قصص من التراث الشعبي الإماراتي
تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة تراث عربي وإسلامي زاخر، وتعتبر قصص من التراث الشعبي الإماراتي خير دليل على ما كان عليه هذا الشعب قديمًا وتعطينا نظرة على حياتهم الاجتماعية، فالإماراتيين هم أصل العرب في عادات وتقاليد وسلوكيات هذا الشعب العربي الأصيل، كما أن هناك الكثير من الآثار الإسلامية والعربية والتي تعد خير شاهد على مدى فخامة العرب وحضارتهم الإسلامية، كما أن دولة الإمارات تعني بتراثها وآثارها عناية خاصة، حيث أنها تمتلك بعض القرى السياحية والثقافية والتي تعد مزارًا للسياح من خارج المنطقة، كما أن الجهات الإماراتية المختصة قد عانت بجميع الآثار الإماراتية عناية شديدة وبذلت جهود كبيرة لحفظها حتى تستطيع الأجيال القادمة أن تتعرف على مثل هذه الثقافة، وتتمثل أهم مظاهر التراث الإماراتي الاجتماعي فيما يأتي:
- القصص الشعبية.
- الأمثال الشعبية
- طقوس الزواج.
- الحرف اليدوية.
- الفنون الشعبية.
- ثقافة الطعام.
- الملابس التراثية الاماراتية
قصص من التراث الإماراتي
تحوي الإمارات تراثًا شعبيًا غنيًا بالعديد من الحكايات، وتتمثل أشهر هذه الحكايات التراثية الإماراتية فيما يلي:
قصة بابا درياه (أبو البحر)
تعتبر قصة بابا درياه من قصص الرعب والإيذاء والتي تتحدث عن واحد يدعى بابا درياه، وهو شخصية خيالية من عالم الجن، وانتشرت هذه القصة بين المدن الإماراتية الساحلية وخاصةً بين البحارة والصيادين، وبابا درياه معناها في اللغة الفارسية أبو البحر، مما يدل على أن هذه الأسطورة ذات منشأ فارسي وهناك نسختان من هذه الرواية وهم ما يأتي:
- تقول الرواية الأولى من على لسان الراوي أن بابا درياه: كان يتسلل إلى قوارب الصيادين خلال الوقت الممتد بين صلاة العشاء وأذان الفجر ليخطف أحد البحارة أو الصيادين وهم نائمون. بعد ذلك، يبتلع الجني الضخم الضحية ويغرق القارب. وحرصا على تجنب شره، يضع الصيادون اثنين أو ثلاثة من البحارة لحراسة القارب. وعندما يسمعون صوت بابا دارياه، ينادون بأعلى أصواتهم على رفاقهم قائلين “هاتوا الميشارة والجدوم.” عندما يسمعهم الجني، يهرب ويختفي دون أن يتمكن أحد من التعرف على ملامحه لأنه يأتي دائما في الظلام الدامس. ومع ذلك، يؤكدون أنه رجل قوي وضخم الجثة
- تقول النسخة الثانية من الرواية: «أن كل من يركب البحر يسمع صياح »بابا دارياه«، يتردد في غياهب الليل طالباً نجدته من الغرق، ولكن البحارة يعلمون أنهم إذا أنقذوه فسوف يسرق مؤونتهم من الطعام والشراب، ويحاول أن يخرب سفينتهم مما يعرضهم للغرق، ولذلك يأخذون الحيطة والحذر منه، ويقومون بقراءة سور من القرآن الكريم والأدعية التي تبقيه بعيداً عن سفنهم»
يبدو أن الآباء والأمهات كانوا يشعرون بالقلق على أطفالهم في المدن الساحلية، وخاصة الشباب المغامرين، لذلك قاموا بتأليف هذه الرواية حتى لا يقوم أحد منهم بالابحار في الليل.
قصة سلامة وبناتها
قصة سلامة هي واحدة من القصص الخيالية الشعبية المشهورة في الإمارات في الماضي، وتحكي عن وجود جنية عملاقة تدعى سلامة تقوم بغرق السفن في البحر. وبسبب ذلك، كان البحارة يقدمون تضحيات من الماعز والغنم عندما يرون أن سلامة بدأت في غمر سفنهم بأمواج وعواصف صناعية. كانوا يأملون أن تشبع سلامة وبناتها من هذه التضحيات التي قدمت. وكانت هذه التضحيات تقدم عند مضيق هرمز. ربما كان الناس يلجئون إلى تأليف هذه القصة، بتفكيرهم أنها الحل للتغلب على الصعاب التي كانوا يواجهونها عند عبورهم لمضيق هرمز. فمضيق هرمز هو أحد أصعب الممرات، حيث يعتبر ممرا ضيقا جدا يقع بين المحيط الهندي والخليج العربي. وتتزايد حركة المد والجزر وارتفاع الأمواج فيه، مما يتسبب في حدوث دوامات تهدد سلامة السفن التي تعبر من هناك وتعرضها لخطر الغرق.
قصة أم الدويس
تعتبر قصة أم الدويس واحدة من أهم القصص التي ترويها المجتمعات عن مدى تهديد المرأة الجميلة والجذابة للاستقرار العائلي، وأن الجمال الخارجي من الممكن أن يخفي تحته شر مستطير، خاصةً عندما يستغل صاحب هذا الجمال جماله من أجل إغواء الآخرين والإيقاع بهم، وتروي الحكاية: “أن أم الدويس امرأة شديدة الجمال، ولكن من يدقق النظر فيها يلاحظ أن لها عينا قط تميزها عن الإنسان، وهي في مقتبل العمر، تشبه القمر في ليلة البدر، شعرها طويل منسدل وجمالها آسر لا يقاوم، تفوح من جسمها رائحة المسك والعنبر، وتتزين بالذهب، صوتها ناعم لا يستطيع الرجال مقاومته، عندما تصادفهم وتطلب منهم أن يتبعوها، وما إن يصبحوا أمامها حتى تتحول إلى عجوز مرعبة، تقتل كل من انجذب إليها.”
قصة أم الهيلان
تعد قصة أم الهيلان واحدة من أهم القصص الشعبية الإماراتية التي تحكي قصة امرأة تدعى أم الهيلان، وتعتمد هذه القصة على المفهوم الذي يسود في معتقدات الناس في منطقة الشرق الأوسط ودول أوروبا حول العين الحاسدة أو الشريرة، وتقول أحد النساء:
في صباح أحد الأيام، وبينما كنا مجتمعات عند صديقة لنا كعادتنا في تمضية الوقت، ونتحدث في أمور شتى، ظهرت فجأة ودون استئذان امرأة غريبة في فناء الدار، وفي بداية الأمر ظننا أنها متسولة وجدت الباب مفتوحاً فدخلت تطلب صدقة، وعندما سألناها ماذا تريد، قالت إنها جاءت من قرية بعيدة للتسوق في بلدتنا، وأنها كانت تمر من أمام المنزل الذي كنا به عندما شعرت بالتعب والعطش، فدخلت تطلب كأساً من الماء وأن تستريح قليلاً، وأخذت تتحدث عن الكثير من الأمور التي لا تحمل معنى، ودون توقف، وكانت تنتقل في حديثها من موضوع إلى آخر دونما رابط، فيما كانت تجول بنظرات قاسية على كل شيء في البيت، وفجأة غادرت البيت بنفس الطريقة الغريبة التي ظهرت بها، وكأنها تهرب من أمر ما، ما أثار حيرتنا وشكوكنا، والذي زاد من غرابة الأمر، أنها لم تشرب كأس الماء الذي كانت قد طلبته، كما أنها لم تكن تحمل معها أي مشتريات تشير إلى أنها كانت تتسوق، وفوق كل هذا انتبهنا بعد أن غادرت إلى أن حجتها عن التسوق تثير الريبة كون البيت الذي كنا نجتمع به لم يكن قريباً من السوق، وفي نفس اليوم ليلاً مرضت صاحبة البيت مرضاً شديداً دون أي أعراض سابقة، وبقيت طريحة الفراش مدة يومين، حتى وافتها المنية، وقالت الراوية: «كنا نعرف آنذاك أن تلك الزائرة الغريبة لم تكن سوى أم الهيلان».
