كيف يتم صنع خرائط القمر
يستخدم علماء الكواكب مركبة الاستطلاع المدارية Lunar Reconnaissance Orbiter لإعداد خرائط مفصلة للقمر، وتلك الصور الرائعة التي تظهر في الكتب المدرسية وعلى الإنترنت وهي في كل مكان لدرجة إنه نادرا ما يخطر ببالنا أن نسأل “كيف تم ذلك؟” رسم الخرائط الجيولوجية للكواكب
كما علمت، ليس مجرد نتيجة لخوارزميات حاسوبية ذكية ترسم الصور على مجالات سلكية (على الرغم من أن أجهزة الكمبيوتر لها مكانها)، بدلا من ذلك، تعمل الأيدي البشرية بشق الأنفس على تنقيح مثل هذه الخرائط، وهذا حسب قول بعض العلماء عن رسم خرائط القمر والأجرام السماوية الأخرى.
الخرائط ضخمة
تعتبر التفاصيل التي تم التقاطها بواسطة Lunar Reconnaissance Orbiter غير عادية، حيث يمكنها حتى التركيز على ممرات المشاة القمرية التي تركها رواد الفضاء أثناء تنفيذهم لمهمتهم على سطح القمر، وعندما وضعت الصين مركبة على سطح القمر في عام 2013، استخدم علماء الكواكب LRO لتتبع تقدم المسبار ومواجهة الشكوك التي كانت موجودة بشأن المعلومات الصادرة عن الحكومة الصينية، ومن المؤكد أن مركبة الهبوط Chang’e 3 هبطت وتم التعرف على العربة الجوالة Yutu.
يترتب على هذا المستوى من التفاصيل تكلفة عالية، إذ يمكن أن تكون ملفات الخرائط ضخمة جدا، ويمكن أن تبلغ سعة ملف واحد لساعة “خرائط عالمية” مائة متر لكل بكسل حوالي 20 جيجابايت، وإذا تم عرض خريطة واحدة للقطب الشمالي للقمر، فإنها ستكون عبارة عن فسيفساء تتكون من آلاف الصور المنفصلة بحجم 3.3 تيرابايت (لشريحة صغيرة من القمر)، فما هو حجم هذا؟
عندما تقوم بطباعة الخريطة، فإنها ستغطي ملعبا لكرة القدم. تم إنشاء خريطة القطب الشمالي للقمر بمساعدة برنامج يسمى البرنامج المتكامل للصور ومقاييس الطيف. كانت هذه مهمة صعبة، وكان على علماء الكواكب التعامل مع تقارب خطوط الطول وقضايا الإضاءة المتواجدة في رسم الخرائط. وثبت أن تحقيق توازن الإضاءة بشكل خاص يشكل تحديا ولكنه ضروري لضمان الدقة.
الحاجة إلى عقل بشري
تعد أجهزة الكمبيوتر ممتازة في تجميع الخرائط من مصادر الصور، ولكن المنتج النهائي ليس دائما قابلا للاستخدام، والسبب في ذلك هو أن أجهزة الكمبيوتر لا ترى الصور بل ترى قيم البكسل فقط. ويمكن للعقل البشري حل بعض مشكلات رسم الخرائط التي قد تعجز أقوى أجهزة الكمبيوتر عن حلها في ثوان فقط، بفضل قدرته الخارقة على التعرف على الأشياء بشكل صحيح تماما
يتطلب عمل رسم خرائط لكواكب أو كويكبات أو أقمار جهدًا دقيقًا ومثاليًا من قبل العلماء، وذلك للحصول على بيانات قابلة للاستخدام في مجال علم الكواكب الأوسع.
مسح الأجرام السماوية ليس مثل Star Trek
يستخدم رسم الخرائط الجيولوجية للعوالم الأخرى في بعض الأحيان التحليل الطيفي الفلكي لقياس الإشعاع الكهرومغناطيسي، حيث تقوم الأجهزة الموجودة على الأقمار الصناعية والمدار بجمع البيانات من الأجرام السماوية لرسم خرائط لأشياء مثل المعادن في الصخور والتربة، ومن أجل تفسير هذه البيانات بشكل صحيح، يحتاج العلماء إلى إجراء قياسات معملية للمقارنة
توجد تحيزات في القياسات المختبرية التي تتم على الأرض بسبب تأثير هذا الكوكب، وذلك لزيادة الدقة. حيث يقوم الجيولوجيون بتعديل الظروف واستخدام غرف قادرة على تحمل الضغط والحرارة والغلاف الجوي لمحاكاة الظروف الفعلية والحصول على نتائج أكثر تشابها مع الأقمار الصناعية المستخدمة في القياسات، مثل مركبة المدارية للاستطلاع القمري.
إن إنشاء أطياف المختبر هو عمل بطيء ودقيق، وهناك الكثير من العمل الذي يتطلب وصف آلاف المعادن المختلفة التي تم معايرتها باستخدام البيانات المأخوذة من المدارات. بالإضافة إلى ذلك، يجب على علماء الكواكب أن يهتموا بتوافق آدوات المشاهدة مع موقع الشمس وسطح القمر، حيث يمكن أن تحدث اختلافات، ويجب على علماء الكواكب تفسير كل هذه التغيرات.
تتغير أجسام الكواكب كثيراً
يستخدم علماء الكواكب مقياسا لكثافة الفوهة، وهو عدد الحفر في نطاق حجم محدد في منطقة معينة، لتقدير عمر سطح القمر بشكل نسبي. وتحتوي الأسطح القديمة على مزيد من الحفر بالمقارنة بالأسطح الأصغر سنا. ومع ذلك، عند حساب العمر النسبي لسطح القمر، لا تكون جميع الحفر متساوية
يوجد “حساب العمر التمهيدي” و”حساب العمر الثانوي”؛ حيث يتم حساب العمر التمهيدي عندما تتصادم الأجسام بالقمر كما هو متوقع، ويعتبر العمر الثانوي هو نتيجة حطام الحفر التي تم إنشاؤها بواسطة العمر التمهيدي (فكر في الحجارة التي تتخطى الماء)، وتتميز الثوابت الواضحة بأشكال مميزة وغالبا ما تتداخل أو تؤدي إلى نمط متعرج، ويجب إزالتها من الحفرة .
انهيارات أرضية على القمر
أصبح رسم خرائط القمر أكثر صعوبة لأن وجه القمر يتغير دائماً وهذا هو السبب في إن المركبة المدارية الاستطلاعية القمرية أثبتت أهميتها حيث تكشف كل مجموعة بيانات LRO أساساً عن قمر جديد تماماً في الفترة ما بين بداية مهمة LRO واليوم حيث كان هناك أكثر من 10000 تغيير سطحي سجله علماء الكواكب
كما تسمح بيانات LRO حول التغييرات السطحية للعلماء بتقييد تدفق التأثير على القمر وهذا يعني إن الأعمار المشتقة من تعداد الحفرة أصبحت دقيقة بشكل متزايد حيث يتعلم العلماء تدفق الأجسام المؤثرة وإنشاء الحفر في مقياسنا الزمني الحالي بسبب بيانات LRO ونعلم الآن إن سطح القمر ديناميكي.
هل القمر مخطط بالكامل
تم لأول مرة رسم خريطة شاملة لسطح القمر وتصنيفها بشكل موحد من قبل علماء من مركز علوم الجيولوجيا الفلكية USGS بالتعاون مع وكالة ناسا ومعهد الكواكب القمرية. ستكون الخريطة القمرية المسماة “الخريطة الجيولوجية الموحدة للقمر” خطة نهائية لدراسة جيولوجية سطح القمر للبعثات البشرية المستقبلية، وستكون لها قيمة كبيرة للمجتمع العلمي الدولي والمعلمين والجمهور العام. يمكن الوصول إلى الخريطة الرقمية عبر الإنترنت الآن، وتعرض بشكل مفصل جيولوجيا القمر بتفاصيل مدهشة.
لإنشاء الخريطة الرقمية الجديدة استخدم العلماء معلومات من ست خرائط إقليمية من عصر أبولو جنباً إلى جنب مع المعلومات المحدثة من بعثات الأقمار الصناعية الأخيرة إلى القمر حيث تم إعادة رسم الخرائط التاريخية الحالية لمواءمتها مع مجموعات البيانات الحديثة وبالتالي الحفاظ على الملاحظات والتفسيرات السابقة
بالإضافة إلى دمج البيانات الجديدة والقديمة، قام باحثو الهيئة الجيولوجية الأمريكية بتطوير وصف موحد للطبقات الصخرية على سطح القمر، مما حل المشكلات التي كانت تواجه الخرائط السابقة، حيث كانت أسماء وأوصاف وأعمار الصخور غير متسقة في بعض الأحيان.
جاءت بيانات الارتفاعات للمنطقة الاستوائية للقمر من الملاحظات المجسمة التي جمعتها كاميرا Terrain في مهمة SELENE (المستكشف السيلاني والهندسي) الأخيرة بقيادة JAXA وكالة استكشاف الفضاء اليابانية حيث تم استكمال طبوغرافيا القطبين الشمالي والجنوبي ببيانات مقياس الارتفاع Lunar Orbiter Laser من وكالة ناسا.
تظهر إسقاطات للخريطة الجيولوجية الموحدة للقمر جيولوجيا الجانب القريب من القمر على اليسار والجانب البعيد على اليمين، مع تضاريس مظللة من مقياس الارتفاع بالليزر المداري القمري (LOLA). تم إعداد هذه الخريطة الجيولوجية من خلال تجميع ست خرائط جيولوجية إقليمية لحقبة أبولو وتحديثها باستخدام بيانات من بعثات الأقمار الصناعية الأخيرة، وستكون هذه الخريطة مرجعا لعلوم القمر والبعثات البشرية المستقبلية إلى القمر.