حلقات النمو السنوية في الأشجار
عندما تنظر إلى جذع الشجرة بعد قطعها، ستجد حلقات دائرية رائعة، والغريب أن الحلقات لا تتشابه مع بعضها البعض، ويختلف شكل كل جذع عن الآخر، فحلقات النمو السنوية في الأشجار تعطينا معلومات دقيقة عن الظروف المناخية التي مرت بها الشجرة خلال فترة النمو. إذا كنت تساءلت عن كيفية معرفة عمر الشجرة، فإن الإجابة تكمن في حلقات النمو السنوية، حيث تغطي الأشجار نفسها كل عام بطبقة أنسجة جديدة، ويصنعون تلك الطبقات حلقات دائرية. قدرة تلك الطبقات على تسجيل ظروف البيئة المحيطة تجعل الشجرة مثل سجل دقيق لكل ما حدث، ويمكن الاعتماد عليه لسنوات طويلة. ومن خلال ملاحظة فترات النمو بين كل حلقة وأخرى، يمكن ملاحظة ما إذا كانت الظروف المناخية ملائمة أم لا، حيث تدل الحلقات الضيقة على ظروف غير ملائمة للنمو، بينما تدل الحلقات الواسعة على ظروف ملائمة للنمو. تسمى هذه الدراسة الدقيقة لمتغيرات نمو حلقات النمو السنوية للشجرة بـ “علم الأشجار
هذا العلم يمنحنا الفرصة لمعرفة تفاصيل المناخ مثل نسبة هطول الأمطار، وضغط الهواء، والرياح التي تعرضت لها الشجرة، وشدة الجفاف، وكمية الشمس التي تلقتها، والأكثر من ذلك، حلقات النمو السنوية تحتفظ بأحداث طبيعية أخرى مثل البراكين والزلازل من خلال الندوب التي تتركها هذه الأحداث في لحاء الشجرة. يتطور علم الـ (dendrochronology) ليسمح لنا بأخذ عينة بعرض 5 سنتيمتر من أسفل ساق الشجرة بواسطة قلم رصاص موجه نحو نواة الشجرة باستخدام حفارات جديدة متقدمة، دون أن يتسبب ذلك في ضرر للشجرة مثل أخذ عينة دم من الإنسان.
الحلقة السنوية ليست دائما سنوية، حيث يكون النمو مستقرا خلال فترة النمو عندما تكون الأجواء المناخية معتدلة في الربيع. ومع ذلك، في المناطق الأسوائية ذات المناخ القاسي، قد تكون هناك فترات من النمو المفقودة، ولا يكون هناك زيادة سنوية ملحوظة في النمو في نفس العام، على سبيل المثال، بعد فترة تساقط الأوراق، يكون النمو مميزا، خاصة إذا كان التوقيت متناسبا ومبكرا مع فترات النمو الخشبي المبكرة، ويكون النمو أكثر في فترات الربيع بدلا من فترات الصيف أو ما يعرف بـ `الخشب المتأخر`. يتيح التأريخ من الأشجار لنا معرفة تواريخ الشعوب السابقة من خلال تاريخ الهياكل الخشبية القديمة، وخاصة هياكل الهنود الأمريكيين في المناطق الجنوبية من الولايات المتحدة
أهمية لحاء الأشجار
تم العثور على لحاء الأشجار الخارجي لحمايتها من الظروف الخارجية والحشرات والفطريات، ويراوح سمكه بين الرقيق والسميك في أنواع مختلفة من الأشجار. يقوم اللحاء أيضا بنقل الغذاء إلى أجزاء مختلفة من الشجرة. الطبقة التي تقوم بنقل اللحاء هي الكامبيوم، وهي طبقة رقيقة من الخلايا توجد بين الخشب الحي وقلب الشجرة المكون من الخلايا الخشبية القديمة. يعمل هذا الجزء الميت من الشجرة على توفير القوة والصلابة الهيكلية للشجرة.
كيف ينمو قطر الشجرة
بعد نضجها ونمو أوراقها، تتم مراحل نمو الشجرة. يتزايد قطر الشجرة سنويا من خلال نمو خلايا جديدة. تكون هذه الخلايا شكلا دائريا مركزيا، وتعرف باسم الحلقات السنوية أو الحلقات النمو السنوي. تنمو كل حلقة خلال موسم نمو واحد، ويبدأ موسم النمو في الربيع. في البداية، يسمى النمو المبكر بـ (الخشب المبكر)، وهو يتألف من العديد من الخلايا الكبيرة ذات الجدران الرقيقة التي تشكل خشب الربيع. تظهر هذه الخشبة المبكرة على شكل حلقات فاتحة اللون عند النظر إليها عرضيا. ومع اقتراب فصل الصيف، يتباطأ نمو الشجرة، وتنمو حلقات ذات جدران سميكة نتيجة لهذا البطء. تسمى هذه الحلقات (خشب لاتيني) وتكون ذات لون داكن. وبالتالي، يرمز كل عام نمو بحلقة واحدة تحتوي على جزء فاتح وجزء غامق. هناك معلومة خاطئة يعتقدها البعض، وهي أن الخشب الغامق ينمو في الشتاء، حيث أن الكامبيوم يكون في حالة سكون تام خلال فصل الشتاء. في العام التالي، يتم إضافة حلقة جديدة تتكون من جزئين، ويعتبر الحلقات الأقرب إلى المركز هي الأقدم.
إذا سألت نفسك لماذا تنمو الشجرة بشكل ثابت معين، السبب في ذلك هو أن الشجرة تنمو قطريا، حيث تنشأ خلايا جديدة حول محيطها، وليس كما يعتقد البعض أن الخلايا القديمة تكبر. الخلايا القديمة التي تكون قلب الشجرة هي الخلايا الغير نشطة التي تعتبر الجزء الميت من الشجرة. الخلايا الحية هي أحدث الحلقات، وهذا يتفاوت من شجرة إلى أخرى بناء على عمر الشجرة ونوعها. الحطب الميت في الشجرة يشكل الجزء الأكبر منها ويكتسب لونا أغمق.
ماذا تعرف عن الأشجار المعمرة
الأشجار المعمرة هي النباتات التي تنمو من الأجزاء العلوية طوال فصل الشتاء ببطء، وتستمر في النمو بشكل أكبر خلال فصلي الربيع والصيف. تنمو الأشجار القديمة المعمرة بمعدل أقل بكثير من الأشجار الأصغر سنا، ولديها قدرات خاصة، حيث يمكن أن تتوقف نموها من الأجزاء العلوية وتظل كأنها نائمة خلال فترة الشتاء. إذا لم تكن الظروف مناسبة، فإن هذه الأشجار يمكن أن تتجمد ولذلك يمكن لبعض النباتات الخشبية المعمرة أن تعيش لمئات أو حتى آلاف السنين.
تعتبر أكبر شجرة في العالم وأكبرها عمرا، ويقدر عمرها بخمسة آلاف عام، شجرة الزيتون التي أصبحت مزارا للعديد من السياح من جميع أنحاء العالم. إنها أقدم شجرة زيتون في العالم وفقا لتقديرات الخبراء اليابانيين، ويقدر إنتاجها لزيت الزيتون بحوالي خمسمائة ألف كيلوجرام في الموسم الواحد. إنها واحدة من أنقى وأجود أنواع زيت الزيتون في العالم.
أيضا شجرة العكاريت في تونس، فهي من أقدم وأضخم أشجار الزيتون في العالم، ويرجع سبب تسميتها إلى اسم صاحبها، ويقدر الخبراء أن عمرها يقارب تسعة قرون، مهيبة المنظر حيث أن محيط جذعها 116 مترا، أي حجم منزل كبير.
من بين أسماء الأشجار المعمرة في العالم والأكثر شهرة، تشمل (شجرة السناتور، شجرة جران أبويلو، شجرة سارفي أباركو، شجرة لانجيرني يو، شجرة ميثوسيلا، شجرة بروميثيوس، شجرة بريستليكون، وشجرة تيجيكو)
ماذا يحدث لحلقات النمو في الأماكن ذات المناخ نفسه على مدار العام
حلقات النمو للأشجار في البلدان الاستوائية
ما يحدث للأشجار التي تنمو في مناطق لا يوجد فيها تناوب بين فترات النمو والراحة، ويكون المناخ بها غير معتدل، مثل المناطق التي تتعرض للأمطار طوال العام، هو أن جميع الأشجار تضيف حلقات نمو متتالية، ومن ثم يمكن حدوث بداية ونهاية فترة النمو في أي وقت خلال العام، مما يؤدي إلى وجود حلقات نمو غير سنوية في الأشجار الاستوائية، وهناك أشجار قادرة على إضافة حلقات كثيرة ورفيعة جدا خلال العام، مما يجعل من الصعب تحديد عمر الشجرة، بل أمرا مستحيلا، وهذه الأشجار توجد في المناطق الاستوائية، وصعوبة تعيين الحلقات المتكررة تجعلها صعبة التمييز بالعين المجردة.