قصيدة نزار قباني في صلاح الدين الأيوبي
يعتبر صلاح الدين الأيوبي شخصية تاريخية حققت الفتوحات الإسلامية الهامة، منها تحرير القدس من الصليبين، ونجح في توحيد الشعوب العربية لتحقيق النصر. وقد كتب الشاعر نزار قباني قصيدة رائعة يناجي فيها بطولات هذا القائد العربي.
قصيدة نزار قباني في صلاح الدين الأيوبي
زمانك بستان وعصرك أخضر وذكراك عصفور من القلب ينقر
دخلت على تاريخنا في ليلة ما، وكانت رائحة التاريخ مسكًا وعنبرًا
وكانت في الحقول سنابل وكانت هناك عصافير وصنوبر
لمست أمانينا وتحولت إلى جداول وأمطرتنا بالحب وما زالت تمطر
تأخرت عن نزول الوغي يا حبيبنا ولم أتأخر عن نزول الوغي أبدًا
سهدنا وتفكرنا وجفت دموعنا وشابت ليالينا ولم تحضر
تعيد ذكرياتك لي كل ليلة وتشغل فكري حين أفكر فيك
ترفض جروحي أن تغلق شفتيها وكأن جروح الحب لا تتجلط
لقد تأخرت يا أغلى الرجال، وليلنا طويل وتسهر أضواء القناديل
عندما نتأخر، يمر الوقت ببطء ويصعب التعويض عنه
نحن نسأل عن أعمارنا، ولكن أنت هو الذي يحمل الآمال وتحريرنا
أنت، يا أبو الغمرات، هو وقودها، وأنت تمثل الدين والتغيير فيها
تأخرت والخيول حزينة، وشوقك أدى به إلى حد الجنون
يشرب حصانك في سيناء دموعه، ويا لأسى الخيل عندما يتذكر الماضي
ترفرف راياتك الخضراء على طريقها، وأمامك تحلو آمال الثغور
نساء فلسطين يستخدمن الكحل الأسود، وفي بيت لحم يستخدمن القلم السائل
وفي حقوله ليمون يافا يابس، هل يزهر شجر في قبضة الظلم
أيها رفيق صلاح الدين، هل لك عودة؟ إن جيوش الروم تنهي وتأمر
رفاقك في الأغوار قوموا بجمع أسرتكم وجنودكم في حطين وصلوا وهتفوا
كأنك طارق علي بركات، يجعلك الدنيا تغني وترسو وتبحر بك
مآذن مكة تناديك بالشوق وبدر وخيبر يبكيانك، يا حبيبي
تُبكيك الصفصاف والورود والزهور في منطقة الشام وتدمر
تعالي إلينا، فالأبواب مفتوحة ووطن آبائي مكسور زجاجه
لقد هزمنا وما زلنا نتشتت، وهناك قبائل تعيش على الحقد العميق وتتغلغل
يحاصرنا مليار كافر مثل الموت، في الشرق هولاكو وفي الغرب قيصر
أيها الفارس، أشكو له مآسي ولديه مثلي عذر ومثلك يعذر
أنا شجرة الأحزان التي تنزف دائمًا، وتعطي وتثمر في الثلج والأنوار
وأصرخ يا أرض المروءات احبلي، لعل صلاحًا ثانيًا سيظهر
تلك الأبيات تعبر عن حالة الضعف والهوان والتفريط التي يعاني منها العرب الآن، وتشيد الشاعر نزار قباني بروح القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي أعاد القدس إلى حكم العرب ولكننا فقدناها الآن. وعلى الرغم من التأييد الذي حظت به هذه القصيدة في الندوات في العديد من الدول العربية، إلا أنها تعرضت للانتقاد من بعض الحكومات بسبب انتقادها لبعض السياسات الخاصة في بعض الدول العربية.