قصة من الموروث الشعبي
تعتبر قصة المرأة البدوية التي قتل ابنيها بعضهما في شجار على أمرٍ لم يحدث بعد، وتعتبر هذه القصة أحد أهم القصص الشعبية التي تحمل في طياتها حكمة وموعظة، كما أنها تبين لنا مدى فطنة الأجداد في حكي مثل هذه الرواية التي تعد نموذج واقعي للحكمة وكيف أن التهور والتسرع قد يودي بحياة صاحبه، ولو أن أحد هؤلاء الولدين قد تراجع ما كان ليحدث هذا، وتحكي القصة: أن امرأة بدوية كانت تغزل الصوف بجانب ولديها وقالت أنها سوف تدخر المال الناتج من بيع هذا الصوف وتشتري به ناقة أنثى وتزوجها لأحد مشاهير الإبل (الزمول) إي ذكر الإبل، وأنها سوف تقوم بإعطاء هذا الإبل الذي سوف يولد إلى أحد ولديها كي يربيه ويؤدبه، لكن نشأ صراع بين الولدين على من سوف يقوم بهذه المهمة حتى انتهت بقتل أحدهما للآخر وانتهت نهاية مأساوية لكنها واقعية.
ظهر شعبي شهير بين أبناء الشعب الإماراتي بسبب هذه القصة وهو: “البكرة ما يت والعيال تذبحوا على عيالها”
قصص تراثية إماراتية قصيرة للاطفال
تتناسب قصص التراث الإماراتي مع معظم الأعمار، ولكن هناك بعض القصص التي تكون موجهة خصيصا للأطفال فقط، وتتم استعراض بعض القصص التراثية في المهرجانات التراثية في دولة الإمارات، وذلك لإيصال رسائل هامة للأطفال من خلال القصة، بما في ذلك تشجيع بعض السلوكيات الجيدة وتهذيب بعض السلوكيات السيئة، وذلك في محاولة لتعليم الأطفال دروس وعبر من هذه الحياة، ومن بين القصص التراثية الإماراتية الشهيرة والموجهة للأطفال، قصة “خطاف النسا
خطاف رفاي (خاطف النساء)
قصة خطاف النساء واحدة من أشهر قصص الإمارات المخيفة، وكان الأهل يستخدمونها لترهيب أطفالهم ومنعهم من مغادرة المنزل أو القرية، حيث يظهر مخلوق شيطاني خيالي يسمى خطاف رفاي في الليل، يظهر في البحر على شكل زورق مزود بعدة أشرعة وأطراف تساعده على اختطاف الأطفال، وخاصة الفتيات، وتقول الحكاية: يحمل خطاف رفاي حبلا يلوح به بيده، في محاولة لاختطاف النساء اللواتي يخرجن من المنزل في الليل لقضاء بعض الحاجات، وغالبا ما يفشل في ذلك بسبب هروب النساء وتلاوتهن آيات من القرآن الكريم. إنه لا يخاف إلا من الرجال، وخاصة الأقوياء منهم أو عندما يكونون في مجموعة. حدث ذلك في إحدى المرات عندما كانت مجموعة من النساء يسيرون في المساء، فاعترض طريقهن شبح أسود تحول فجأة إلى قارب. حاول خطاف رفاي أن يمسك بهن، لكنهن بدأن بالصراخ والركض حتى وصلن إلى البيوت القريبة. سمع الرجال صراخهن وطلبهن للنجدة، فخرج أحدهم من منزله وتمكن من أخذ الحبل الذي كان بيد خطاف رفاي ويأخذه منه.
تمكن الشبح من الهرب وترك الحبل خلفه، ولأنه لا يستطيع العيش من دون الحبل، عاد في الليل إلى منزل الرجل متوسلاً أن يعيده إليه، ووعداً إياه بعدم الظهور ثانية في هذا المكان إذا أعاد له الحبل، وصدقه الرجل وأعاد إليه الحبل، وبالفعل لم يشاهده أحد منذ ذلك الوقت.