كيفمنوعات

كيف ترتقي الامم ؟ “

كيف ترتقي وتتقدم الأمم

إن الإجابة على سؤال كيف ترتقي الامم ؟ ” يقتضي التفكير في الأسباب التي ترفع من أمم وتحط من شأن أخرى، والتي رصدها العلماء والمختصين من أخصائي وعلماء الاجتماع وغيرهم من فروع العلم المختلفة، حيث أن هذا الأمر لا تختص به فئة بعينها ولا فرع علم بمفرده، لأنه يعود على المجتمع ككل، ويؤثر ويتأثر به الجميع.

قديما، كانوا يقولون: `بالعلم ترتقي الأمم، وبالأخلاق تسود`. وتعود فكرة هذه المقولة إلى أهمية كل من العلم والأخلاق، وأنهما يتشكلان معا لتحقيق الارتقاء. وتعد العناصر التالية هي التي تحقق ارتقاء الأمم: الأخلاق، والعلم 

  • العدل والمساواة

العدل والمساواة هما الجناحان اللذان يساعدان الأمة على التقدم، فلا يمكن لأي أمة أن تتقدم بالظلم والافتراء والتعذيب لأفرادها، ولا يمكن لها أن تحقق الرقي والاستمرارية إلا من خلال المساواة بين أفراد الشعب عمومًا.

يعتبر العدل بابًا للرضا والشعور بالإيجابية تجاه الأمة وأفرادها، فإذا لم يكن هناك عدل فإنه يضيع كل شيء، وتسقط الأمة في ظلام الظلم وينتشر اليأس، ولذلك لا يوجد يائس أو مظلوم يستطيع أن يرفع من شأن أمته إذا كانت لا تمتلك العدل.

 ويفقد المرء حماسته، ودوافعه تجاه أمته، وعلى العكس من ذلك قد يلجأ إلى تخريب الأمة ، ومحاولة هدمها، وما لعوامل الإرهاب المنتشرة سبب أشد من وقوع الظلم وغياب العدل وانتفاء المساواة بين الجميع،ذلك لأن ميزان العدل إذا مال مالت معه الامم حتى انهارت وإذا أقيم واعتدل ارتفعت معه ومع باقي الأجنحة الأمة ونهضت.

المساواة هي أحد عوامل القضاء على الفساد، حيث إن عدم المساواة في الحقوق والواجبات هي إحدى صور الفساد، فإذا شعر الشخص بأنه غير متساو في الحقوق والواجبات بينما لا يوجد سبب أو داع وكل الأمر يعود إلى نفوذ البعض أو المحسوبية، أو الواسطة، أو الرشوة، فقد يجد الشخص نفسه عاجزا عن المضي قدما طالما لم يتمكن من تحقيق المساواة مع الآخرين.

ويصبح يقين الفرد أن الارتقاء الشخصي ليس بعمله ولا علمه ولا خلقه وأنما مرهون بعوامل أخرى لا يد له فيها، بالتأكيد سيتوقف عن المحاولة ، بل وقد يترك الأمر كله ، وما الهجرات للعقول العلمية عنا ببعيد بحثًا عن فرص أفضل، وينطبق الأمر على مجموع الشعب كله لتصبح النتيجة إما هجرة حقيقية أو هجرة نفسية.

  • رفع الجهل وإعلاء القيم

الجهل هو العدو الأول لأي أمة، ويتغير مفهوم الجهل مع تغير الزمن. في الماضي، كان الجهل يعني أمية القراءة والكتابة، ومع التطور والتقدم، أصبح الجهل يشمل عدم امتلاك المعرفة العلمية، وفي الوقت الحاضر، أصبح الجهل يعني عدم معرفة التكنولوجيا والسباق الذي تشهده. كيف يمكن للأمم التقدم يوما بعد يوم في المعرفة والتقدم وكل ما هو جديد، بينما يستهلكها شعوب أخرى بدون استفادة؟ هناك العديد من الأمثلة في الحياة، على سبيل المثال، مواقع التواصل الاجتماعي التي يقضي الشباب ساعات عديدة عليها، بينما يستفيد أصحابها الذين يكسبون من وراء ذلك.

لا يقتصر الأمر على ضياع الوقت والاستفادة منها، بل يتعلق الأمر بالمفاهيم التي تترسخ في النفوس والعقول، والثبات الذي تعيشه الأمة بدون تطور أو تقدم، والاكتفاء بالاستهلاك الذي يقدمه الآخرون دون أي مساهمة أو تدخل إلا بعض المحاولات الفردية القليلة.

ترتقي الأمم عندما تعزز القيم الدينية والإنسانية، نظرًا لأن تلك القيم هي الأساس في البناء الخلقي والنفسي والشخصي للفرد، وفقدانها يعني فقد القدرة على تحقيق التقدم والرقي للمجتمع، ويتحول المجتمع إلى مجتمع مادي بحت يناضل من أجل المصلحة الشخصية.

حتى الأمم التي لا تعترف بدين لها، فهي لا تستغني عن القيم والأخلاق على مستوى المجتمع، لأنها تعلم جيداً مدى حاجة وجود رادع نفسي وقيمي للشخص، وإلا تحول المجتمع إلى العصر الحجري يقاتل أحدهم الأخر للحصول على قطعة لحم، ولا مانع من القتل والسرقة والتدمير إذا كانت بعيد عن أعين القانون أو بالتحايل عليه.

