قصه عن الكذب من كتاب رياض الصالحين
الكذب يعد سرطانا انتشر في مجتمعاتنا ويمكن أن ينمو في أطفالنا منذ الصغر، ونحن لا نلتفت إليه غالبا، بل في بعض الأحيان نحن نزرعه في أطفالنا، فالشخص الكاذب يعاني دائما من القلق والحيرة والاضطراب والشك، كما أنه يتجه نحو السلوكيات السيئة ويغلق الأبواب أمام البركات والخيرات ويفتح أمام الشرور والمشاكل، ولذلك يجب علينا زرع الصدق في أبنائنا منذ الصغر وتعليمهم عدم الكذب في أي موقف، ويمكننا أيضا أن نحكي لهم قصة صغيرة عن الكذب ليكرهوه ويتجنبوه.
فصل الصدق في القران الكريم والسنة النبوية
قَالَ الله تَعَالَى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين [التوبة: 119].
وَقالَ تَعَالَى: وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ [الأحزاب:35].
وَقالَ تَعَالَى: فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ [محمد:21].
عَن ابْنِ مَسْعُودٍ، عن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (إِنَّ الصَّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً، وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفجُورِ وَإِنَّ الفجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً) متفقٌ عَلَيهِ.
قصة قصيرة عن الكذب من كتاب رياض الصالحين
قصة عبد الله بن عمر رضي الله عنه
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: زار رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلنا وأنا كنت صبيًا صغيرًا، فخرجت لألعب، فقالت أمي: يا عبد الله، تعال حتى أعطيك، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `ماذا تريدين أن تعطيه؟`، فأجابت: تمرًا، فقال: `لو لو لم تُعطِيه لكتِبت عليكِ كذِبة`
قصة الامام الشافعي وهو صغير
كان الإمام الشافعي يستعد للسفر إلى المدينة المنورة، مسقط رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفجأة دخلت أمه عليه ونصحته بالاستعداد وقالت له: قم يا محمد، لقد جهزت لك ستين دينارا حتى تنضم إلى القافلة التي ستأخذك إلى المدينة المنورة لتتعلم من العلماء والمشايخ الكرام وعباقرة الفقهاء، وفعل محمد بن إدريس (الإمام الشافعي) فعلا وضع كيس الدنانير في جيبه، وقالت له أمه: يا بني، احذر الإسراف.
وذهب محمد حتى يتهيأ ليلحق بالقافة، فقال لأمه: طلب محمد النصيحة من أمه، وفي الرد قالت له أمه: يجب عليك أن تكون صادقًا في جميع الأوقات يا بني، فإن الصدق ينقذ صاحبه، ولقد اتبع محمد نصيحة أمه وعانقها قبل أن يغادر للانضمام إلى القافلة.
أثناء سير القافلة في طريقها إلى المدينة المنورة، تم قطع طريقهم من قبل لصوص قطاعين للطرق. هاجموا القافلة ونهبوا كل محتوياتها وسرقوا جميع أفراد القافلة. وجدوا محمد بن إدريس، الفتى الصغير، وسألوه: هل لديك أي شيء يا فتى؟ في ذلك الوقت، تذكر محمد بن إدريس كلمات أمه ووصيتها له بأن يكون صادقا لأن الصدق ينجي صاحبه. فأجابهم قائلا: نعم، لدي ستون دينارا، ولكن اللصوص لم يصدقوه واعتبروه يتهرب وسخروا منه. تركوه وعادوا إلى الجبل وإلى مخبئهم الخاص.
وضعوا البضاعة أمام زعيمهم وسألهم إذا أخذتم كل شيء في القافلة؟ فأجابوا بنعم، حيث سلبوا كل أمتعتهم وأموالهم، باستثناء غلام سألوه عن ما يحمل معه، فأجاب بأنه يحمل ستون دينارًا، واستهزأوا به وتركوه
فقال لهم: أحضره لي، ثم ذهب اللصوص وجلبوا محمد بن إدريس ووضعوه بين يدي الزعيم. سأله الزعيم: هل معك نقود يا صبي؟ فأجابه محمد: نعم، معي ستون دينارا. مد الزعيم يده الكبيرة ليأخذ النقود وقال له: أين هي؟ فأخرج محمد النقود ووضعها في يد زعيم اللصوص. أخذها زعيم اللصوص ووضعها في كفه وبدأ يهزها، ثم فتح الكيس وسكبها على يده وبدأ يعدها ووجد أنها بالفعل ستون دينارا.
قال له في عجب: أمجنون أنت يا فتى، فقال له محمد بن إدريس، لماذا، قال له زعيم اللصوص، لماذا ترشدني على كل نقودك وتخرجها لي طوعاً، من الممكن أن تخبرنا أنك لا تملك أموالاً أو أن تدخر منها جزء وتخرج جزء، وكنا نصدقك، فقال له محمد بن إدريس: لما خرجت مع القافلة قلت لأمي أوصني، فقالت لي عليك بالصدق في كل الأحوال، ولقد صدقت.
توقف الزعيم للحظات وهو ينظر إلى هذا الفتى الصغير وماله الذي بين يديه الذي لا يملك سواه، وقال له: لاحول ولا وقوة إلا بالله، تصدق معنا ونحن قطاع الطرق، ونحن غير صادقين مع أنفسنا ولا نخاف الله فيما نفعله من حرام، وأمر الزعيم أن يرد اللصوص ما سرقوه من محمد بن إدريس وكل ما سرقوه من القافلة.
عادت أموال القافلة وممتلكاتهم بفضل فعل محمد الذي كان سببًا في إنقاذهم من اللصوص، وفرحت القافلة بهذا الفعل، وتاب الزعيم ومن معه وتوقفوا عن قطع الطرق، وكل ذلك بسبب صدق هذا الصبي .