كيف نشأت الفلسفة الإسلامية
أصل الفلسفة الإسلامية
يختلف أصل الفلسفة الإسلامية ومصدر إلهامها في الإسلام بشكل واضح عن أصول اللاهوت الإسلامي، حيث تطورت الفلسفة الإسلامية نتيجة لتطور العلوم العملية والنظرية غير الدينية المحيطة بها، ولم تأخذ الفلسفة الإسلامية الحدود النظرية بنظر الاعتبار بالمقارنة مع الحدود الخاصة للعقل البشري ذاته، ولذلك كانت لها أهمية كبيرة، وافترضت الفلسفة الإسلامية عدة نظريات، منها أنه يجب على الإنسان فهم الحقائق التي يستنتجها العقل غير المدعوم بشكل صحي لكي لا تتعارض مع حقائق الدين الإسلامي .
نجد ارتباطًا واضحًا بين الفلسفة الإسلامية وعلم اللاهوت، ومن الخطأ اعتبار الفلسفة خادمة لعلم اللاهوت كما يعتقد البعض، فكل من الفلسفة وعلم اللاهوت يسلكان الطريق الخاص بالبحث العقلاني، ويتميز كل منهما عن الآخر وعن العلوم الدينية التقليدية والتصوف أيضًا .
تقتصر الفلسفة عادة على المجتمع الإسلامي وتبقى منفصلة تماما عن الأديان الأخرى مثل المسيحية واليهودية، حيث تتبع سياقا ثقافيا محددا وتستخدم اللغة العربية كوسيط لغوي، ويعد انفصالها عن الأديان الأخرى أحد خصائص الفلسفة الإسلامية.
تعريف الفلسفة الإسلامية
تعد الفلسفة الإسلامية أحد أهم فروع الدراسات والعلوم الدينية، إذ تسعى إلى خلق وتوليد الترابط والانسجام بين الفلسفة، التي أسسها العقل، والإسلام الذي يعني العقيدة. وبمعنى آخر، تشير الفلسفة الإسلامية إلى تطبيق العقل في إطار الدين الإسلامي بقيمه ومعاملاته وأساسياته، والتي تشمل الإيمان بالله وبألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وبالملائكة والقدر والغيب، وغيرها من الأمور الهامة التي تمثل أساس العقيدة الدينية. وسنذكر في السطور القادمة أيضا عوامل نشأة الفلسفة الإسلامية.
مصادر الفلسفة الإسلامية
تتنوع الفلسفة الإسلامية بين الفلسفة الكلاسيكية والفلسفة الإسلامية المبكرة ، ورغم هذا التنوع فإن المصدر الأساسي لهم جميعا هو الدين الإسلامي ، المتجسد في الأفكار والمبادئ والتشريعات الصعبة المأخوذة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، والفلسفة اليونانية التي انتقلت إليها المسلمون الأوائل من الصحابة والسلف الصالح ، نتيجة الفتوحات عندما أصبحت الإسكندرية وسوريا وجنديسابور تحت حكم الإسلام ، وتحكمها بقوانين الشريعة الإسلامية ، وقبل الشريعة الإسلامية كانت الفلسفة الإيرانية والهندية واليونانية وأساطيرها الخيالية هي المشهورة ، وتركز معظم الحوارات الفلسفية الإسلامية المبكرة على ربط الأفكار العقلانية بالدين ، وهذا ما تم تجسيده في الفلسفة اليونانية ، يمكن تمييز تيارين رئيسيين في فلسفة الفكر الإسلامي المبكر ، الكلام الذي يتعامل أساسا مع الأسئلة اللاهوتية ، والفلسفة التي تأسست على تفسير الفلسفة الأرسطية والأفلاطونية المحدثة ، منذ القرن التاسع وما بعده ، وبفضل الخليفة المأمون وخليفته ، تم إدخال الفلسفة اليونانية بين الفرس والعرب ، ووجدت المدرسة المتجولة تجسيدا في الكندي ، والفارابي ، وابن سينا ، وابن رش .
