لماذا الدم لا تمتصه الأرض
لماذا لا تمتص الارض الدماء
غالبا ما يتساءل الناس لماذا لا تمتص الأرض الدم، أليس هو سائل؟ لماذا لا تشربه الأرض؟ يأتي الجواب بين العلم والدين.
يتم تشريح الدم على الأرض إذا كان سائلاً قبل أن يتجلط، وتتشربه الأرض في هذه الحالة، ولكن إذا تجلط الدم فلا يمكن للأرض أن تتشربه، وهذا يعني أنه لا يوجد شيء خاص بالدم في هذه الحالة.
الدم يتكون من الماء والأجسام الكبيرة المعلقة في الماء، والأرض ستمتص الماء، ولكن عموما الأجسام الكبيرة ستظل على السطح لأن الدم سميك مثل العسل والدهون.
تحتوي هذه المادة عادة على خلايا سائلة، ولكن عندما تلامس سطحا خشنا، تبدأ في التفاعل مع بعضها البعض وتصبح صلبة، وهذا ما يجعلها تشكل مادة هلامية. الهدف من هذه العملية هو إغلاق الجروح؛ فعند ظهور الجرح، يتجمع الدم على الحافة ويغلق الجرح ببطء، وهذا ما يسمى التخثر.
يعود هذا من الناحية العلمية، وأما من الناحية الدينية فيعود ذلك لقصة قايين وهابيل، وسيتبين لاحقًا أن الدين لا علاقة له بامتصاص الأرض للدم.
لماذا الأرض لا تمتص الدماء؟ السؤال هنا هو السبب العلمي والديني لذلك.
لماذا الدم لا تمتصه الأرض علميا
يعود السبب العلمي لتجلط الدم في الأرض إلى جزيئات الدم التي تكون أكبرمن المسام الموجودة في الأرض، وبسبب ذلك، تتجلط جزيئات الدم، والتي تشمل الصفائح الدموية، ويصعب امتصاصها من قبل المسامات في الأرض.
هناك أسباب متعددة في هذا الأمر، قدمها العلماء في هذا الموضوع: لماذا لا تستوعب الأرض الدم؟ ولماذا لا تزال الجثث على الأرض؟ وبعد الكثير من الأبحاث العلمية والدينية، وجد العلماء أن تفسير تلك الظاهرة يعود إلى أمرين مهمين: الأول علمي ويشرح سبب حدوث تلك الظاهرة، والثاني ديني.
من الأمور المثيرة للجدل والدهشة أيضا هو عند الحديث عن الأرض التي لا تمتص الدم، على الرغم من أنها تقوم بامتصاص المياه والسوائل الأخرى بطريقة سهلة وبدون أي تعقيدات. أما بالنسبة للدم، فالأمر معاكس وغير مألوف، حيث لا تمتص الأرض الدم بسهولة، وتظل بقع الدم موجودة بشكل ملحوظ على الأرض ولا تختفي، وقد يمر السنوات وتظل تلك البقع موجودة، وهذه ظاهرة غير طبيعية وغريبة على العقل البشري.
لكي نتمكن من القول بأن سبب عدم امتصاص الأرض للدم علميا، يجب علينا أن نتعرف أولا على كيفية امتصاص الأرض لجميع السوائل. وعلاوة على ذلك، يجب أن نفهم بعض النقاط العامة حول طبيعة الدم بالنسبة للأرض. عندما نتحدث عن السبب العلمي الذي يفسر عدم امتصاص الأرض للدم واستبداله بامتصاص السوائل التي تحدث عن طريق خلايا الأرض، يمكننا مقارنتها بخلايا موجودة في السوائل التي يمكن للأرض امتصاصها. يحدث ذلك بسبب أن الأرض عبارة عن خلايا كبيرة جدا وبشكل مكثف.
وتقوم على امتصاص كل خلايا السوائل وبشكل كامل. ولكن الدم عند احتكاكه أو اصطدامه بجسم صلب تكون جزيئات الدم حينها بالتماسك بشكل كبير مع بعضها البعض ما يجعل تلك الجزيئات أكبر من خلايا الأرض. ولذلك تحدث الصعوبة في أن تقوم الأرض بامتصاص الدم، لهذا نرى بأن الأرض يمكنها أن تمتص كمية كبيرة من المياه الموجودة في الدم من خلال الخلايا الأرضية، وأيضًا لا تكون قادرة على أن تمتص كل الجزيئات المتبقية على الأرض والتي تكون بها جزيئات أكبر بصورة بالغة.
عوامل امتصاص الارض للسوائل
من الخطأ الاعتقاد بأن الأرض أو التربة لا تمتص الدم، بل يتم امتصاص أي سائل عن طريق عاملين هما:
- نوع السائل: كلما زادت كثافة السائل، كلما تم امتصاصه ببطء أكبر.
- نفاذية التربة: تختلف أنواع التربة في نفاذيتها، فتكون بعضها ذات نفاذية عالية، في حين لا تسمح بنفاذ أي سائل عبر بعض الأنواع الأخرى، بما في ذلك الماء، وتعد هذه المشكلة كبيرة جداً وتصرف العديد من الدول المليارات لحلها.
نعم، بالتأكيد، فالدم يتكون بنسبة 92٪ من الماء، مما يعني أنه يمكن امتصاص معظم الدم وتسربه عبر التربة، حتى الخلايا الحمراء والبيضاء يمكن أن تتسرب من خلال الفتحات الموجودة بين جزيئات التربة، وقد يتم الاحتفاظ ببعض الخلايا والبروتينات على السطح.
لماذا الدم لا تمتصه الأرض دينيا
أما السبب الديني فهو عندما قتل قابيل أخاه هابيل ودفنه، فجاء سيدنا آدم وسأل عن ابنه هابيل، فقالوا له أن أخاه قد قتله، فقال: أين دمه؟ قال لقد شربته الأرض، فدعا قائلا: لعن الله أرضا شربت من دم ابن آدم ومنذ ذلك الحين ومحرم على الأرض أن تشرب أي دم.
روى بن إبراهيم عن الإمام علي بن الحسين رضي الله عنه أنه قال إنه عندما قام قابيل بقتل أخيه هابيل، لم يكن يعرف كيف يفعل ذلك، ولكن جاءه الشيطان اللعين وأوحى له بأن يضع رأس أخيه بين الحجرين ثم يقتله. وهذا ما جاء بهذا الخبر عن الإمام علي بن الحسين.
بعد فعل ذلك، لم يكن يعرف ماذا يجب عليه فعله، ثم جاءه غرابان وبدأوا في القتال معًا، حتى قتل أحدهما، ثم قام الآخر بحفر حفرة باستخدام مخالبه ودفن الميت فيها. في تلك اللحظة، قال قابيل: “يا ويلتي، لقد فشلت في أن أصبح مثل هذا الغراب الذي يستطيع إخفاء خطيئة أخي.
حفر قابيل حفرة ودفن فيها جثة هابيل، وعاد قابيل إلى آدم عليه السلام ولم يكن هابيل معه، فسأله آدم عن مكان ابنه فقال له قابيل: جعلتني وصيًّا عليه، فقال آدم: اذهب معي إلى موقع القربان.
عندما عرف آدم مكان القربان وشعر بما فعله قابيل، أدرك أنه قتله. لذلك لعن آدم الأرض التي شربت من دم ابنه، وهذا هو السبب وراء تحريم الأرض على شرب الدم.
يُعتقد أن لعنة سيدنا آدم على الأرض ليس لها أصل حقيقي، وأنها ربما تكون من الإسرائيليات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج).
ما يُذكر عن أن الأرض لا تشرب الدم منذ قتل أخيها، لا يوجد له أصل، وإنما هو شيء يُروى من بعض أهل التاريخ، وربما يكون مأخوذًا عن أهل الكتاب، وكثيرًا ما تُروى الأكاذيب فيما يحكونه.
روى ابن قتيبة في “غريب الحديث” (2/14)، ومن طريقه ابن عساكر في “تاريخه” (64/6) من طريق عبد الْمُنعم بن إدريس عَن أَبِيه عَن وهب بن منبه قال : ” إن الأَرْض نشفت دم ابْن آدم الْمَقْتُول، فلعن آدم الأَرْض، فَمن أجل ذَلِك لَا تنشف الأَرْض دَمًا بعد دم هابيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة “.
هذا باطل، فعبد المنعم بن إدريس متروك ومتهم، وفقاً لقول الذهبي
مشهور قصاص، ليس معتمدًا عليه، وتركه غير واحد، وأخبر أحمد بن حنبل أنه كان يكذب على وهب بن منبه، وقال البخاري إنه ليس موثوقًا في حديثه.
قال ابن حبان: ينقل الحديث عن أبيه وعن غيره.
إذا تبين صحة هذا الأمر، فإنه يبدو أن وهب بن منبه أخذه من كتب أهل الكتاب .
لا يمكن الاعتماد على مثل هذا الكلام والشائعات، فأهل الكتاب يكذبون على الله وعلى أنبيائه ورسله، ولذلك لا يجب الحديث عن أنبياء الله بما تفرده به أهل الكتاب، وخاصة إذا كانت هذه الأقوال والافتراءات واضحة في كذبها وتنافيها مع العقل، وتحذيرات السمع .
يذكر هذا الخبر أن آدم عليه السلام لعن الأرض، وليس للأرض ذنب يستدعي لعنها .
وقد روى أبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ” أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْعَنْهَا، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ وصححه الألباني في “صحيح أبي داود”.