كيف تتحول الاعمال المباحة الى عباده ؟.. ومتى
كيفية تحويل الأعمال المباحة إلى عبادات
يسعى كل مؤمن إلى الحصول على أفضل الأجور والثواب من الله، ومن ميزة دين الإسلام هو أن الأجور مضاعفة وتعتمد الأعمال على النوايا، ولكي يقترب الإنسان من الله، يعطيه الله ما يشاء، وبالنسبة لتحويل الأعمال المباحة إلى عبادة، فإنه يتعلق بالأعمال العادية التي يقوم بها الإنسان بدون عبادات، مثل السفر أو النوم أو تناول الطعام أو الزواج، أي الأفعال التي يقوم بها الإنسان مثل العمل وغيرها.
في الواقع، يمكن تحويل الأعمال المباحة إلى عبادة، وذلك من خلال تقوى الله والنية الطيبة التي يقوم بها المرء في كل عمل يقوم به، فعندما يكون لدى الشخص النية الصادقة بأنه يقدم على فعل الشيء من أجل الحصول على أجر من الله سبحانه وتعالى ومن أجل مرضاته، يصبح عمله المباح عليه أجراً عظيماً.
تقوى الله هي أمر عظيم يجعل كل شيء جميلا، وتحول الأعمال البسيطة إلى عبادات يثاب عليها المرء، وذلك بسبب قول الله عز وجل في سورة النساء آية ١: “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ۚ إن الله كان عليكم رقيبا”. ويقول عز وجل في كتابه العزيز: “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ۚ إن الله خبير بما تعملون.
متى تتحول الأعمال المباحة لعباده
تتحول الأعمال التي يقوم بها المرء إلى عبادة عندما تكون النوايا الرافقة لهذه الأعمال حسنة ويملأها التقوى، وذلك على النحو التالي:
- متى يكون النوم عبادة
إذا نام الشخص مبكرا ليستيقظ لأداء صلاة الفجر في الجماعة، فإنه يحصل على أجر كبير لأنه ينام مبكرا ليؤدي عبادة الله ويشارك في صلاة عظيمة، على الرغم من أن النوم عادة شائعة بين الناس وجزء من طبيعة البشر، إلا أنه يصبح عبادة في هذه الحالة ويحصل الإنسان على الحسنات أثناء نومه، وكما كان معاذ يحتسب الساعات التي ينامها في حسناته كما يحتسب الساعات التي يقوم بها بين يدي الله في ظلمة الليل.
- متى تكون الشهوة عبادة
عندما يتزوج الشخص لحفظ الفرج والعفة وتجنب الوقوع في الزلات والمحرمات، يكون له أجر عظيم وبركة من الله في زواجه، ويصبح زواجه عبادة كريمة. الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية المباركة تمنح الناس خيرا وثوابا حتى على الأعمال البسيطة. فسئل الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يتحقق لأحدنا أجره عندما يشتهي؟ فأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: `هل تتصورون لو وضعها في محرم ألحق بها ذنبا؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجرا`.
- متى يكون الطعام والشراب عبادة
يمكن أن يكون تناول الطعام والشراب للعبد المسلم عبادة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم، عن طريق سعد بن أبي وقاص، `أنا معجب بالمسلم الذي إذا أصابه خير شكر الله وحمد، وإذا أصابته مصيبة احتسب وصبر، والمؤمن يحصل على أجر في كل شيء، حتى في لقمة يرفعها إلى فيها.` لذا، المؤمن يحرص دائما على تناول الطعام الحلال والطيب، ولا يقبل أن يأكل محرما، ويذكر اسم الله قبل تناول الطعام ليحصل على الثواب، ويشكر الله على كل ما رزقه من طعام وشراب ليحصل على المزيد من الثواب والمكافأة. بالإضافة إلى ذلك، المؤمن يرغب في أن يكون طعامه وسببا لتعزيز تقواه وقوته ليكون قادرا على عبادة الله بشكل صحيح، وبالتالي يحصل على مزيد من الثواب والمكافأة.
- متى تكون النفقة على الأولاد صدقة
النفقة على الأولاد تكون رزق عظيم من الحسنات، وفقاً لما رواه سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم”إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله عز وجل إلا أجرت بها، حت ما تجعل في فم امرأتك”، كما يقول في رواية أخرى مهما أنفقت فهو لك صدقة، وفي رواية مسلم وإن نفقتك على عيالك صدقة وإن ما تأكل امرأتك من مالك صدقة.
عن أبي مسعود البدري يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أنفق المسلم على أسرته نفقة، وهو يحتسبها صدقة، فإنها تكون له صدقة. وعن أبي قلابة رحمه الله، عن أبي أسماء رحمه الله، عن ثوبان رضي الله عنه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أفضل دينار ينفقه الرجل هو الدينار الذي ينفقه على أسرته، والدينار الذي ينفقه على دابته في سبيل الله، والدينار الذي ينفقه على أصحابه في سبيل الله. قال أبو قلابة: وأي رجل ينفق على أسرته الصغيرة، يعففهم وينفعهم الله به، ويغنيهم، فهو أعظم أجرا من أي رجل آخر.
- متى يكون العمل عبادة
العمل الخالص لوجه الله عز وجل عباده عظيمة، فبرغم أن الإنسان يؤجر أجر مادي على عمله، إلا أن العمل قد يكون عبادة يؤجر عليها المرء حينما يصاحبه النية الصادقة لوجه الله عز وجل، وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، “بينما نحن جلوس مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا شاب من الثنية، فلما رأيناه بأبصارنا، قلنا لو أن هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل الله قال فسمع مقالتنا رسول الله إلى الله عليه وسلم قال، ما سبيل الله إلا من قتل؟ ومن سعى على والديه ففي سبيل الله، ومن سعى على عياله في سبيل الله، ومن سعى على نفسه ليعفها ففي سبيل الله، ومن سعى على التكاثر فهو في سبيل الشيطان”.
العمل الذي لا يشغل عن العبادة ولا يكون محرما ولا يؤذي أي شخص هو العمل الصالح الذي ليس بالضرورة يكون عبادة، وأما العمل الذي يهدف إلى كسب المال الحلال للإنفاق على الأولاد والآخرين ويقبله الله ورسوله فإنه يعد عبادة.
شروط قبول العبادة
على الرغم من أن الإسلام هو دين القبول والمحبة والثواب العظيم والجزاء الطيب لكل الأعمال الصالحة، إلا أن هناك شروط يجب معرفتها لتقبل العبادات والالتزام بها، وتتمثل هذه الشروط في:
- الإخلاص في العبادات
يجب أن تكون العبادات لله خالصة بها إخلاص عظيم حتى يقبلها الله عو وجل، إذ يقول الله عز وجل”وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ”، لذلك يجب أن تكون جميع أعمال العبد طيبة مخلصه لله عز وجل في الظاهر والباطن يجب أن يبتغي بها وجه الله عز وجل.
- موافقة العمل للشرع
لابد أن تكون جميع أعمال الإنسان وعباداته مطابقة للشرع ولتعاليم القرآن والسنة، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم” من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد”، فيقول بن رجب رحمه الله “هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها، كما أن حديث” إنما الأعمال بالنيات ” ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء.