ادب

قصص من التراث الفلسطيني

يتضمن التراث الشعبي الفلسطيني العديد من القصص المميزة التي يتم تناقلها بين الأجيال للدعوة إلى التمسك بالأخلاق الحميدة والسلوك الحسن في العديد من المواقف الصعبة في الحياة. كما تتضمن بعض القصص الحدث الذي شهده أجدادنا وأجدادنا.

جدول المحتويات

قصص التراث الفلسطيني

  • يحوي التراث الفلسطيني العديد من القصص التي لا تزال تُروى في الجلسات العائلية ومجموعات الأصدقاء، ويتم حكايتها أيضًا من قِبَل المثقفين في المناسبات الأدبية والثقافية المختلفة.
  • تحتوي القصص الفلسطينية على حكايات عن الأحداث القديمة والمدن الفلسطينية والعلاقات بين الحكام والمحكومين، وكذلك العلاقات بين الإنسان والحيوانات والطيور وغيرها.
  • تروي القصص الفلسطينية أيضًا قصة علاقة الإنسان بحاضره ومستقبله وأمانيه.
  • تشير القصص الفلسطينية دائما إلى الفائدة المستمدة من القصة في نهاية الأحداث، حيث تخلد العبر.

حكاية ذكاء صياد

فيما كان الملك والوزير يتجولان على شاطئ البحر، رأيا صيادا يبدو عليه فقر الحال وهو يستخدم شباكه لصيد الأسماك في المياه، وبدا الصياد سعيدا وسرورا على الرغم من محنته ويغني كما لو أنه لا يعبأي هموم في الحياة.

قرر الملك والوزير التعرف على الصياد، فاقتربا منه، وسأله الملك: عندما يسأل شخصٌ عن حالة الآخر، يمكن أن يرد الآخر بالقول: `حالنا واحد، أنا متكفِّلٌ بنفسي وبعائلتي وأنام بسعادة واطمئنانٍ إلى أن رزقي مضمونٌ ومؤمَّنٌ.

استفز قول الصياد الملك، فقال: يقول المتحدث: `أنا ملك هذه البلاد، ولا يمكن لأحد أن يشاركني في الحكم!` يرد الصياد: `إذا كنت أنت ملكًا على عرش المملكة، فأنا ملكٌ في مهنة الصيد على عرش شباكي.

بادره الملك قائلاً: وعد الصياد بأنه سيختبره، وإذا صدقت كلامه فسيعفو عنه، وإذا كذب فسيأمر بقطع رأسه. رد الصياد قائلاً إنه رجل بسيط يسعى لكسب رزقه ورزق أبنائه، وأنه يوجد وزير يمكن السؤال عنه كما يريد

زاد رد الصياد من رغبة الملك في إلقاء السؤال، فسأله: قُل لي أيها الصياد: ما هو عدد النجوم؟ وما هو عمل ربك الآن؟

نظر إليه الصياد، ثم رد: لن أجيبك حتى تمنحني كلمة الأمن والأمان، يا ملك الزمان. فأجاب الملك بسرعة: لك مني الأمن والأمان، وهذا عهدي

أجاب الصياد : إذا حلقتم شعركم، يا سادتي، ووضعتموه هنا أمامي، وقمتم بعد ذلك بالعد، سيكون عدد النجوم في السماء هو الناتج، وأما عمل الرب الآن فهو

نظر الملك مستفهماً، فقال الصياد: أنا لا أجيبك حتى ينزل وزيرك من حصانه ويخلع ملابسه ويرتدي ملابسي! فأمر الملك الوزير بفعل ما طلبه الصياد، وأطاع الوزير الأمر.

امتطى الصياد حصان الوزير بعد ارتداء كل منهما ملابس الآخر، وقال إن عمل الرب الآن هو تغيير الأحوال في ثوانٍ معدودة من حالة إلى حالة.

وجأة، مر طير فوق رؤوسهم جميهاً، وصاح : كاك..كاك..كاك، فسأل الملك وزيره: ماذا يقول هذا الطائر؟ فأجاب الوزير: لا أدري! ثم طرح الملك نفس السؤال على الصياد، فأجاب الصياد: إن كاك الأولى تعني “سبحانه، لا يعرف سر أي مخلوق على وجه الأرض إلا هو”، وكاك الثانية تعني “سبحانه، لا يعلم جميع العلوم في مشارق الأرض ومغاربها إلا هو”، وأما كاك الثالثة فتعني “سبحانه، لا يمتلك سر الرزق وسر العمر إلا هو.

ابتسم الملك في تفهم، ثم أشار للصياد قائلاً: اجلس على ظهر الحصان ولا تنزل منه، وأنت يا وزير، ابق على شاطئ البحر من الآن فصاعدًا ولا تتجاوزه.

قصــة الكووك

في زمن حكمه الأتراك فلسطين، عاش رجل بسيط الفكر والحال يدعى درويش، وعاشت معه في كنفه زوجته العاقلة فهيمة التي صبرت طويلاً على حالها وواجهت العديد من المشاكل معه.

وقعت حالة ضيق على الزوجين، فطلبت الزوجة من زوجها أن يأخذ البقرة ويبيعها في السوق مقابل 10 أو 20 ليرة. ثم حضّرت فهيمة طعامًا لدرويش وحملت البقرة له، وسلمتها له ليجرها في طريقه إلى السوق.

بعد أن تعب درويش من سحب البقرة، قرر الجلوس والاستراحة في ظل الشجرة، وربط البقرة بجذع الشجرة، وجلس بجانب منديل الزاد، وعندما قال “بسم الله”، سمع نعيق الغراب، فنظر إليه وقال:

الآن، ماذا تشتهي يا غراب؟ هل ترغب في شراء البقرة؟” فنعق الغراب بصوته: كوك.. كوك.. كوك.. فرد درويش: إذن، هل تستطيع دفع 20 ليرة؟ فنعق الغراب: كوك.. كوك.. كوك.

قال درويش: في هذه القصة، بعد أن سأل الدرويش عن مكان النقود، سمع صوت غراب يقول: `كوك، كوك، كوك`. فبدأ الدرويش في حفر المكان الذي كان يتحدث منه الغراب واكتشف جرة مليئة بالذهب العثماني، حيث حصل على بعض منها ودفن الباقي مرة أخرى وترك البقرة مربوطة بالشجرة للغراب.

عندما فوجئت فهيمة بعودة درويش قبل غروب الشمس، سألته عن البقرة فأجاب بأنه باعها للغراب بمبلغ عشرين ليرة، وأعطاها النقود. انفعلت الزوجة فور رؤية الليرات، وتجاذبت الحديث مع زوجها حتى عرفت القصة بالكامل.

ابتسمت له ثم قالت: أسأل الله أن يمنحك الصحة والعافية والعقل الكامل! ثم سارت بخطوات ثقيلة نحو الشجرة، وتحركت بحذر شديد حتى وصلت إلى الجرة وملأت جيوبها بالليرات الذهبية، ثم فكت البقرة وعادت بها إلى المنزل.

وفور رؤيتها انفعل الدرويش، وصاح: صنعت هيمة الزلابية أو (لقمة القاضي)، وصعدت إلى سطح منزلها، وأخذت تلقي عليها حبات الزلابية. ففرح زوجها وهو يرقص ويقول: السماء تمطر زلابية! السماء تمطر زلابية! ومع ذلك، فقد اعتبرت هذه الفعلة سرقة واعتداء على حقوق الآخرين، وطُلِبَ من هيمة أن تعيد بقرة الغراب التي سرقتها

رغم ذلك، أصر الزوج على الذهاب إلى الحاكم ليشكو من زوجته التي سرقت البقرة التي باعها للغراب، وزعم أنها سرقت الليرات الذهبية أيضًا. وبعد انتقاله ليشكو للحاكم زوجته، استدعى الحاكم التركي الزوجة وسألها عن الاتهام الموجهة إليها من زوجها.

ردت فهيمة: زوجي هو سيدي الحاكم، وهو رجل بسيط في التفكير والفهم، وكثيراً ما عانيت بسببه، ومع ذلك فأنا صابرة وراضية، وإذا لم تصدقيني، فاستفسري منه متى حدث هذا الأمر؟

وعندما سأل الحاكم درويش عن زمن الواقعة، قال: في يوم هطول الأمطار الغزيرة، ضحك الحاكم وأشار إلى الزوجة قائلاً: `الله يعينكِ ويصلح حالكِ وحال زوجكِ، يمكنكِ الآن العودة بزوجكِ إلى منزلكما.

عندما عادت فهيمة إلى المنزل، قررت ترك المتاع الذي حملته والعودة إلى مكان إقامتها في بئر سبع.

يستمر التراث الفلسطيني في حمل الكثير من القصص التي يحب الكبار أن يحكوها للأطفال، حيث تحمل هذه القصص مضمونًا إيجابيًا في حوارها وأحداثها والدروس التي يمكن استخلاصها منها.

تشمل تراث فلسطين في حكاية القصص كل ما يحفظه الأشخاص الكبار والمسنات، ويختلف أسلوب سرد القصص أو الحكايات وأسماء الشخصيات بين الأفراد، ولكن العبرة الهامة الموجودة في القصة لا تتغير.

من قصة الصياد نتعلم كيفية تحقيق الأهداف بالصبر والحكمة والرضا بما يقسمه الله، فهو الخالق الذي بيده ملكوت كل شيء.

كيف أدى القصة المتعلقة بالكوك إلى ضرورة البحث عن ما ينفع منزلنا دائمًا، وضرورة التحلي بالحذر في تعاملنا مع الآخرين. ولابد من تطوير ذكائنا وعدم السماح لأي شخص بالتأثير على أفكارنا، وإلا سنصبح ضحية للاستغلال.

لذلك، فإن الاهتمام بتدريس هذه القصص التراثية في مختلف منافذ العلم، والحرص على تدريسها بشكل منهجي للأطفال، يساهم في بناء جيل واع وثقافي ومتسق مع هويته، ولديه حس وطني عالٍ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى