ادب

قطوسة الرماد وأخواتها الست حكاية من التراث الجزائري

كان هناك رجل فقير يعيش مع بناته السبع في كوخ صغير بعد أن توفيت زوجته وتركتهم، وكان هذا الأب حطابا يعيش هو وبناته على ما يجمعه من حطب طوال فصل الشتاء ليبيعه ويشتري لهم الطعام، وكانت البنات يخرجن لمساعدة أبيهم في جمع الحطب وتخزينه كل يوم عدا أختهم الصغيرة، فقد كانت تترك لها المنزل لتقوم بأعمال التنظيف، وكانت الصغيرة تنظف البيت والفرن والمدخنة، وفي يوم ما دخل عليها أبوها وإخوتها وهي مغطاة بالرماد، وعلى الرغم من توتره في البداية، إلا أنه سرعان ما ضحك هو وإخوتها عليها وأطلقوا عليها نكتة الرماد.

زوجة للأب وأم للبنات:
فكر الأب لفترة طويلة في بناته وتجاربهن المؤلمة أثناء العمل معه يوما بعد يوم، فقرر الزواج ليجلب لهن أما تعتني بهن وتعوضهن عن الحنان الأموي الذي فقدنه. وبالفعل، وجد الأب زوجة تبدي محبة وودا لبناته، مما دفعه للزواج بها بسرعة. ولم يكن يعلم بنواياها الخبيثة تجاههن. زوجة الأب أشارت إليه بأن البنات يجب أن يبقين في المنزل ولا يخرجن للعمل وأنه يجب عليه أن يحضر شخصا يساعده. وأما هن، فيبقين في المنزل للراحة.

فرح الأب كثيرًا بفكرة زوجته وشعر بحنانها وعنايتها ببناته، وشكرها عليها، ولكنه لم يكن يعلم ما يكمن وراء هذا الاقتراح.

خدامات لزوجة أبيهم:
كان الأب يخرج كل يوم في الصباح الباكر، وما أن يخرج حتى توقظ زوجة الأب البنات فيقمن على التنظيف والترتيب والعمل الشاق في المنزل والحظيرة، وتظل البنات طوال النهار يقمن بالعمل بدون طعام بينما زوجة الأب ممددة في فراشها تتزين وتتكحل وتشرب الشاي، وعندما يحين وقت المغيب تسرع بإحضار الماء وكسرات الخبز اليابسة لهن وتبلغهم أن أبيهم لا يملك الماء الكافي لشراء الطعام، فكن يحمدن الله على هذا الخبز ويذهبن للنوم من كثرة التعب، وبعد أن تطمئن لنومهم، تذهب لإعداد ما لذ وطاب من أنواع الطعام واللحم الشهي لها ولزوجها فيأتي الأب المسكين ويسأل عن بناته فتبلغه انهم أكلوا وشبعوا ويغطون في نوم عميق.

اكتشاف حيلة زوجة الأب:
ظل الحال هكذا لفترة طويلة وفي أحد الأيام استيقظت قطوسة الرماد ليلًا بينما أبيها وزوجته يتناولان الطعام فنادها الأب وأجلسها معهم وبعد أن أكلت حتى شبعت عادت للسرير حتى تنام فأخبرتها زوجة أبيها أن لا تخبر أحد من أخوتها عن شأن الطعام، وذهبت قطوسة للنوم لكنها قامت بقرص أختها حتى تستيقظ فقامت أختها ووجدت الطعام فأكلت حتى شبعت، وقامت بقرص أختها التالية وظل الحال هكذا حتى شبعوا جميعًا.

لوحظت البنات أن زوجة أبيهم تقوم يوما بعد يوم بترتيب وجبة ليلا ليتناولوها مع أبيهم حتى يشبعوا. وكانت زوجة الأب غاضبة وغير قادرة على منعهن من تناول الطعام. فقامت بتدبير خطة للتخلص منهن نهائيا والبقاء سعيدة مع زوجها. انتهجت أخيرا هذه الخطة، حيث أقنعت أبيهم بأنهم يعانون من ضيق في العيش وغير قادرين على توفير الطعام للبنات، وأنه يجب تركهن في الغابة التي تحتوي على أشجار مثمرة يمكنهن الاستفادة منها والاعتماد على بعضهن في الرعاية. في البداية، رفض الأب بشدة، ولكنها استمرت في إقناعه بأن البنات فقيرات ويعانين من الجوع باستمرار، وكان الصمت يؤثر على إحراجه ويدفعه لطلب الطعام. وفي النهاية، وافق الأب.

الحياة في قصر الغولة:
أخذ الأب بناته وأخبرهم بأنه سيأخذهم معه للتخييم في الغابة. عندما وصلوا إلى هناك، حفر الأب حفرة كبيرة ووضع بناته فيها. عندما سألوه عن السبب، قال لهم إنه يخاف من الذئب وأنهم يجب أن ينتظروه حتى ينتهي من عمله. ثم تركهم وذهب. جلست البنات بمفردهم حتى حل الليل، فعلموا أن أباهم تخلى عنهم وتركهم، فابتلعتهم الحزن والجوع. وفي هذه الأثناء، كانت القطة تحفر في التراب بحثا عن طعام، واستمرت في الحفر حتى وجدت فتحة صغيرة تشبه الشبا.

نظرت منها فوجدت قصر كبير مليء بالذهب وقبل أن تفرح شاهدت الغولة تجلس على كرسيها داخل القصر، فكرت قطوسة مع أخوتها في حل، فقالت قطوسة نرتمي في أحضانها ونقول لها أمنا أمنا فتشعر بالحنان نحونا ولا تأكلنا، فقامت البنات بفعل ذلك فرحبت بهم الغولة في قصرها وأحضرت لهم الطعام، وعندما حان وقت النوم، خافت البنات أن تأكلهن وهن نائمات، فتبرعت قطوسة بالسهر عليهم طوال الليل على أن تتولى إحدى أخواتها الأمر في اليوم التالي، وبالفعل كانت كل يوم تقوم البنات بالنوم وتقوم إحداهن على الحراسة.

حيلة ذكية لحياة طويلة:
ملت الفتيات من حالة الرعب التي يعشن فيها كل يوم فقررن التخلص من الغولة، وقمن بالتفكير في حيلة، وعندما حضرت الغولة أخبرتها قطوسة أنها تعد لها وجبة شهية في الفرن كانت قد علمتها إياها زوجت أبيها، ففرحت الغولة وظلت تنتظر الطعام ولكن الوقت طال فنادت على قطوسة أين الطعام؟ فقالت لها قطوسة إنه في الفرن ولم ينضج بعد، طال الوقت ولم تحضر قطوسة الطعام فقامت الغولة لترى ما إذا كان نضج أم لا، وعندما فتحت باب الفرن حتى ترى الطعام أسرعن الفتيات في دفعة واحدة وألقوها داخل الفرن وأغلقوا الباب، حتى ماتت واحترقت، وعندما علم أهل القرية ما جرى للغولة شكروهم على ذلك.

ندم ومغفرة:
شعر الأب بالندم على ما فعله ببناته، وقرر الخروج للغابة للبحث عنهن بعدما تشاجر مع زوجته وتركها. خرج هائما وهو يبحث عن بناته، وفي الطريق سمع عن سبع بنات قتلن الغولة وعاشن في قصرها. ذهب فورا إلى هناك، وعندما لقى بناته، بدأ يبكي على ما فعله. قامت البنات بتحضيره وأخبروه أنهم سامحوه وأنه يجب أن يعيش معهم في القصر. فعاش معهم في القصر وترك زوجته في الكوخ القديم بدون طعام حتى ماتت جوعا. عاشت البنات مع أبيهم بسعادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى