كلمات مؤثرة من الأمير تركي الفيصل في رثاء أخيه الأمير سعد رحمه الله
من وقت أن أعلن الديوان الملكي وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سعد بن فيصل بن عبد العزيز رحمه الله وقد خيم الحزن على الجميع، وقد رحل الأمير سعد بن فيصل عن عالمنا عن عمر يناهز ال 75 عاما تاركا انجازات عظيمة في حياته ، وقد تأثر بغيابه أخاه الأمير خالد وأيضا الأمير تركي وكتب الأمير خالد قصيدة رثاء كانت بعنوان ” يا سعد” احتوت على كل الكلمات والمعاني المؤثرة عن وفاته، كما كتب الأمير تركي أيضا مقالا عن الأمير الراحل سعد الفيصل، يرثي فيه أخاه بكلمات مؤثرة عبر جريدة الشرق الأوسط، نسأل الله له أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه، وأن يسكنه فسيح جناته، وفي السطور التالية نعرض مقال الأمير تركي الفيصل في رثاء أخيه الأمير سعد الفيصل رحمه الله.
مقال الأمير تركي الفيصل في رثاء أخيه الأمير سعد الفيصل :
كتب الأمير تركي الفيصل يقول: مرّت ثلاث سنوات صعبة، حيث أن الدموع لم تجف فيها بسبب فراق حبيب وغياب صديق آخر، وتوفي خمسة من إخوة برَرَة الذين كانوا أصدقائي ورفاقي منذ الطفولة، فقدمت التعازي لأربعة منهم وها أنا الآن أنعي الخامس وأحتفظ بدموعي لأنها تعبر عن ما في قلبي.
وأضاف الأمير تركي في حديثه عن الأمير سعد : “أخي سعد – رحمه الله – وُلد مثلي في مكة المكرمة، وبرز في المدرسة النموذجية للبنين والبنات بالطائف. هوى الأدب، ولا أنسى – وأنا في العاشرة، وهو في الثالثة عشرة من العمر – نقاشه مع أحد نظرائه، وكنتُ شغوفاً بسماع حديثه وهو يشرح النقد الذي طلبه منه مدرّس الأدب عن كتابٍ للمرحوم عباس العقاد، وبعد أخذٍ وردٍّ مع الزميل سأل رحمه الله: «ما يكفي أقول إن العقاد معقّد؟»، فانفجرنا ضحكاً. كان هكذا، يرمي كلمتين تغيّر مجرى الحديث، وتخرج المستمع إليه من جوٍّ إلى آخر”.
واستطرد حديثه في مقالته فيقول : وبعدما انتقلت إلى الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لعب أربعة من إخوتنا في فريق كرة القدم، لم يتردد أبدا في حمل سطل الماء لسقي اللاعبين في الفريق، ليساهم حتى وإن كان ذلك بمجهود بسيط، بما أنه لم يكن يجيد لعب الكرة، وعلى العكس من ذلك، كان ماهرا في رياضة المبارزة بالسيف. وفي سنوات الدراسة الثانوية، ترسخت فيه روح المرح والمداعبة، فتولى مسؤولية أشرطة التسجيل التي أرسلها الأهل، وقام بتسجيل الأغاني الشعبية الشائعة في تلك الأيام. وفي عطلة الصيف، كان مثل الشمعة التي تجذب حولها الفراش، حيث يحتشد حوله الأصدقاء والأقارب في المساء للسهر والمزاح والغناء التقليدي، وهناك نمت موهبة أخينا خالد في قص الشعر، وكان هو -رحمه الله- الناقد الأول الذي يستمع إليه أخوه ويقدم له الآراء قبل أي شخص آخر. وأثناء التجول في غابات ووديان الطائف في فترة ما بعد الظهر، لم يمر يوم دون أن يختلق لسعد مزحة مع صديق يكون قد خطط لها بعناية، وفي المساء نعود لنشارك في الضحك على المقلب الذي حدث في ذلك اليوم.
وأضاف الأمير تركي الفيصل: ثم انضم – رحمه الله – إلى جامعة كامبريدج العريقة وتخرج بشهادة في القانون الدولي. عاد وبدأ العمل كمستشار قانوني في مؤسسة بترومين، وساهم مع زملائه في تأسيس تطوير السياسات النفطية الوطنية في تلك الأيام، من وضع الأنظمة والمشاركة في المؤتمرات وتنمية الكوادر البشرية في نفس المجال. ثم شارك في عضوية صندوق التنمية في بداية تأسيسه قبل أن يستقيل من العمل الحكومي، لكن جاذبية مجلسه الليلي استمرت، فأينما حل – رحمه الله – كانت داره ملتقى ليليا للزوار والضيوف.
وأختتم الأمير تركي الفيصل حديثه بكلمات مؤثرة: أُصِيب بمرض القلب في صِباهِ، فانكفأ إلى داره وضَعَفَ وهج ضوئه، وبقي سنوات يستنهض قلبه المصاب حتى استكان قلبه لأمر الله، وتَوَفَّيَ الشيخ أنيس آل فيصل، رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته.