الجواهري هو أكبر شاعر عربي وشاعر عراقي، ولم يلتزم بالتدرج العلمي في عمله الشعري، لأنه بدأ بتنظيم الشعر في سن مبكرة وازدادت قوته في هذا المجال، مما جعله يتخطى مراحل عمره بكثير، ويبدو أن هذه الموهبة المبكرة فتحت له الأبواب .
محمد مهدي الجواهري
ولد الجواهري في بداية القرن العشرين، عام 1900م في مدينة معرقة، في النجف الأشرف، في العراق، الذي كان مركزا للغة والأدب والتراث والدين، ويمكن وصفه بأنه يوازي الأزهر الشريف في مصر من حيث المرجعية، حيث كانت توجد به مدارس وحلقات للعلم. كل هذا ساعد الجواهري على أن يصبح شاعرا. ويعود نسب الجواهري إلى محمد حسن، صاحب كتاب “جواهر الكلام”. كانت أسرته من الأسر العريقة المتبقية، وكان لها مجلس علمي يضم الأدباء وعشاق الأدب .
تعليم وحياة محمد مهدي الجواهري
تلقى أول دروسه في المدينة وتتلمذ على يد عدد من الشيوخ، وتعلم منهم الصرف والنحو وفقه اللغة وعلوم الدين بجانب علم البلاغة، وبدأت بداياته الشعرية في عام 1921م، وكانت عبارة عن معارضات لقدامى الشعراء والمعاصرين، وسافر إلى إيران في سن مبكرة عام 1924م، وفي عام 1926م، نظم الشعر في الطبيعة الساحرة هناك وأطلق على الديوان الذي جمع فيه تلك القصائد اسم “بريد الغربة .
في عام 1927، انتهى خدمته الحكومية كمدرس في مدرسة الملاك الابتدائية في الكاظمية بأمر من مدير المعارف. كان يتميز بوطنيته القوية واستقال من وظيفته وأصدر مجموعته الشعرية بعنوان `ديوان محمد مهدي الجواهري` في نفس العام، وأضاف إليها القصائد التي كتبها منذ عام 1924. في عام 1928، أصدر مجموعة شعرية جديدة بعنوان `بين الشعور والعاطفة`، وفي عام 1930 أسس جريدة الفرات ونشر فيها عشرين عددا .
ثم علم مدرسا عام 1931م في مدرسة المأمونية، ثم نقل لديوان الوزارة في رئاسة التحرير، ثم قام بتأليف قصيدة تمجيدية للأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود ونشرها في جريدة أم القرى. بعدها، تنقل بين التعليم وعام 1935م أصدر جريدة الانتداب، وتم إيقافها بعد 3 أشهر. في عام 1941م، دعم حركة مايس، وبعد فشلها غادر العراق إلى إيران. وفي عام 1944م، شارك في مهرجان أبي العلاء المعري بقصيدة “قف في المعرة وامسح خدها بالتراب”. وفي عام 1948م، سافر إلى باريس بعد مقتل شقيقه لحضور أول مؤتمر للسلام العالمي، وكان هو العربي الوحيد .
من عام 1950 إلى عام 1958، شارك في العديد من الأحداث والمؤتمرات العالمية والعربية ونشر عددا من القصائد، وسافر بين العواصم وعاد إلى العراق في عام 1968 وما زال يحمل لقب شاعر العراق الكبير منذ ذلك الحين. يعتبر الجواهري واحدا من أهم شعراء العرب في العصر الحديث، وكان لديه تجربة شعرية فريدة، وتوفي في عام 2018، وتحول منزله في حي القادسية في بغداد إلى متحف .
كتب وداووين الجواهري
صدر الجواهري، خلال فترة حياته المليئة بالإنجازات، عددا من الكتب والمؤلفات، ومنها
ديوان حلبة الأدب
صدر الديوان في عام 1927 م ، وظهرت الطبعة الثانيةمنه في النجف عام 1965 م
ديوان الجواهري
يحتوي الديوان على حوالي 432 قصيدة من أشهر قصائد الشاعر الجواهري، وصدرت الطبعة الأولى منه في النجف عام 1935م
كتاب ذكرياتي
هو نموذج فريد من كتب السيرة يخرج فيه من نطاق المذاكرات ويستعرض حياته الشخصية ويتجاوز ليعرض سيرة الزمان والمكان وما مر عليه من أحداث ، هو ليس بمثابة سيرة ذاتية عادية بل مسيرة قرن كامل بمختلف مراحله وتناقضاته ومفارقاته ومحاسنة وتعاقب الأحداث تلو بعضها جاء الكتاب في ثلاث أجزاء كاملة .
الجواهري في العيون من أشعاره
تم نشر مجموعة غنية من القصائد الشعرية في كتاب عام 1993م عن طريق دار طلاس للترجمة والنشر .
يضم الكتاب أيضًا أسعف فمي، وقصائد مختارة من الشعر العربي تتنوع بين القصائد السياسية والعاطفية، مثل بريد الغربة وبريد العودة، الجمهرة، الخلجات، وأيها الأرق. ورصد الكتاب بكل تفاصيلها العظيمة أحدث القصائد في القرن العربي .
مختارات من شعر الجواهري
سينهض من صميم اليأس جيلٌ
مريـدُ البـأسِ جبـارٌ عنيد
يقـايضُ ما يكون بما يُرَجَّى
ويَعطفُ مـا يُراد لما يُريد
لا تحرمي نفسك من السبب ولا تتسرعي في الاستنتاج إذا لم تكمل الأسباب
إذا لم يكن لديك ظفر أو ناب، فلا تقربهما
وإذا انتقدتِ على القويِّ فلا يكن العتاب إلا بأطراف الحراب
فإذا تركت له الخيار، فإنه أشهى إليه أن يكون خراب
قالوا دمشق وبغداد، وأنا أقول هما
فَجْرٌ على الغَدِ مِن أَمْسَيْهِما انْبَثَقا
ما تَعْجَبونَ ؟ أَمِنْ مَهْدَيْنِ قد جُمِعا
أَم تَوْأَمَيْنِ على عَهْدَيْهِما اتَّفَقا
أَم صامِدَيْنِ يَرُبَّانِ المَصيرَ مَعاً
حُبَّاً ويَقْتَسِمانِ الأَمْنَ والفَرَقا
يُهَدْهِدانِ لِساناً واحِداً ودَماً
صِنْواً، ومُعْتَقِداً حُرَّا،ً ومُنْطَلَقا
سبحان من خلق الرجالَ فلم يجدْ
رجلاً يحق لموطن أن يُخلقا
ما إن يزالُ مرَّشحاً لأُموره
متجبراً أو طامعاً أو أحمقا
وطني وداؤك أنفسٌ مملوءة
جَشَعاً فمن لي أن تُبِلَّ وُتفرقِا
بلوى الشعوب مخادعون إذا ادَّعوا
للنصح كذَّبتِ الفِعالُ المنطقا