قصيدة الحارث بن عباد في رثاء ابنه بجير
تحكى بعض المصادر أن بجيرا هو ابن الحارث بن عباد بن البكري، وكان من سادة قبيلة بكر. ولكن الحارث بن عباد رفض المشاركة في حرب البسوس التي دارت بين قبيلتي بكر وتغلب، واستمرت لمدة تقرب من 40 عاما. كان الحارث بن عباد شاعرا عربيا شهيرا بالعزة والحكمة وشارك كثيرا في أيام العرب، وعاصر تلك الحرب. على الرغم من قوة الحارث بن عباد، رفض المشاركة في الحرب، ولكن المهلهل، الذي كان سيد قبيلة تغلب والذي اشتهر باسم الزير سالم، قتل الغلام بجير بن الحارث بن عباد. وقال عندما قتله: “لقد قتلته فداء لشسع نعل أخيه كليب”. عندما علم الحارث بما حدث، قرر المشاركة بكل قوته في الحرب ضد تغلب حتى يفنيهم جميعا. وبالفعل، شارك الحارث بن عباد في تلك الحرب، ورجح كفة قبيلة بكر على قبيلة تغلب، ولم تهزم قبيلة بكر بعد ذلك أبدا. انتهت الحرب بعد أن ألقى الحارث بن عباد القبض على المهلهل، ويقال أنه قطع ناصيته وأطلق سراحه.
قصيدة الحارث بن عباد في رثاء ابنه بجير
عندما سمع الحارث بن عباد عن مقتل ابنه، نظم قصيدة رائعة عرفت باسم واحدة من أجمل القصائد التي قيلت في حرب البسوس، وهي قصيدة الحارث بن عباد “قربا مربط النعامة مني”، والتي ينعى فيها ابنه ويتوعد قبيلة تغلب بشر حرب
- كل شيء مصيره الزوال، إلا الأعمال الصالحة بإذن الله
- وترى الناس يتطلعون إلي بعض الاحتيال لأنهم لا يثقون فيني
- قُل لأم الأعزِّ تُبكي جَبِيرًا، كيف يأتي الماء من رؤوس الجبال؟
- أشعر بالشوق إلى جبيري عندما تحلق الخيول في يوم حرب شديد
- سقت الكمأة بالماء النقي وظهرت البيضة في قباب الحجال
- ستدعون واحدة من الكبار يدعون لها بكر غراء كالتمثال
- يا جبير الخيرات، لن نتوصل إلى صلح حتى نملأ أيدينا برؤوس الرجال
- وبعد أن تبكي، يتقبل العيون الوجع عندما تسيل الدموع على صدور الأحبة
- أصبح وائل متعبًا من الحرب والجمال الثقيل الذي يأتي بأثقال
- لا يجعل جبيرة قتيلا ولا يجعل رهط كليب تزاوجوا عن ضلال
- لم يكن علمي بأمرها والآن أنا بحرها الذي يتدفق بحرية
- قد تجنبت وائلاً كي لا يفيقوا، فأبيت تغلب على أعتزالي
- قتلوا جبير بظلم وبدون قتال وأفسدوا ذؤابتي
- قتله بنعل شديد الصلابة لو قتل الكريم بنعل غالي
- يا بني، استعدوا للهزيمة، لقد شربنا كأس الموت الزلال
- يا بني، لقد تغلبتم على من قتل، ولم نسمع عن مثل هذا في الخوالي
- قُربَ مربط النعامة مني، لقد حدثتُ حربًا وائلًا بخصوصه
- على بعد مسافة قريبة من مربط النعامة مني، وهذا ليس مجرد قول
- في مربط النعامة قريباً من جدي، تم تسجيل بوح النساء بالأعوال
- في مربط النعامة قربي شاب يثير رأسي وتنكرني الأوقات العالية
- قرب مربط النعامة مني في السرية والغدو والأصالة
- طال الليل عليَّ الذي قرب مربط النعامة وأطال الأيام
- مسافة مربط النعامة بعيدة عني، لا تمت الأبطال بالأبطال
- انها قربا مربط النعامة مني وتعديلا عن مقالة الجهال
- قُربي من مربط النعامة لا يجعل قلبي ينسى القتال الشديد
- يقع مربط النعامة بالقرب مني، عندما تهب رياح ذيل الشمال
- اقتربت من مربط النعامة بجانب جبير مفكك الأغلال
- قرب مربط النعامة، لكريم متوج بالجما
- عندما يقترب مربط النعامة مني، لا نبيع الرجال، وإنما نبيع النعال
- قرب مربط النعامة مني إلى جبير فداه عمي وخالي
- قربها لحي تغلب شوسا ليس عناق الأيام يوم المعركة
- يقع قريبًا منها، وقرب درعا ودلاصا لأمتي، وهي منطقة نبيلة
- قرباها بمرهفات حداد لقراع الأبطال في يوم النزال
- اسألوا كندة الكرام ومذحجا وحي هلال غدًا
- عندما يأتينا جيش مكون من مقاتلين أشداء الضرر والأذى
- ما زلنا نحمله عند قراءته للقرآن، كلما مر ذبابة كانت تعض الصقال
تعرف هذه القصيدة باسم “قربا مربط النعامة”، وهي أشهر قصيدة تمت قراءتها في حرب البسوس، والنعامة هي فرس الحارث، ويقال إن النعامة ليس لها مثيل في زمانها، وعندما علم الحارث بمقتل البجير، قرر المشاركة في الحرب، وتعني “قربا مربط اليمامة مني” أنه يطلب من أصحابه أن يحضروا له فرسه ليبدأ الحرب على تغلب بعد أن كان يرفض الحرب في البداية، ويقال إن الحارث قطع ناصية فرسه وذنبها، وأصبح هذا الفعل عادة عند العرب عند التحضير للثأر.
قصة حرب البسوس
تعتبر حرب البسوس من أشهر حروب العرب بسبب مدتها الطويلة واندلاعها المفاجئ. بدأت الحرب بسبب ناقة كانت مملوكة للبسوس بنت منقذ التميمية. كان للبسوس ابن أخت يدعى جساس بن مرة، وكان جساس من قبيلة بكر بن وائل. في إحدى الأيام، خرجت ناقة البسوس المعروفة بـ”سراب” للرعي، ودخلت مرعى يعود لكليب بن ربيعة، الذي كان سيد قبيلة تغلب بن وائل ومنحه السيطرة على العرب من قبيلتي تغلب وبكر. ولم يكن يسمح لأي قبيلة بالرعي في تلك الأرض أو شرب الماء من البئر بدون إذنه. وقد تعود أصل المثل “أعز من كليب وائل” إلى هذا الواقع. يقال أنه كان واحدا من اثنين فقط من سادة العرب الذين حملوا لقب الملك. كان كليب متزوجا من أخت جساس، فنادى كليب جساس وقال له إذا دخلت الناقة المرعى سأطلق سهمي في ضرعها. رد جساس قائلا إنه إذا قام بذلك، سيقتله. وبالفعل، عندما دخلت الناقة مرة أخرى إلى مرعى كليب،قام بإطلاق سهمه وقتلها.
عندما رأت البسوس ذلك، صرخت وقالت “وأذله”، وأدركت أنهم يشعرون بالذل. وظلت ترتب قصيدتها وتستغيث بابن أختها. وقيل إن العرب عرضوا عليها عشرة نوق أخرى بدلا من ناقتها المفقودة، لكنها رفضت. ثم جاء جساس وقال لها إنه سيقتل جملا أعظم من ناقتها. ظن الجميع أنه يقصد جمل كليب، وهو أعظم الإبل. وفي ذلك الوقت، كانت مجموعة من أبناء بكر يحاولون الحصول على ماء من بئر، ومنعهم جمل كليب. ثم حاولوا في بئر آخر ومنعهم أيضا، ثم في بئر ثالث ومنعهم مرة أخرى. فجاء جساس إلى جمل كليب وقال له: أنت تريد أن تقتل قومنا عطشا كما قتلت ناقة خالتي البسوس. فرد عليه كليب: لم نمنعهم من الماء إلا لأننا نحن الذين نحتاجه. فقتل جساس جمل كليب، وكان معه صاحبه عمرو بن الحارث بن ذه.
طلب كليب، وهو ينزف من جساسه، من فريقه أن يسقوه بالماء، لكنهم رفضوا، فطلب من عمرو أن يسقيه، فنزل عمرو من فرسه وقتل كليب، فقيل عنه: “الذي يستجير بعمرو كمن يستجير من الرمضاء بالنار.
يقال إن كليبًا قبل وفاته كتب وصيته بدمه على الحجر لأخيه المهلهل وطلب منه الانتقام له ورعاية ابنته اليمامة.
كان كليب، شاعر سادة أخو عدي بن ربيعة، يفوق شعرائها، وكان عدي لا يهتم سوى بالخمر والنساء واللهو، وعندما علم بمقتل أخيه، ترك اللهو وطلب من بني بكر إما إعادة أخيه كليب أو قتل جاسوسٍ يدعى جساس، ولكن بنو بكر رفضوا تسليم جساس للمهلهل ليتم قتله، فبدأت الحرب.
– يشير الرقم إلى فقرة محددة في نص ما. الفقرة تتحدث عن الحارث بن عباد الذي امتنع عن القتال لفترة طويلة، حتى طلب منه رجال بكر التوسط لإنهاء ما يفعله الزير سالم، وأن نتيجة الوساطة كان قتل ابنه، وتشير بعض المصادر إلى أن أم بجير بن الحارث بن عباد قد تكون أم الأغر بنت ربيعة، أخت الزير سالم، وهذا لم يمنعه من قتل ابنها، وبدأت من ذلك حرب الزير سالم مع ابن عباد الحقيقية.