منوعات

لماذا اختارت فرنسا المغرب لتأهيل أئمتها ؟

تعتبر زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى المغرب تأكيدا على التعاون الجديد بين البلدين، في برنامج محاربة التوجهات المتشددة للمتطرفين الإسلاميين و التنظيمات الإرهابية. و كان ذلك بتوقيع الرئيس الفرنسي و الملك المغربي لإعلان مشترك ينص على تكوين أئمة فرنسيين بهذا الهدف. و اختيار فرنسا لبلد المغرب حسب مراقبين لم يكن عشوائيا، و إنما له مبرراته.

لقاء الرئيس الفرنسي بالعاهل المغربي في المغرب يعزز التعاون الفرنسي المغربي لمواجهة الأفكار المتطرفة، التي تسعى الجماعات الجهادية إلى تعزيزها بين فئات متعددة في المجتمع الفرنسي، والتي ينجذبون بسهولة إلى هذه الأفكار بسرعة كبيرة، وهذا يرجع إلى عدة أسباب. وقد تم افتتاح معهد باسم محمد السادس لتأهيل الأئمة والمرشدين الإسلاميين، وهو تابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب، لمواجهة المهمات الأوروبية والأجنبية من عدة دول، بما في ذلك فرنسا، لتعليمهم دينا متسامحا يقبل التعايش في المجتمع مع بقية الفئات، وفقا للمرشدي.

بعد زيارتهما للمغرب هذا الشهر، وافق الرئيس الفرنسي والملك المغربي على إصدار إعلان مشترك يدعو إلى دعم تدريس الأئمة الفرنسيين والتشجيع على إسلام معتدل يعزز الانفتاح والتسامح. وبحسب مصادر فرنسية، يمكن لنحو 50 إماما فرنسيا الاستفادة من البرنامج الديني ودروس مدنية في هذا المعهد.

يتلقى الأئمة في هذا المعهد دروسًا دينية تتوافق مع حرية المعتقدات التي يضمنها الدستور الفرنسي والتاريخ العلماني للبلد، وفقًا لتصريحات على فرانس 24. وأشار فرانسوا هولاند إلى أن هؤلاء الأئمة سيكونون سفراء للإسلام في فرنسا ليظهروا أن الإسلام دين السلام.

و يعزو البعض الأفكار المتشددة المتطرفة إلى أن أغلب الدول أصبحت بعيدة عن الجوانب الدينية، خاصة تلك التي تدعم العلمانية كفرنسا. و وفق تصريح للوزير المغربي للتعليم العالي و تكوين الأطر في المملكة المغربية لحسن الداودي لقناة فرانس 24، قال “أن موضوع العلمانية جعل الدولة تهمش الدين، في حين أن الدين يعطى في أماكن أخرى لا تسودها الرقابة”، داعيا إلى مراقبة أماكن العبادة كونها تبعد الأفكار المتطرفة عن المساجد.

لماذا تم اختيار المغرب لتأهيل أئمة فرنسا؟
فيما يتعلق بسبب اختيار فرنسا للمغرب لتأهيل الأئمة، يؤكد أحد الباحثين في المجالات الإسلامية والدينية في تصريح صحفي أن المغرب يتميز كواحدة من الدول العربية المستقرة في المجال الديني وبعيدة عن النزاعات بين المؤسسات الدينية والسياسية. يعود ذلك إلى اندماجها في مملكة واحدة، بالإضافة إلى وجود جالية مغربية كبيرة في فرنسا والعلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين منذ أكثر من قرن، وهذا ما جعل الاختيار المغربي مطروحا في البرنامج الفرنسي.

كما يشير الباحث في نفس السياق إلى أن أول تجربة للإسلام في فرنسا كانت تجربة المغرب، حيث كانت المغرب أول بلد عربي إسلامي يبني مسجدا في فرنسا في عشرينات القرن الماضي و هو مسجد باريس ، في اعتبار أن هذا البرنامج المشترك هو اعتراف من فرنسا بدور المملكة التاريخي و أهميته في تدبير الشأن الديني النموذجي.

وأشار الباحث الكنبوري إلى أن المغرب كانت الدولة العربية الأولى التي قامت بإجراء إصلاحات في المجال الديني لأكثر من عشر سنوات، وهذه الإصلاحات أثمرت في توجه العديد من الدول إلى المغرب لتدريب أئمتها وتعيين أئمة مغاربة للعمل فيها، مثل اليمن وتونس وليبيا وغيرها، وكذلك فرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى، وبالإضافة إلى ذلك، يعمل المغرب على تأسيس مؤسسات دينية في الخارج تهتم بتعليم الدين واللغة العربية للجالية المغربية، مثل المجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج والمجلس العلمي للمغاربة في أوروبا.

الإسلام المعتدل
أصبح الحديث عن “الإسلام المعتدل” طاغيا، في محاولة من الدول الأوروبية لردع الجماعات الإرهابية التي تدعوا إلى التطرف، يلفه الغموض و يحتاج للتفسير في عقول المسلمين قبل الأجانب، بسبب الصورة المغلوطة التي تقدمها بعض وسائل الإعلام للخلط بين الإسلام كدين و الدين كأداة لتلبية أغراض سياسية محضة. فالإسلام ليس فيه ما هو معتدل وما هو غير معتدل فهو دين واحد في نهاية الأمر، لكن بعض التفسيرات للنصوص الدينية الخاطئة جعلت فئة معينة تعتمد عليها في تفسير الإسلام، فاقتضى ذلك التمييز بين الإسلام الحقيقي ب”الإسلام المعتدل” و بين التطرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى