الخليج العربي

قصص من التراث الشعبي السعودي

يمكن تعريف التراث بشكل عام بأنه كل ما تركه الأجداد للأبناء من عادات وتقاليد وآداب وقيم، وحتى أمثال وثقافة، وكل ذلك يتم نقله من الأجداد إلى الأبناء، ثم من الأجيال السابقة إلى الأجيال الحالية التي نعيش فيها اليوم وما إلى ذلك. فالتراث وما يحتويه من تراث شعبي يعبر عن القصص والأساطير والشعر وحتى الألعاب التقليدية التي كان يلعبها أجدادنا. ويشمل أيضا الأمثال الشعبية القديمة وطرق الاحتفال بالأعياد والرقص والفنون والحرف. فهذه الأمور تشكل في النهاية الثقافة العامة للأمة، وتميز كل دولة وشعب عن الآخر بثقافته وعاداته وتقاليده التي تنتقل من جيل إلى جيل. وهذا هو المقصود بتراث الأمة. ولكن التراث الشعبي السعودي له طابع خاص، حيث يجمع بين الأصالة القديمة والحداثة. فعندما تتفحصه،تجد نفسك في فترة من الماضي وتشعر بسحر التاريخ السعودي المذهل. يعتبر التراث الشعبي في المملكة العربية السعودية أحد أركان الهوية الوطنية للدولة ولكل مواطن سعودي، حيث يمثل مصدرا للعقيدة والتقاليد والقيم واللغة والأفكار. ومن خلال هذه العقائد التراثية الأصيلة، تتميز الدولة وتستند إلى تاريخها دون إنكاره. وهناك قصص مثيرة في تاريخ الدرعية

قصص تراثية منقولة عن الأجداد

تعتبر القصص التراثية القديمة والأمثال الشعبية من تراث الأجداد، حيث يتم توريثها من جيل إلى جيل حتى تصل إلى الأجيال الحالية، وفي هذا السياق، سنتعرف على قصة من القصص التراثية القديمة التي ترويها الأجداد

قصة راكان بن حثيلين

 كان الشيخ راكان بن فلاح آل حثلين من أشهر فرسان البادية، وكان رفيع القامة ونحيل الجسم، وكان فخرا لأهل بلده وليس فقط لأهالي البادية، ويتم حتى الآن تذكر اسمه وتاريخه، ومن بين علامات شجاعته التي اشتهر بها هي عندما اسروه الأتراك، وتمكن من تحرير نفسه بما جعل الأتراك يصفقون له، وكذلك عندما برهن عن قوته في معارك الفرسان، ولكنه تعرض للصرع، وكانت لديه عدة حوادث طريفة، ومن بينها هذه الحكاية التي يتحدث عنها الراوي

كان الشيخ راكان في نهاية أيامه وكان قد بلغ من الكبر درجة عالية، وحدث في إحدى المرات أن خرج هو وشاب معه في نشاط شبابه من أبناء قبيلته العجمان لأمر ما… وبعدما شعرا بالتعب، أرادا أن يأخذا قسطا من الراحة، فإذا هما يراقبان من بعيد بيتا. وعندما اقتربا من البيت، إذا هو خال من الرجال ولا يوجد فيه سوى امرأة. فاقترح الشاب على الشيخ قولا مازحا: (أراهنك أن الفتاة ستظنني أنا الشيخ وتأمرك أنت بصنع القهوة). فأجابه الشيخ راكان: (إذا كانت قادرة على التمييز، ستأمرك أنت ولن تشعر بالفرق). واتفقا على عدم إخبارها بأي شيء وتركها تتصرف بحرية تامة. وكما هو معتاد عند بنات البدو، استقبلتهما البدوية ببشاشة وفرشت لهما مكان الجلوس، فتقوم البدوية بأداء واجب الضيافة عند غياب زوجها أو والدها للحفاظ على سمعتها.

(المهم أنها أخذت برهة تدقق بوجهي الضيفين وتفكر، ثم أحضرت الفأس ورمته على الشيخ راكان وقالت له: قم واحطب وشب النار (لمعزبك) أي عمك أو سيدك وصلح له القهوة) والتفت الشيخ راكان للشاب وأشار له بالسكوت كما اتفقا وأخذ الفأس وجمع الحطب وأوقد النار وصنع القهوة، هذا كله والشاب جالس لا يحرك ساكناً، امتثال لأمر الشيخ راكان ولما انتهى من صنع القهوة حمل الدلة وصب للشاب حتى انتهى ثم جلس وشرب والمرأة تنظر إليهما، فلما فرغ الشيخ راكان من احتساء قهوته التفت ناحيتها وأنشد يقول مخاطباً الفتاة:

يا له من جمال الذي يحمله ذراعك من نقوش، حيث أن حكم الله وحكمك يتمثل على الرأس

إن شيتني حشاش سيد الحواشيش، وإن شيتني حطاب قرب لي الفاس.” (مقولة شعبية)

وإذا أردت أن أتخيّل، أرى المتنزّهين يتبعون ظلالهم في يوم حارٍ حيث تجف الريّاح

الفرخ لا يمكنه إغوائك بصفة ريشة الحبارى، يا قرناس العين

ولما فرغ الشيخ راكان من قصيدته قالت الفتاة: هل تقسم بالله أنت الشيخ راكان؟

قال: نعم، شعرت بالخجل وحاولت تصحيح خطأها واعتذرت لعدم معرفتها، فضحك الشيخ راكان وهدأت من روعها وأخبرها ببرهانهما.

قصص شعبية قديمة

تحتوي المملكة العربية السعودية على العديد من القصص الشعبية القديمة التي تحمل الحكم والمواعظ، ويتمثل أحد تلك القصص فيما يلي:

قصه من التراث السعودي

 كان هناك رجل تمتمه الله بتسعة أبناء، ولكنه كان يتوق للحصول على طفل آخر. فعندما ولدت زوجته للمرة العاشرة، ولكن كانت فتاة، شعر بحزن شديد وقال في ذلك الوقت: `يا ليل الأسود، ولكن هل ستكون هذه الفتاة حقا ليلة الأسود؟` في هذه القصة القديمة سنكتشف الحكمة المخفية فيها، وإليك القصة:

يُحكى أن هناك رجل لديه تسع اولاد، حملت زوجته للمرة العاشرة وحين أنجبت وضعتها أنثى، فحزن الرجل حزنًا شديدًا عندما بُشرا بالبنت لعدم رغبته فيها، وقال قولته المشهوره: (ياليلي الأسود)، ولم يكن يعلم أن تلك البنت هي العون له بعد الكَبر عن الصبيان، مرت السنوات وكبر الرجل في العمر وأُصيب بالعمى، وكبر أيضًا الأولاد الذكور وتزوجوا وانشغلوا بعائلتهم الجديدة، ونسوا تمامًا أن لهم أب كبيرًا في السن ضرير، ولكن ابنته لم تنساه ابدًا، فكانت هي البارة الحنونه التي تقوم برعايته على أكمل وجه، وذات ليلة حين دخلت عليه لتعطيه الدواء قال لها: (من أنتي) فقالت: (أنا ليلك الأسود يا أبوي) فأجابها وهو نادمًا ومتأسفًا قائلًا: (ليت الليالي كلها سود).

قصص شعبية نجدية

تتميز مدينة نجد في المملكة العربية السعودية بالكثير من الحكايات التي تحمل في طياتها العديد من المعاني منذ عنوانها الأول حتى آخره، وإليك قصة من قصص نجد

من المجمعة إلى المرقاب

في هذه القصة، نتعرف على فتاة نجدية صغيرة شعرت بالغربة والانتزاع من قريتها وأهلها وأصدقائها، ورغم عدم خوضها تجارب الحياة بعد، إلا أن الأحداث التي مرت بها حفرت في ذاكرتها، وروتها لأبنائها وأحفادها، حيث تحدثت عن أوضاع زواجها، وأحداث رحلتها من نجد إلى الكويت، وكيفية تأقلمها وعيشها هناك، وكيف تكيفت مع الحضارات المختلفة عن بلدها

تتحدث القصة عن فتاة صغيرة، ذات حسب ونسب، ولدت  تلك الفتاة في قرية زراعية صغيرة معدودة البيوت، أي يعرفون بعضهم البعض، نشأت الفتاة مع والدتها ووالدها وإخوتها الصغار في بيت ليس بالصغير ولا بالكبير، ولكنه كان أكبر بيوت القرية، كبرت الفتاة وتقدم لخطبتها أحد الرجال، وشاء القدر أن تتزوج منه بسرعة دون أن تتعرف عليه أو على عائلته، وكان ذلك الرجل يعيش في بلدة أخرى بعيدة فكان يعيش بالكويت، شعرت الفتاة بالغربة، فكيف لها أن تترك بلدتها وأهلها وقريتها فجأة وتتزوج من رجل لا تعرفه وتذهب معه بعيدًا، ولكن سرعان ما تأقلمت الفتاة مع بيئتها الجديدة وبيتها وزوجها وأنجبت له الأولاد وأحبته حبًا جمًا فكان يعاملها برفق ولين، ومرت السنوات وكبرت الفتاة في العمر حتى أصبحت جدة، ولها أحفاد تروي لهم قصة غُربتها وعناء السفر الذي لم يكن لها إلا أن تركب فوق ظهر ناقة، وعن حياتها في بلدة الكويت والحضارات المدنية التي لم تكن تراها في قريتها، ولكن مع مرور العمر  أصبحت تلك البلدة الجديدة وطن لها.

قصص شعبية للأطفال

تتميز قصص التراث الشعبي السعودي بقصصها الموجهة للأطفال، التي تساعدهم في تنمية الذكاء والقوة وحب الوطن، وإليك إحدى هذه القصص الشعبية الموجهة للأطفال: 

طير شلوى

تحتوي قصة طير شلوى على العديد من الحكايات التي تشير إلى الشهامة والغيرة القبيلية. تستنتج العبرة من تربية العجوز الفقيرة لثلاثة أطفال صغار وكيف تحولوا إلى فرسان أقوياء، يخافون على قبيلتهم وأهلها ونسائها ويدافعون عنها حتى الموت. وهذه إحدى القصص الشعبية التراثية للأطفال

كان هناك ثلاثة أطفال أكبرهم عمره ثلاث سنوات والاصغر رضيع، توفي والدهم وبعده بستة اشهر توفيت والدتهم فلم يبقى لهم إلا جدتهم من ابيهم وتُسمى شـلوى ونظرًا لفقرها كانت تلف على البيوت لتطلب منهم طعام للأطفال،فكانت تقول لهم:  (ماعندكم عشى او غدا لطويراتي)،  وكانت تقصد بذلك الأطفال الثلاثة، ولكنها كانت تستحي، شاع خبر تلك العجوز بين الناس حتى علم به الشيخ الجربا، فأمر أن يُنقل بيتها بجوار بيته، وكان الشيخ الجربا قبل أن يأكل طعام الغداء أو العشاء يقول: ( لا تنسون طيور شلوي)، مع مرور الأيام كبر الثلاث أطفال وكان اسمهم شويش، وعدامه، و هيشان، واصبحوا رجال أقوياء يستطيعون القتال، وفي ذات يوم رحل الجربا مع قبيلته شمر إلى مكان قريب من الحدود السورية، وكانت هناك الدولة العثمانية والأتراك،  وقبيلة أخرى، كان الجربا ذو جماعة قليلة مقارنًة بكثرة عدد الأتراك، فطمع الوالي التركي بقبيلة الجربا، وأرسلوا مرسال يطلبون منه الضريبة، وبعد اجتماع الجربا مع قبيلته والتشاور معهم قرر دفع الجزية، نظرًا لقلة عددهم، بعدها أرسلوا الأتراك مرسال أخر يطلبون الجربا بإعطائهم الخاكور، ولكنهم لم يفهموا ما معناه باللهجة التركية، فقال المرسال: (أي نساء من حريم شمر لجيش الأتراك لغرض المتعة)، فأنشد شاب من شبيان قبيلة شمر قائلًا: هنيكم ياساكنين تحت قاعمامركم وديٍ تقفاه خاكور، هنيكم مُتم بحشمـه وبـزاع وما من عديم ينغز الثـور؟

 يُقصد بمتى تحرك الثور هنا قامت القيامة، وهنا قفز شويش وقال: وأثناءما كنت طائرا شلوي الهجرش، قررت الذهاب إلى جيش الأتراك وأخذت سيفي وجلست على جوادي وانطلقت، وهاجمت جيش الأتراك وهزمتهم وأخذت الجربا وأغارت على القبيلة الأخرى، وانتصرت عليهم وعلى الأتراك، وبعدما التقيت بفرسان شمر، احتفلوا بنصري وسألوني عن شويش، فأخبروني بأنه توفي، وهذه كانت أسباب قصيدة الجربا التي تغنت بشجاعة طويرات شلوي

قالوا شويش وقلت لا لا، إما عدامة أو زاد هيشان زبون الملييش

لا يوجد ردًا على مدبّري الجهامة، لكنهم يتهربون قليلاً

في يوم شويش، قام بربط رأسه خلال فترة الظلام، وحمل الطرابيش الحمراء

يعد يوم شويش مثل يوم القيامة، فلا تتحدثوا بشويش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى