نهوض ألمانيا
كان سبب نهضة ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية هو مشاركتها في برنامج إعادة الإعمار الأوروبي (ERP)، الذي يعتبر واحدا من أنجح برامج المساعدات الخارجية حتى الآن، والذي قامت بتمويله الولايات المتحدة الأمريكية. وكان هدف هذا البرنامج، الذي يدخل ضمن السياسة الأوروبية، هو جمع بين إعادة البناء الاقتصادي والاستقرار السياسي في أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، وكان مرتبطا باسم وزير الخارجية الأمريكي جورج سي مارشال.
كان ضمن برنامج الدعم تقديم حوالي 13 مليار دولار أمريكي لأوروبا في ذلك الوقت، ما يعادل حاليا 130 مليار دولار أمريكي، لتنشيط الاقتصاد العام في أوروبا وخاصة ألمانيا واليابان. هذا البرنامج كان جزءا من استراتيجية خطة مارشال لمواجهة التهديد الشيوعي وتعزيز الاقتصاد العالمي الليبرالي. لعبت ألمانيا الغربية دورا رئيسيا في ذلك.
في عام 1259، كانت ألمانيا ميدانا كبيرا للصراع في فترة الحرب الباردة، وفي ذلك الوقت، اعتبرت واشنطن أنه من الضروري تضمين الإمكانات الاقتصادية لألمانيا الغربية في جهود إعادة الإعمار الأوروبية. حتى اليوم، تحظى تلك الخطة التنموية بشعبية كبيرة في ألمانيا (خطة مارشال)، وذلك بسبب تحقيقها نتائج مهمة في الوقت نفسه مع برنامج ERP ونهضة ألمانيا الغربية. كما يعود ذلك إلى الترويج لبرنامج ERP والسياسة المتبعة لإحياء الذكرى وتعزيز خطة مارشال في الوعي الجماعي للألمان من قبل الحكومات الفيدرالية الألمانية.
ومن ضمن أسباب نهوض ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية هو قيام خطة مارشال باستهداف القيام بإعادة إحياء الصناعة الألمانية بسرعة، ومن ضمن المجالات التي دخلت الخطة التطويرية لألمانيا صناعة السيارات، الصناعات الميكانيكية، الكيمياء، والصناعة الإلكترونية وغيرها، وساعد ألمانيا في سرعة تطورها هو سمعتها الجيدة التي سمحت لها بالتصدير بشكل واسع، وكان سبب توفير فرص عمل الشباب هو تطور التعليم المهني.
نساء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية
للنساء الألمان، كانت أحداث الحرب العالمية الثانية حدثا تاريخيا هز العالم، لكنها دفعتهم نحو النمو والتطور. بالنسبة للعديد من النساء في ألمانيا، عانت بعد نهاية الحرب من الصعوبات والخوف. وكان بين هؤلاء النساء الألمان ناشطات سياسيات خشين من العقاب، وقد تم تعيين بعضهن كمشرفات في معسكرات مختلفة وحتى صعدت بعضهن إلى مناصب قيادية في السياسة. لم تعد نهاية الحرب بالنسبة للنساء الألمان بداية جديدة، فأسباب الحرب العالمية الثانية لم تنته بعد، والخوف لا يزال يملأ قلوبهن ببساطة لأنهن لم يتمكن من التخلص من آثار الحرب من حولهن، بالإضافة إلى الآثار النفسية.
بعد الحرب العالمية الثانية، حدثت أحداث غيرت مجرى العالم، ففي ألمانيا تغيرت النسبة الكمية بين الجنسين تماما بسبب ارتفاع عدد القتلى والأسرى من الرجال في الحرب، مما أدى إلى تغير في هيكل السكان في بعض الفئات العمرية. وبالتالي، ظهرت مواقف اجتماعية مختلفة للمرأة. وعلى الرغم من أن النساء كانوا جميعا معرضين بشكل متساو لتأثيرات الحرب، إلا أنهم تأثروا بطرق مختلفة
- اعتماداً على العمر الذي كانوا عليه
- وما شكل مشاركتهم السياسية.
- أينما كانوا يعيشون في ألمانيا، سواء تعرضوا لهجمات بالقنابل، أو هربوا، أو نزحوا.
- وما هي الحالة الاجتماعية لديهم.
- وما إذا كان عليهم رعاية الأطفال.
- وما هي الطبقة التي ينتمون إليها.
ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية
نهاية الحرب
تغيرت خريطة العالم بعد انتهاء الحرب في مايو 1945، حيث انهار النظام النازي الألماني الذي كان يقوده أدولف هتلر. وكانت ألمانيا في حالة من الدمار والخراب، إذ حكم هتلر الرايخ الألماني منذ عام 1933 وحتى عام 1945 باسم “الفوهرر” ومستشار الرايخ. وكان هتلر ديكتاتورا، حيث كان يمتلك كل السلطة على البلاد وحظر جميع الأحزاب التي تختلف عنه. ومن حقائق الحرب العالمية الثانية هو انتصار روسيا وأمريكا وإنجلترا وفرنسا في هذه الحرب. وكان كل ما يشغل هتلر هو ملاحقة خصومه وتجاهل حقوق الإنسانية، فقتل حوالي ستة ملايين يهودي وأعضاء من مجموعات سكانية أخرى. ولحسن الحظ، انتهى العهد الرعب الذي عاشه العالم مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وتم تقسيم ألمانيا إلى أربع مناطق: فأصبحت منطقة الاحتلال الروسي فيما بعد جمهورية ألمانيا الديمقراطية (GDR)، وأصبحت المناطق الغربية الثلاث التي احتلتها أمريكا وإنجلترا وفرنسا جمهورية ألمانيا الاتحادية (FRG) بعد ذلك.
الديمقراطية
عاشت ألمانيا صعوبات بعد الحرب العالمية الثانية حيث لم تكن لديها حكومة، وبالتالي احتاجت الدولة إلى إقرار قوانين ولوائح جديدة. كانت السلطات الاحتلالية في الجمهورية الفيدرالية تطمح إلى حكم البلاد بشكل ديمقراطي بعد فترة الديكتاتورية المروعة التي عاشتها البلاد في عهد هتلر. يعني الديمقراطية “حكم الشعب”، وتتيح الفرصة للمواطنين اتخاذ قرارات بشأن شؤون بلدهم. وفي إطار الديمقراطية، يجب وجود بعض القواعد واللوائح حتى يتسنى التعايش المشترك. وهذا يفسر لماذا معظم الدول تتبع دستورا ينظم جميع الأمور ويسهل التعايش المشترك ويحمي الحقوق.
دستور
تم إقرار القانون الأساسي في 23 مايو 1949 بسبب حاجة جمهورية ألمانيا الاتحادية لمجموعة من القواعد بعد الحرب العالمية الثانية. يحتوي القانون الأساسي على مبادئ الديمقراطية وينص على أن الشعب هو من يقرر مصير الدولة، وأن إرادة الأغلبية تتجسد في التصويت والانتخابات. وينص النص القانوني على أن كل سلطة في الدولة مستمدة من الشعب وتمارسها من خلال الأجهزة التشريعية والتنفيذية والقضائية الخاصة.
يتمثل دور الأجهزة في إنشاء القانون الأساسي الديمقراطي، ولكن دورها يتمثل أيضا في حمايته ومنحه السلطة. تنص إحدى القوانين على إمكانية المواطنين الألمان اتخاذ إجراءات ضد أي شخص يعرض الديمقراطية في البلاد للخطر. وبفضل هذه القاعدة، فإن الديكتاتورية التي شهدتها ألمانيا تحت حكم هتلر لم يعد من الممكن حدوثها. كما يتضمن القانون الأساسي العديد من القواعد المهمة الأخرى، مثل قوانين حقوق الإنسان الأساسية التي تحمي حقوق الأفراد داخل الدولة. وبما أنها ذات أهمية كبيرة، فقد تم تضمينها بشكل مباشر في المادة الأولى من القانون الأساسي التي تنص على أن “كرامة الإنسان مصونة”، وأن كل سلطات الدولة ملزمة بحمايتها واحترامها.
الحل المؤقت
في تلك الفترة وضع في الاعتبار أنه يجب أن يكون القانون الأساسي حلاً انتقالياً فقط. وهذا بسبب أن ألمانيا كانت مقسمة إلى شرق وغرب في عام 1949، وفي تلك الفترة أتفق السياسيون على النظر إلى القانون الأساسي باعتباره دستوراً مؤقتاً، وكان باعتقادهم أنه في وقت ما ستتم إعادة توحيد البلاد ومن ثم يمكن صياغة الدستور “الصحيح”.