كيف رسم الادريسي خريطة العالم ولماذا كانت مقلوبة ؟

توجد خرائط العالم منذ الآلاف من السنين، ومع الزمن أصبحت الخرائط ذات أهمية كبيرة للغاية، وخاصة إذا كنت تريد معرفة مكان بلد ما. فالخرائط أعطت شكلا لتلك الكرة التي توجد في الفضاء، وكان الإدريسي أول من رسم خرائط، وذلك في عام 1154م، وكانت هذه أول خريطة معتمدة، لكن الغريب أن الخريطة كانت مقلوبة.

الشريف الادريسي

الشريف الإدريسي، وهو محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس، كان واحدا من أهم علماء الجغرافيا والفقهاء في العصر الإسلامي الحديث، ولد في المغرب عام 1100 م، وانتقل إلى الأندلس، وانقطعت الأخبار عنه بعد سقوط الأندلس، وبعد ذلك ظهر في صقلية، ولم تتوفر أي معلومات أخرى عن حياته وشبابه، ولكن قد قام برسم الخريطة الأولى في العالم التي تظهر معالم الأرض، ولكنها كانت مقلوبة بشكل رأسي على عقب مقارنة بالخرائط الحالية.

اول خريطة في العالم

رسم الإدريسي أول خريطة للعالم أثناء تواجده في جزيرة صقلية، وذلك بناء على طلب ملك صقلية روجر الثاني الذي أعطاه مبلغا كبيرا من المال ليتجول حول العالم ويقوم برسم الخريطة.

رحلة رسم الخريطة

بدأ رسم الخريطة في عام 1138 ميلادية واستغرق عملها خمسة عشر عاما حتى انتهى منها في عام 1153 ميلادية، حيث وصلت إلى مدينة باليرمو التي نشر فيها الإدريسي أول خريطة للعالم. كانت الخريطة دقيقة للغاية واستخدم الإدريسي خطوط الطول والعرض وقسمها إلى سبعة أقسام مدارية متساوية. ومع ذلك، وضع الجنوب في الجزء العلوي من الخريطة والشمال في الجزء السفلي، وهذا يختلف تماما عما نراه في الخرائط الحديثة اليوم.

لماذا كانت الخريطة مقلوبة

شهدت الخرائط تغيرات كثيرة عبر الزمن، وربما الخريطة الحالية هي المقلوبة وليست خريطة الإدريسي، فبعد حوالي ثلاثة قرون من وفاة الإدريسي، جاء أورانيوس فين وهو عالم في الفلك والرياضيات ليقدم رأيه المختلف عن رأي الإدريسي. وقد عكست خريطة فين الكثير من الشك في ذلك الوقت، حيث عكست الحالة المعرفية والافتراضية، وتم ربط أمريكا الشمالية بآسيا وضم القارات الكبيرة، التي عرفت باسم الأرض الجنوبية، إلى الجهة الجنوبية. وكانت تلك مجرد قارة افتراضية قد افترضها الجغرافيون لمعادلة الكتلة الأرضية الشمالية.

لذلك، ستجد الكثير من الاختلافات بين خريطة الإدريسي والخرائط التي تم إنتاجها بعده والتي عمل عليها الجغرافيون البارزون. لقد ظل الجغرافيون لفترة طويلة مشتتين بين الجنوب والشمال، ولكن هذا لم ينقص من قيمة خريطة الإدريسي أو من غموضها الذي أحاط بهذه العملية بشكل عكسي. وبشكل عام، أصبحت الخرائط غير مهمة بالنسبة للإمبراطوريات التي كانت تسعى لتوسيع أراضيها بشكل كبير ولا تهتم بالحدود والخرائط وغيرها من الأمور.

هل الخرائط وجه اخر للهيمنة

انه في عام 1507م، قد ظهرت الأميركتين لأول مرة على الخرائط في العالم، وكان ذلك من خلال الخريطة التي قام برسمها عالم الخرائط الألماني مارتن فالدسميلر، وهو أيضا كان اول من قام بأطلاق اسم أمريكا عليها اقتباس من اسم اميركو فيسبوشي، وهو كان بحار إيطالي كان يعمل تحت حكم مملكة البرتغال وأيضا مملكة قشتالة.

لكن بعد ذلك بحوالي أربعمائة عام، قامت أمريكا بالتطوع لرسم خريطة العالم وجعلت نفسها في أعلى جزء من الخريطة، وجعلت مساحة قارة أفريقيا تبدو أصغر حجما، في حين وضعت قارة آسيا في الجزء السفلي واليمين من الخريطة. تمت ملاحظة ذلك بوضوح من قبل كل من رآى تلك الخريطة.

تماما كما لدولة اليابان خريطتها الخاصة، فقد وضعت اليابان نفسها في قلب العالم بحيث تجد أن جميع القارات بعيدة عنها ولا يوجد أي صلة بينها وبينهم.

علم الجغرافيا السياسية

في عام 1904، بدأت علم الجغرافيا السياسية بفضل الإنجليزي هالفورد، حيث ظهرت قارتا أمريكا وأوروبا بوضوح على الخريطة، وذلك بسبب الهيمنة السياسية والاقتصادية التي كانت سائدة في ذلك الوقت، والتي تم تصويرها بشكل واضح من خلال علم الجغرافيا السياسية.

وهنا جعلت قارة أوروبا مركز العالم، وبعض الخرائط الأخرى تصور أمريكا هي قلب العالم أو اليابان، لذلك لن تجد أحد يتفق على شكل العالم.

أتفق مع الأدريسي في خريطته العالمية Stewart McArthur، الذي رسم خريطة العالم بالمقلوب في أواخر القرن الماضي، حيث كان الهدف من ذلك هو إظهار أن لكل شيء وجهات نظر مختلفة، وأنه يجب أن تخرج السياسة من الخرائط.