قصص من نوادر أشعب الطماع
أشعب مولى عبد الله بن الزبير، نشأ في بيت عثمان بن عفان تحت إشراف عائشة ابنة عمه، واشتهر بذكائه وسرعة بديهته وقدرته على الرد السريع والتعامل مع المواقف، حتى أنه كان يضحك كل من حوله، ومع ذلك، كانت شهرته التي تلازمه حتى بعد وفاته هي “أشعب الطماع”، وكان يستخدم اسمه في المثل الشعبي “أطمع من شعيب”. وقيل لأشعب: “هل رأيت أحدا أكثر طمعا منك؟” فأجاب: “نعم، كنت عندي شاة على السطح، فرأيت قوس قزح وظننته حبلا فهبطت إليه وانحنت عليه وانزلقت من السطح وقتلت الشاة”. وفيما يلي بعض من نوادر أشعب مع رفاقه وأصدقائه.
أشعب واللوز والفسدق :
دخل أشعب على أمير المؤمنين أبي جعفرٍ المنصور فوجد أميرَ المؤمنين يأكل من طبق من اللوز والفسدق، فألقى أبو جعفر المنصور إلى أشعب بواحدة من اللوز فقال أشعب : يا أمير المؤمنين ثاني اثنين إذ هما في الغار، فألقى إليه أبو جعفر اللوزة الثانية.
فقال أشعب : فعززناهما بثالث، فألقى إليه الثالثة.
فقال أشعب : خذ أربعة من الطيور واجعل الرابعة تطير إليك.
فقال أشعب : يقولون إن خمسة منهم كلابهم، فألقى الخامس والسادس إلى كلبهما.
فقال أشعب : ويقولون إن لديهم سبعة، وثامنهم كلبهم، فألقى السابعة والثامنة إليه.
فقال أشعب : في المدينة، كان هناك تسعة رهبان، ورمى الرابع نحو التاسع.
فقال أشعب : في الحج، يتم صيام ثلاثة أيام، وسبعة إذا عادوا في العشر الكاملة، ويتم إلقاء الحصى العاشرة.
فقال أشعب : لقد رأيت أنا أحد عشر كوكباً، بالإضافة إلى الشمس والقمر، ورأيتهم يسجدون لي، ثم ألقيت عليهم الحادية عشر.
فقال أشعب : والله يا أمير المؤمنين، لو لم تعطيني الطبق كاملاً لأقول لك “وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون”، فأعطاه الطبق كاملاً.
أشعب والخباز :
عن المدائني، قال: تناول أشعب الطعام مع زياد بن عبد الله الحارثي، وجاءوا بمضيرة، وقال أشعب للخباز: ضعها بين يدي، فوضعها بين يديه، ثم سأله زياد: من يصلي مع أهل السجن؟ فأجاب أشعب: ليس لهم إمام، فقال زياد: دعونا نصلي معك، فرد عليه أشعب: أو يمكن للأمير أن يصلح ذلك؟ فقال زياد: وما هو الحل؟ فأجاب أشعب: إذا حلفت أنني لن أأكل من المضيرة أبدًا.
موت أشعب :
في كتاب بستان الأدباء، قال: كانت هناك امرأة في المدينة تعاني من إصابة شديدة في عينها، حتى أنها لا تنظر إلى أي شيء إلا وتدمره. فقد دخلت عندما كان أشعب يحتضر وكان يتحدث بصوت ضعيف مع ابنته ويقول لها: “يا بنتي، إذا مت فلا تبكين عليّ وتندبيني، لأن الناس سيسمعونك وسيكذبون عليّ ويلعنوني.
وتفت عشب ينظر إلى المرأة فتغطي وجهه بكمه وتقول لها يا فلانة، أقسم لك بالله إذا كنت قد ارتاحت لشيء مما أنا فيه، فصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. ترد وتقول: قد أشغلت عينك وأي شيء أنت فيه تحسنت منه؟ فإنما أنت في آخر لحظاتك. يقول عشب: قد علمت ذلك، ولكني قلت لكي لا تظنين أنك تحسنتي سهولة الموت علي واستجابة للموت، لذا تزداد مصاعبي. تغادر من عنده وهي تسبه، فيضحك من حوله، حتى أولاده ونساؤه، ثم تستمر.
من هو أشعب ؟
يقال له ابن أم حميدة ويكنى أبا العلاء وأبا القاسم، كان أشعب مولى ل عبد الله بن الزبير. تولت تربيته عائشة بنت عثمان فتأدب على يدها وقرأ القرآن وحفظ الحديث، وقد روى عن عبد الله بن جعفر، فقد كان طيب العشرة من الظرفاء، يحسن القراءة، ذا صوت حسن فيها، وقال الميداني في كتابه ” أمثال العرب ” : كان أشعب حسن الصوت يجيد الغناء ويتكسب به، وكان حسن الدعابة سريع النكتة شديد الحرص ميالاً للتطفل، وقد كان لشدة طمعه مضرب المثل، عاش طويلاً واتصل بكثير من الشخصيات المعروفة في زمنه، توفي بالمدينة في عام 154 هـ الموافق 771 م.