إن وقف الصراعات والنزاعات القمعية بين الناس والعمل على رفعة الأمة بشكل عام، من خلال الالتزام بالأخلاق والقيم المستمدة من الدين أو الأعراف والإنسانية ونظم المجتمع، هو ما يعود بالنفع على الجميع ويساعد على تحقيق الفائدة العامة للمجتمع بدلاً من المصلحة الذاتية للفرد.

ارتقاء الأمم ومبادئ المسؤولية والحرية

المسؤولية هي شعور الفرد بأنه مسرول ليس عن نفسه وعن أهله فقط، بل مسؤوليته عن المجتمع الذي يعيش فيه وعن أمته التي هو جزء منها، إن هذا الشعور بالمسؤولية بصيغته الأعم لهو دافع ومحرك لكل ذي علم وموهبة وإبداع أن يقدم للأمة خير ما لديه، غافلاً عن المردود الشخصي، وساعيًا لتعميم النفع والفائدة للأمة جميعها.

الحرية ترتبط ارتباطا كاملا بالمسؤولية، ولا يمكن فصل أيا منهما عن الآخر. فالحرية المطلقة بدون ضوابط تنظمها تكون سببا في تدهور الأمم وانهيارها، وكذلك تقييد الحرية تماما يكون أيضا سببا في انهيار الأمة وضياعها. هذا لأن الحرية بدون ضوابط بالضرورة تؤدي إلى فساد في المجتمع. يمكن أن ترتفع الأمة ماديا بشكل سطحي ولا معنى له ولا قيمة، بينما يتمتع أفرادها بحرية مدمرة لا تحترم الأخلاق ولا تخضع لأي قيود. وهذا ما يعيشه العديد من الأمم الغربية، التي تسعى إلى تقييد تلك الحرية قدر الإمكان لتجنب سلبيات الحرية غير المنظمة.

تعتبر الحرية السياسية وحرية الرأي، بدون قيود أو أخلاقيات، من الأمور التي تعكس رفعة الأمم، وكذلك الحرية الاقتصادية، وكلها حريات تمنح الخير والتقدم، ولكنها لا تتداخل مع الدين والقيم، حيث إنه لا يمكن لأية أمة أن ترتقي دون وجود قيم وأخلاق.

مسار ارتقاء الأمم

تتحمل مسارات الارتقاء العديد من العوامل والعناصر المختلفة التي تحتاج إلى تناصر الجميع وتحمل بعض الواجبات، وتعتبر ارتقاء الأمة هو التحدي الذي يواجه أي أمة هبطت في مسيرتها أو انتكست وضاع مجدها

  • يجب على الحكام، المنوط بهم مراقبة الأمة، الاعتماد على المختصين في علوم الاجتماع والدين والوقوف على أحوال الأمم، والعمل عن طريق الأعلام والمدارس والمنظمات الاجتماعية لتحقيق نهضة الأمة ورقيها.
  • تتمثل المسؤولية المجتمعية للشعوب في السعي لتقديم أفضل ما لديها من الإنتاج الأخلاقي والعلمي والأدبي والسياسي، لرفع مكانة أمتها في مجتمع الدول وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة ولأنفسها.

بالعلم والعمل ترتقي الأمم

قد يكون الجواب على كيفية ترقية الأمم هو العلم والعمل، ولكن هذه الشعارات أصبحت غير ملموسة للأجيال الجديدة، وتحتاج إلى إعادة فهم وصياغة وتطبيق لتلك الشعارات.

فما عادت تكفي كتابتها في مواضيع إنشاء ووضعها على جدران حوائط المدارس، أو كتابتها في مقالات وصحف  ، فلا عاد الجيل يقرأ، وما من شيء يدفعه للنظر بدلاً من هواتفهم إلى حائط حتى وإن كان ملون ومزين، نعم بالعلم والعمل ترتقي الأمم ، لكت رسم الطريق للعلم وتوضيح مفهوم العمل الجاد الحقيقي ، يحتاج من أي أمة تسعى للرقي ، عمل جميع المختصين على تعزيز تلك المفاهيم وتبسيطها للأذهان.

بناء الأمة بسواعد أبنائها

عنوان `كيف ترتقي الأمم؟` يتضمن الإجابة على هذا السؤال، والإجابة هي بناء الأمة بأيدي أبنائها. ويحتاج أبناء الأمة إلى خريطة ترسم لهم الطريق وتوضح المجال الذي يرفع شأن الأمة. وتأتي بناء الأمة من بناء الإنسان نفسه، حيث إنه هو العنصر الأول والأساسي في هذه العملية

تُعرف الأمة على أنها مجموعة الأفراد أو الناس الذين يعيشون في جماعة متحدة بوحدة التاريخ واللغة والدين، وتكون لديهم أهداف مشتركة في السياسة والاقتصاد والعقيدة والاجتماع، ويتم تعزيز الإنسان كعنصر مهم لتحقيق التقدم وتشكيل الأمة.

إن رفعة الأبناء هي رفعة لوطنهم، ويتم تحقيق رفعتهم من خلال جهودهم وأفكارهم وخلقهم وسعيهم الذي يرتقي بالأمم. ولا يحدث هذا إلا بالتخلص من التخاذل والانشغال بما لا يفيد الأمة، والتركلأهدافها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى