قصص من حياة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
مهما قلنا وكتبنا عن الفاروق عمر، لن يكفينا الوقت ولا الأوراق ولا الحبر لنعطي هذا الرجل حقه فيما نريد أن نصفه أو نتحدث عنه، فهو المبشر بالجنة وحبيب الحبيب وصديق الصدوق. إنه الفاروق الذي يفصل بين الحق والباطل، أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب. تحمل قصص حياته الكثير من العبر وتؤثر فينا بشكل كبير، ولا يمكننا أن نجمع كل ما قيل عنه ووصف بهذا الرجل الذي نتمنى أن يكون بيننا اليوم، رجلا يتحلى ببعض صفات سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه. والآن سنسرد أفضل 10 قصص في حياة سيدنا عمر بن الخطاب، لنتعلم منها ونفهم كيف كانت حياته وحكمته
قصة المرأة التي سمع الله كلامها
كانت تلمس الطريق بعصا في يدها، وثقلت الأيام ظهرها، وأثقلت كاهلها، أوقفت عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان يتوسط القوم، ومالت به إلى جانب الطريق .
اقترب عمر رضي الله عنه ووضع يده على كتفيها، واستمع بانتباه إلى صوتها الهادئ الذي وصل ببطء إلى أذنه، وظل يستمع لها لفترة طويلة حتى يفهم احتياجاتها ويقضيها .
عندما ذهب عمر رضي الله عنه إلى القوم الذين طالت وقوفهم، قال رجل: يا أمير المؤمنين، هل حبست رجال قريش على هذه المرأة العجوز؟
قال عمر رضى الله عنه : ويحك ! أتدرى من هذه ؟!
قال الرجل : لا
قال عمر رضى الله عنه : هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات!! هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت حتى تقضي حاجتها
هذه هي السيرة العطرة لهذا الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: `والله ما رأيت الشيطان يسلك طريقا إلا وسلك طريقا آخر. أي أنه لا يتبعك في أي طريق تسلكه إلا أن الشيطان يتبع طريقا آخر. إنه رجل صادق ومخلص، وله شخصية قوية توحي بالهيبة حتى أن ملوك العرب عندما يأتون إلى عمر ويرغب أحدهم في التحدث معه، يصعب عليهم الكلام بسبب قوته الشخصية وتأثيره. يحدث خلط في كلماتهم ولا يستطيعون التعبير بوضوح.
وفقًا للقصة، وقف رسول الكسرى فوق رأسعمر رضي الله عنه وقال له “عدلت فأمنت فنمت يا عمر
وكان عبدالله بن مسعود يقول : لم نستطع الصلاة بجوار الكعبة المشرفة حتى أسلم عمر بن الخطاب، فعندما أسلم قاتل قريشًا حتى صلى بجوار الكعبة المشرفة، وصلينا معه. إنه كان جبارًا وشديد الحزم.
عن عبدالله بن عامر بن ربيعة ، عن أمه ليلى قالت : كان عمر بن الخطاب من أشد الناس علينا في إسلامنا ، فلما تهيأنا للخروج إلى أرض الحبشة ، فأتى عمر بن الخطاب وأنا على بعيري وأنا أريد أن أتوجه فقال أين يا أم عبدالله ؟ فقلت : آذيتمونا في ديننا فنذهب في أرض الله حيث لا نؤذى ، فقال : صحبكم الله ثم ذهب فجاء زوجي عامر بن ربيعة فأخبرته بما رأيت من رقة عمر ، فقال : ترجين أن يسلم والله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب . رواه الطبراني
قصة عمر مع العجوز الشاعرة
في كوخ صغير بأقصى المدينة، يحاول مصباح يضعف إختراق الظلام .
اقترب عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الكوخ، فإذا بامرأة عجوز تجلس في ثوب أسود، متوهجة في الظلام الذي لم يتمكن الفانوس من اختراقه
صلاة البررة على محمد… صلوا عليك يا مصطفى الأخيار
كنت قوامًاباكي الأسحار، ليت شعري والمنايا أطوار
هل تجمعنى وحبيبى الدار
هذه الكلمات أثرت في قلب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأعادت إلى الذاكرة الأيام السابقة، فبكى ودموعه تنهمر بغزارة، وقام بطرق الباب .
فقالت : من هذا ؟
قال وهو يغالبه البكاء : عمر بن الخطاب .
قالت : ما هو سبب ولعي بمالي وعمري في هذا الوقت؟
قال : افتحي الباب، رحمك الله، فلا توجد مشكلة عليك، ففتحت الباب له ودخل .
فقال : أعيدي قول الكلمات التي قلتها في البداية، فأعادها علي، وعندما انتهيت منها، قال: أسألك أن تسمحي لي بالانضمام إليكما .
قالت : وعمر فاغفر له ياغفار .
فرضى ورجع .
قصة عمر مع الصبي الجائع
اهتزت المدينة وازدحمت الطرق بالوافدين من التجار الذين نزلوا إلى المصلى، وامتلأ المكان بالأصوات .
فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنهما : هل يمكنك حراسة منزلهم الليلة لمنع السرقة؟
فبدأا يحرسان ويصليان ما كتب الله لهما، فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صوت صبي يبكي، فتوجه نحو الصوت، وقال لأمه التي تحاول إسكاته: اتقي الله واحسني إلى طفلك .
ثم عاد إلى المكان الأصلي وارتفع صراخ الصبي مرة أخرى، ثم عاد إلى أمه وقال لها نفس الشيء، ثم عاد إلى المكان الأصلي. وعندما كان في أواخر الليل، سمع بكاء الصبي، فأتى أمه وقال لها عمر رضي الله عنه في حالة ضيقة: ويلك، إني أراك في حالة سيئة، ولماذا لا أرى ابنك ينام منذ الليلة؟
قالت الأم فى حزن وفاقة : يا عبد الله، لقد تعكرت حالتي هذه الليلة، فأحاول أن أفطمه، لكنه يرفض .
قال عمر رضى الله عنه فى دهشه : ولم ؟
قالت الأم فى ضعف : لأن عمر لايفرض إلا للفطيم .
ارتعدت فرائص عمر رضى الله عنه خوفا، وقال بصوت متعثر: وكم له
قالت : كذا وكذا شهرا .
قال عمر رضى الله عنه : ويحك لاتعجليه .
ثم انصرف وأدى صلاة الفجر ولم يتمكن الناس من قراءتها بسبب البكاء الشديد، وعندما انتهى من الصلاة قال: يا للأسى، كم من أولاد المسلمين قد قتلوا؟
ثم أمر بهذا لكل مولود في الإسلام وذلك مكتوبا في الأفاق .
قصة عمر بن الخطاب مع العجوز العمياء
في مكان صغير على أطراف المدينة، كانت تعيش امرأة عجوز عمياء ليس لديها سوى شاة ودلو وحصيرة من الخوص لتأكل وتعيش بها، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعتني بهذه المرأة في الليل، يجلب لها الماء ويساعدها، واستمر في ذلك لفترة من الزمن .
ذات يوم، زار عمر بن الخطاب رضي الله عنه البيت، ووجد كل شيء مرتبا ومرتبا، فعلم أن شخصا آخر سبقه إليه في إصلاح ما تحتاجه. لذلك، كان يأتي إليها مرارا وتكرارا وفي كل مرة يجد أن شخصا آخر سبقه إلى البيت وقام بتنظيفه وإصلاحه .
اختبأ عمر رضي الله عنه في مكان قريب من البيت ليعرف من هو الشخص الذي يأتي قبله، بقي هناك لبعض الوقت، ثم فجأة رأى رجلا يقترب من البيت وطرق الباب، ثم دخل… إنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو حينها خليفة المسلمين .
خرج عمر رضي الله عنه من مكان الاحتماء ورأى أن الأمور قد تبينت له، فأعرب عن إعجابه بصديقه رضي الله عنه قائلاً: `أنت لعمري… أنت لعمري`.
قصة الأعرابي الذي يطوف بأمه مع عمر بن الخطاب
إرتفعت أصوات الطائفين فى الأجواء , يعطرون البيت بالتكبير والتهليل , إختلطت نبراتهم الضارعة بدموعهم الهادرة , واندفع خلف هؤلاء الهائمين فى حب الله أعرابى مديد القامة , عريض المنكبين , مفتول العضلات , ريان الشباب , يحمل فوق كاهله أمه العجوز التى تربعت فى معول ( مقطف ) كبير وهو يردد قائلا :
ركبت المهور بثبات وثقة، ولم أشعر بالرعب على عكس الركاب
تضرعًا لله بالقول: “ما حملتني وأرضعتني أكثر، لبيك اللهم لبيك..
فقال علي بن أبي طالب، الذي وقف بجانب البيت الحرام مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهما يراقبان المتوافين: `يا أبا حفص، ادخلنا الطواف لعل الرحمة تنزل علينا وتغمرنا` .
ثم انطلقا يطوفان خلف الأعرابي، وعلى بن أبي طالب رضي الله عنه يرد عليه قائلا:
إن تبرعت فالله أشكر… سيجازيك بالقليل الأكثر
قصة عمر بن الخطاب والشاب الذي يتحدث من قبره
كان هناك شاب في المدينة، تفانى في الزهد، وكان يلازم المسجد ليستمع إلى الحديث الرقيق من أفواه الصحابة رضوان الله عليهم، أعجب به عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وكان له أب شيخ كبير , فإذا صلى العشاء انصرف إليه , وكان طريقه على باب امرأة , افتتنت به , فمر بها ذات يوم , فمازالت تغويه حتى تبعها , فلما هم أن يدخل البيت خلفها , تذكر قول الحق سبحانه وتعالى :” إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ” فخر مغشيا عليه , فحمل إلى أبيه .
ظل الشاب مغشيا عليه حتى ذهب ثلث الليل، وعندما استفاق سأله والده عن ما حدث فأخبره .
فقال له أبوه : يا بنى وأى آيه قرأت ؟
قرأ الشاب الآية فاختار اللهفة وفقد الوعي ، وعندما اجتمع أهله وجيرانه لنقله وجدوه ميتا ، فتم غسله وكفنه ودفنه ليلا. وفي الصباح تم تقديم الأمر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فجاء إلى أبيه ليعزيه ثم زار قبر الشاب وصاح قائلا: يا فلان: “ومن خاف مقام ربه جنتا.
فأجابه صوت الفتى من القبر : يا عمر قد أعطانيها ربي في الجنة مرتين.
القصة السابعة اليوم أسبق أبا بكر
وقف النبي عليه الصلاة والسلام خطيبا يحث الصحابة (رضوان الله عليهم) على الإنفاق والصدقة، وكان من بين هؤلاء الصحابة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، الذي انشرح صدره وتهلل وجهه، لأنه كان لا يمتلك مالا .
فقال عمر رضى الله عنه : اليوم أسبق أبا بكر رضي الله عنه .
سارع بسرعة تفوق الريح، ثم عاد وكان بيده حقيبة كبيرة من المال ووضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
نظر النبى إلى هذه الصرة الكبيرة ثم استقبله بنظره قائلا : ماأبقيت لأهلك ؟
قال عمر رضى الله عنه : أبقيت لهم مثله .
ثم عاد عمر رضى الله عنه إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تكن إلا هدية، حتى دخل أبو بكر رضى الله عنه المسجد وهو يحمل صندوقا أكبر وأعظم من الذي جاء به عمر رضى الله عنه، ثم وضعه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم .
تبسم النبى صلى الله عليه وسلم قائلا : ماأبقيت لأهلك ؟!
أجابه بكلمات خاشعة : أبقيت لهم الله ورسوله .
حرك عمر رضى الله عنه رأسة إعجابا بالصديق قائلا : لن أسبقك إلى شيءٍ أبدًا يا أبا بكر .
القصة الثامنة لن أبرئ بعدك أحدا
عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه دخل على أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وكان ثريا جدا، فقالت رضي الله عنها وكأنها تشجعه على الإنفاق:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيبقى بعض أصدقائي الإيرانيين بعد وفاتي إلى الأبد .
ترتعش فرائص عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وتعلق الكلمات في حنجرته، فنهض مذعورا وذهب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
فقال عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه : استمع لما قالته أمك وأخبره ما قالته
شعر عمر بالخوف وهو يشعر بأن الأرض تتحرك تحت قدميه، فقام بسرعة حتى وصل إلى أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها .
فقال وهو جاث : أنشدك بالله أمنهم أنا ؟!!!!!!!!
قال أم سلمة رضى الله عنها : لا ولن أبرئ بعدك أحدا .
القصة التاسعة المرأة المجذومة
تجوب أسراب الناس بيت الحرم، حيث تتداخل دموعهم مع تكبيراتهم وتهليلاتهم، وسط هذا الازدحام، رأى عمر رضي الله عنه امرأة مجذومة تطوف .
فقال عمر رضى الله عنه : يا أمة الله، لا تؤذي الناس حتى لو جلست في بيتك .
استجابت المرأة لصوت أمير المؤمنين، وأقامت في منزلها دون أن تفارقه حتى توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم مر بها رجل بعد ذلك وقال لها: إن الشخص الذي كان ينهاك قد توفي، فاخرجي .
قالت : ماكنت لأطيعه حيا وأعصيه ميتا .
فظلت فى بيتها حتى مات
قصة الغيرة العاشرة لعمر رضي الله عنه
في تواضع العظماء جلس النبي صلى الله عليه وسلم، ينبعث من شفتيه همهمات التسبيح، وينبعث من صدره أصداء الحديث الرنانة، ويحيط به هالة من أصحابه .
فقال صلى الله عليه وسلم : بينما أنا نائم، رأيت نفسي في الجنة وكانت هناك امرأة تتوضأ بجوار قصر .
فقلت : لمن هذا القصر ؟!
فقيل : لعمر .
فقال صلى الله عليه وسلم : فذكرت غيرته فوليت مدبرا .
فبكى عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه وهو يقول : أعليك أغار يارسول الله ؟!