كيف تكون التوبة من الكبائر
توبة تعني أن يعترف العبد بالذنب الذي ارتكبه ويكون عزمه على ترك تلك الخطايا والامتناع عن العودة إليها بشكل نهائي. وهذا من أجل ديننا الكامل والسلوك الحسن والإسلام الجميل. فإن الجوع لإرضاء الخالق العظيم والوفاء بحقوقه والابتعاد عن ما يكرهه هو جزء من كمال الدين، سواء ظاهرا أم خفيا. واتفق علماء وفقهاء الدين الإسلامي على أن صلاة التوبة هي شرعية، وتصلى بأداء ركعتين يقوم بها العبد بمفرده وليس في جماعة، إذ تعتبر سنة مؤكدة. ولكي تكون التوبة مقبولة في حالة ارتكاب ذنوب كبيرة، هناك شروط يجب اتباعها، ولا يجب أن يكون هناك عائق يمنع تلك الشروط، وقد أوضح ديننا الإسلامي ذلك في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
كيف تكون التوبة من الكبائر
صلاة التوبة
صلاة التوبة تعرف في الشريعة الإسلامية باسم آخر وهو صلاة الاستغفار والتي لا تعد من بين الصلوات المفروضة ولكنها مستحبة عند الله والتي قد هجرها الكثير من المسلمين في الوقت الحالي على الرغم من عظم ثوابها وفضلها في حياة العباد وهي صلاة يقوم بأدائها من يرغب في التوبة عن ذنب قد قام باقترافه والرجوع إلى طريق الحق، وهو ما تحدث عنه رب العباد في سورة النور الآية 31 (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
فقد ربط الله جل وعلا الفلاح في الدنيا والآخرة بالتوبة وهو ما ورد في سورة طه الآية 83 (إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)، حيث يكون المسلم قد وقع في الذنب صغيراً كام أم كبيراً ويرغب في التوبة عنه على الفور وحينها يتوجه إلى صلاة هاتين الركعتين متوسلاً بها إلى الله سبحانه لكي يقبل توبته ويغفر ذنبه والتي قد ورد عن الأئمة الأربعة (أحمد بن حنبل، الشافعي، أبي حنيفة، ومالك) أنها صلاة مشروعة مستحبة.
كما وردت نشروعية صلاة التوبة في السنة النبوية المطهرة حيث ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
يمكن أداء صلاة التوبة النافلة في أي وقت من اليوم، وليس هناك وقت محدد لأدائها، وأوقات النهي الخمس هي:
- الوقت الأول: ينصح بالاستغفار والدعاء بعد صلاة الفجر وحتى طلوع الشمس، وذلك وفقا لقول الإمام أبي حنيفة.
- الوقت الثاني: منذ بزوغ الفجر حتى ارتفاع الرمح.
- الوقت الثالث: – منتصف النهار حتى غروب الشمس.
- الوقت الرابع: عقب صلاة العصر حتى مغرب الشمس.
- الوقت الخامس: عند غروب الشمس، لا يزال هناك وقت لغروبها.
دعاء التوبة من الكبائر
تعتبر التوبة من الأمور المحبوبة لدى الله تعالى، وذلك كما ذكر الله في سورة البقرة الآية 222 (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين). ولمن يرغب في أن يتقبل الله توبته، عليه أن يتبع الشروط الصحيحة للتوبة وأن يتم ذلك دون وجود أي مانع. كما يمكن أداء صلاة التوبة وترديد الاستغفار بأساليب مختلفة، ويمكن الاستعانة بأدعية التوبة الكبيرة
- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعاً، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ).
- يتضمن الدعاء: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، وأعترف لك بنعمتك علي، وأعترف بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
- من أفضل الصيغ للاستغفار هو سيد الاستغفار الذي ورد عن النبي الحبيب، حيث قال صلى الله عليه وسلم: `سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.` وأكمل الحبيب المصطفى قائلا: `من قالها في النهار موقنا بها ثم مات في يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها في الليل ومات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة.
علامات قبول التوبة من الكبائر
لايمكن للشخص الذي تاب عن الكبائر، وخاصة فعل الزنا، أن يتأكد من قبول توبته من الله تعالى بشكل قطعي، ولكن هناك بعض العلامات التي يمكن أن تشير إلى ذلك، وقد يشعر بها الشخص في قلبه، ومن بين هذه العلامات الآتي:
- الندم الشديد يسبب صدمة عاطفية تؤثر على القلب والصدر ويسبب الألم والحرقة، بسبب الشعور بالندم على ارتكاب ذنب.
- إذا نظر الإنسان إلى نفسه بطريقة مقصرة وهو مذنب في حق خالقه، وإذا لم يصل إلى قلبه ونفسه ذلك الشعور، فإنه لم يتوب بحق.
- امتنع عن جميع الطرق التي قد تؤدي إلى العودة إلى الخطيئة التي توبت عنها، وابحث عن الطرق التي تقود إلى الاستقامة.
- يتمثل الإقبال على الله تعالى في حب أداء العبادات والشعور بأنها خفيفةٌ على القلب وليست ثقيلةً.
- يشعر المتوب بأن الله تعالى قد بارك له في حياته ورزقه وماله، وأنه يسهل عليه التوبة ويبعد بينه وبين الطريق الذي يؤديه إلى الخطيئة.