يعتبر الجاحظ من أشهر المؤلفين والمؤرخين في تاريخ الأدب العربي والعباسي، إذ أنه أبو عثمان عمرو بن بحر الكناني البصري، وينتمي إلى قبيلة كنانة القديمة، وقد سمي بالجاحظ نسبة إلى جحوظ عينيه من كثرة القراءة والكتابة، ويعرف الجاحظ بانتمائه للمعتزلة، إلا أن مؤلفاته جعلته عميدا في الأدب، إذ أنه قد مزج بين العديد من الثقافات، مثل الهندية والفارسية والعربية واليونانية، ومن أشهر مؤلفاته كتاب البخلاء الذي حقق نجاحا كبيرا في مجال الأدب العباسي .
حياة الجاحظ
و في بادئ الأمر كان الجاحظ بائع الخبز ، حيث وقتها بدأ في تعلم اللغة العربية على يد الأصمعي و الأخفش ، و تعلم الأدب على أيديهم ، و كان يهاجم رجال الأحاديث في بعض الأوقات ، و لكنه كان يحب كتابة المؤلفات المعتمدة على الفكر و تشغيل العقل .
انتشرت كتابات الجاحظ بسهولة أسلوبها وفكاهتها أثناء سردها للقصص. تتميز أيضا بالمنطق والاستطراد. توفي الجاحظ بسبب كتبه المفضلة لديه، حيث سقطت عليه وتسببت في وفاته. كانت هذه طريقة غير عادية لرحيله عن الحياة. من بين الكتب الشهيرة التي كتبها الجاحظ، بخلاف “كتاب البخلاء”، كتاب “الحيوان” وكتاب “البيان والتبيي .
كتاب البخلاء للجاحظ
– كتاب البخلاء من أشهر و أجمل مؤلفات الجاحظ ، حيث أنه يتميز بخفة الظل و الفكاهة ، كما أنه يتسم أيضا ببعض المعلومات الأدبية و العلمية أيضا ، حيث أنه يتكلم عن الحياة الاجتماعية التي كانت موجودة في مدينة خرسان في العصر العباسي ، و يتكلم الكتاب عن تكوين الأسرة و مشاكلها و حياتها اليومية ، و عاداتهم و تقاليدهم في هذا العصر ، و لكن بطريقة فكاهية و سهلة السرد و القراءة .
– لا يعرف بالضبط متى تم تأليف هذا الكتاب، حيث الفكاهة والسخرية الموجودة في الكتاب تشير إلى أنه تم تأليفه في شباب الكاتب، ولكن الحكم والمواعظ والقصص الموجودة في الكتاب تدل على خبرة كبيرة وتشير إلى أنه تم تأليفه عندما كان الكاتب في سن متقدمة، في مقدمة الكتاب ذكر الجاحظ أنه كتب هذا الكتاب لأحد العظماء في ذلك الوقت، ولكنه لم يذكر اسمه، على الرغم من أنه من الواضح أنه كان صديقا مقربا له .
يقال إن الكتاب قد تم تأليفه لابن المدبر الذي كان أحد أشهر أصدقاء الجاحظ، أو أنه كان معدًا وموجهًا لمجمد بن عبد الملك الزيات الذي كان صديقًا آخر للجاحظ، أو الفتح بن خاقان الذي كان من أشهر المعجبين بالجاحظ والذي كان يشجعه دائمًا على تأليف الكتب والروايات .
كتاب البخلاء هو كتاب يتحدث عن العلوم النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي كان يتعرض لها أفراد المجتمع في العصر العباسي، وهو مستوحى من قصص أفراد مدينة خرسان الذين التقاهم، حيث يشرح تفاصيل حالتهم النفسية والاجتماعية بسبب بخلهم، وتأثير ذلك البخل على سلوكياتهم وتصرفاتهم، كما يتحدث بالتفصيل عن أدق تفاصيل وتعبيرات وجوههم في حالات الهدوء والتوتر .
كما كشف الكتاب العديد من أسرارهم، يقدم الكتاب مجموعة من القصص والأمثلة عن البخلاء في مدينة خرسان وكيفية تعاملهم. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الكتاب على بعض الأسماء والأماكن المشهورة في تاريخ العصر العباسي .
بعض القصص المقتبسة من كتاب البخلاء
1- قصة البخيل بالبخور : قال البخيل: `حبذا الشتاء، فإنه يحفظ رائحة البخور، ولا يتحمض فيه النبيذ إذا ترك مفتوحًا، ولا يفسد فيه المرق إذا بقي لعدة أيام، وكان البخيل لا يتبخر إلا في منازل أصحابه، وفي الصيف، كان يدعو بثيابه ويضعها فوق قميصه لكيلا يضيع من رائحة البخور شيء
2- قصة ديكة مرو البخيلة : قال ثمامة: لم أر الديك في أي بلدة يتكلم أثناء أخذه الحبة بمنقاره وإسقاطها أمام الدجاجة، ولكن ديكة مرو تختلف، فقد رأيت ديكة مرو تنهب الحب من المنقار الخاص بالدجاجة. ومن هنا، فقد علمت أن بخلهم ينعكس على عاداتهم وأسلوب حياتهم اليومي