نشأة الفلسفة الإسلامية
من الصعب جدا تحديد متى بدأت الفلسفة الإسلامية، وذلك لأن الإسلام واجه منذ نشأته مشاكل لاهوتية وقانونية كبيرة، وهذه المشاكل كانت بمثابة مسائل فلسفية، وتم استخدام الحجج والبراهين الفلسفية لتوضيح ماهية هذه المشاكل ومغزاها، على سبيل المثال، كان هناك نقاشات حادة في وقت ما حول قبول اللغة التي تصف الإله، وكيفية إدارة الكون وأدوات الملائكة وتصميم حياة البشر. وبدأت الفلسفة الإسلامية بمعناها المكمل في القرن الثالث من الهجرة، وكانت الهجرة عندما انتقل نبينا ورسولنا الكريم محمد عليه أفضل السلام إلى يثرب في المدينة المنورة للعيش بها بدلا من مكة المكرمة التي هي مسقط رأسه. وذلك لبناء مجتمع إسلامي سياسي يعلم الناس الدين وتكون المدينة منبع انتقال الإسلام لجميع العالم. وبعد ذلك تفوقت الدولة العباسية على الدولة الأموية في الحركة الشرقية للإمبراطورية الإسلامية، مع انتقال العاصمة من دمشق إلى بغداد. وبحلول هذا الوقت أيضا، سيطر الإسلام على مناطق مثل مصر وسوريا وبلاد فارس، وجميع الأماكن التي كانت منغمسة تماما في الثقافة اليونانية. وسعى الحكام الجدد إلى تطبيق التعلم الموجود في الإمبراطورية لأغراضهم الخاصة، وكان الكثير من هذه المعرفة عمليا للغاية، حيث تستند إلى الطب وعلم التنجيم وعلم الفلك والرياضيات والهندسة. وقد أسس الخليفة المأمون بيت الحكمة، والتي كانت بمثابة مرصد، والأهم من ذلك، كمكتبة ومركز لترجمة النصوص اليونانية إلى العربية، وكان العديد من المترجمين من المسيحيين الذين ترجموا النصوص أولا من اليونانية إلى السريانية ثم إلى العربية. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك تأثير مهم للأدب الهندي والفارسي على اللغة العربية، والذي كان له تأثير على تطور الفلسفة الإسلامية، وهذا ما يمثل الفلسفة الإسلامية وعوامل نشأتها .
أشهر فلاسفة المسلمين
- الفارابي (872 – 950)
كان الفارابي أكثر ما يهتم به في كتاباته الكون ونشأته والرياضيات والعلوم ، والنظريات الموسيقية والفلسفة الإسلامية ، وغير ذلك من مجالات العلوم المتنوعة التي كانت تجعل الفلاسفة والعلماء لا يكفوا عن البحث والتنقيب واستنتاج النظريات ولديهم اعتقاد راسخ أن العلم هو أحد أهم أهداف وجودهم على قيد الحياة .
في دراسته للمفهوم الأرسطي لـ `السبب الأول`، الذي يشرح كيف بدأت الكون الجميل، والذي لا يمكن تجزئته، وصل الفارابي إلى أساس التوحيد باستخدام الروح الخاصة بأرسطو .
- ابن سينا (980-1037)
في الوقت الذي كان يطلق على ابن سينا أنه والد الطب ، فقد قام بنشر عدد لا بأس به من الأعمال الفلسفية التي آثرت في الناس بشكل كبير ، وكان دائما آراء لأرسطو تكون نقدية ، ومثال على ذلك يرى ابن سينا أن كتابات أرسطو عن الاستدلال الاستقرائي كوسيلة لتعريف الحقيقة شيء مبتذل للغاية.
كان ابن سينا متشابهًا مع الفارابي في كثير من الأشياء، مثل تعليقه على وجود الرب، وتمييزه بين الجوهر والوجود .
- الإمام الغزالي (1058-1111)
كان الغزالي يصف نفسه دومًا بأنه عالم ديني أكثر من أن يكون فيلسوفًا، وعلى الرغم من ذلك، كان من الضروري بمكان ذكره كواحد من أشهر الفلاسفة المسلمين، لأنه كان يهدف دائمًا إلى نفي تفسيرات الفلاسفة السابقين وفصل العلاقة بين الإله والمنطق .
ومن خلال كتابه `تناقض الفلاسفة`، ادعى الغزالي أنه باستخدام فلسفات اليونانيين حول الميتافيزيقيا كأساس لأنفسهم، ارتكب الفلاسفة مثل ابن سينا البدعة، ادعى الغزالي أن الأفكار مثل ضرورة وجود الله تتعارض مع الوحي، قال الغزالي لم تكن القوانين الطبيعية هي التي تحكم السببية، ولكن إرادة الله العقلانية هي التي تمكن الكون من العمل بطريقة يمكننا من فهم القواعد وفك رموزها، الله غير ثابت بهذه القواعد، لذا فإن محاولة إثبات وجوده من خلالها أمر غير مجد .