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- أنها تحدثت عن حادثة الإفك وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستنجد بالناس لنصرته في هذا الأمر، وكان النبي -عليه السلام- يقف على المنبر ويقول: “لقد علمت بأن أحداً من الناس أذاني في أهلي، ولم أر من أهلي إلا الخير .
قام سعد وقال: أنا معك يا رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإذا كان المتهم من الأوس فسنقوم بقتله، وإذا كان من الخزرج فسنفعل ما قلتَ، ووصفت أم المؤمنين سعد بأنه كان صالحًا .
معلومات عن سعد بن معاذ
وصف الإمام الذهبي له أنه كان رجلا أبيض البشرة وجميلاً، وكان لديه وجه جميل وحسن، وكانت لحيته جميلة أيضًا، ووصفته السيدة عائشة بأنه من أفضل الناس من بني عبد الأشهر .
أفاد ابنإسحاق بأنه عندما أسلم، وقف في قومه وخطب لهم، وقال إن الكلام معهم حرام حتى يؤمنوا بالله ورسوله. وأشار إلى أن جميع رجال ونساء بني عبد الأشهل قد أسلموا .
أشيد بشجاعته ومواقفه القوية ضد الكافرين، ويفتخر بدينه، حيث وقف يومًا في مكة وصدَّ عن نفسه كلام أبي جهل، ووصل الأمر به إلى أنه كان يهدد سادة قريش في أرضهم ومنازلهم، تعبيرًا عن حبه ونصرة لله ورسوله، صلى الله عليه وسلم .
قال النبي صلى الله عليه وسلم عن مناديل سعد بن معاذ في الجنة: “أحسن من هذا”، وكان يقصد الحرير .
تشير عائشة رضي الله عنها وأرضا إلى مكانة سعد بن معاذ الرفيعة وأعماله الصالحة، وتقول أنه لو كان هناك شخص يمكن أن يتمكن من الهروب من القبر، لكان سعد بن معاذ منهم، وهذا يؤكد على عظم صفاته ومكانته الكبيرة .
يعد هذا الرجل من أهل الجنة والشهداء، وتوفي في سن صغيرة حيث كان عمره 37 عامًا عند وفاته، وحدث ذلك في السنة الخامسة من الهجرة، وتم دفنه في البقيع .