اسلامياتقصص اسلامية

قصص القاضي شريح

ترتبط حياة الصحابة والتابعين بالعديد من القصص الحكيمة والمعبرة، وفيما يتعلق بالقضاء، فإنه يوضح أعظم الأمثلة في تحقيق العدل في الحكم بما أمر الله تعالى ورسوله، وقد اشتهرت أسماء العديد من القضاة عبر الزمان والمكان، ومن بينهم القاضي إياس، وأيضا القاضي شريح الذي ذكر اسمه في العديد من القصص والمواقف التي جمعته بكبار الصحابة.

جدول المحتويات

من هو القاضي شريح

هو شريح بن الحارث بن قيس الكندي الذي أعلن إسلامه أثناء حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وانضم إلى أصحابه رضوان الله عليهم في المدينة المنورة، وذلك في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. بدأ يتعلم ويأخذ عن الصحابة، واشتهر بفطنته وعلمه. كان أيضا شاعرا بارعا وتعلم مهارات تتعلق بالفراسة والقافية. تنبأ له عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأنه سيكون صاحب علم وفضل وفطنة، وتم تعيينه قاضيا في الكوفة. تم استخدام التعبير “أقضى من شريح” في أحد المثل الشائع للتأكيد على فطنته وحكمه العادل. عاش حتى سنة 78 هجريا حيث توفي.

قصص من حياة القاضي شريح

هناك العديد من المواقف في حياة القاضي شريح ؛ ومنها :

موقف القاضي شريح من فرس عمر

واقعة مشهورة في حياة القاضي شريح هي تعامله مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما ذهب إليه للحكم في قضية فرس اشتراه. عندما ركب الفرس وجربه، اكتشف أنه غير صالح للسير بسبب عيب به. فعاد عمر لصاحب الفرس ليسترد ماله ويعيده الفرس، لكن الرجل رفض وقال إنه باعه وهو سليم. فطلب عمر حكما بينهما، واختار الرجل القاضي شريح للحكم. عندما جاء عمر وصاحب الفرس إليه، استمع إلى الجانبين، ثم سأل عمر: هل اشتريت الفرس وهو سليم أيها أمير المؤمنين؟ فأجاب عمر بنعم. فقال القاضي شريح له: احتفظ بما اشتريت أو أرده كما استلمته.

عندما سمع أمير المؤمنين ما قاله القاضي شريح، نسى قضيته التي كان يحضرها. ثم عبر عن دهشته قائلا: `هل القضاء يقتصر على هذا؟ هو قول فاصل وحكم عادل.` ثم أضاف قائلا: `انطلق إلى الكوفة، فقد توليت محكمتها.` ومن هنا بدأ شريح يحمل لقب قاضي الكوفة، حيث أن عمر بن الخطاب رأى فيه الحاكم العادل الذي يتمتع بالحكمة والذكاء، واحتل مكانة عظيمة بين الصحابة والتابعين، وظل يشغل منصب القضاء لأكثر من ستين عاما متتالية.

موقف القاضي شريح من درع علي

من بين الأحداث العظيمة التي وقعت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، كان موقف فقدان درعه أثناء فترة خلافته. كانت هذه الدرع ذات قيمة خاصة بالنسبة له، وفي يوم ما وجدها بيد أحد الذميين من أهل الكوفة، حيث كان يعرضها للبيع في السوق. علم علي أن هذه هي درعه، فذهب إلى الرجل وقال له: `هذه درعي التي سقطت من جملتي في ليلة ما عندما كنت في طريقي إلى صفين`. ولكن الرجل رفض الاعتراف بذلك وزعم أنها له وبأنه يمتلكها. ثم طلب الطرفان التوجه إلى قاضي المسلمين، ورافق الذمي عليا رضي الله عنه إلى القاضي شريح. سأل القاضي عليا: `ماذا تقول يا أمير المؤمنين؟` فرد عليه قائلا: `وجدت درعي مع هذا الرجل، سقطت مني في يوم كذا في مكان كذا، ولم يصل إليه بالبيع أو الهبة، فكيف أصبحت في يده؟`.

التفت القاضي إلى الذمي ليسأله عن رأيه فأجابه بأن الدرع درعه وأنه لا يُكذّب أمير المؤمنين ، فقال شريح لأمير المؤمنين : لا ريب عندي في أنك صادق في ما تقول يا أمير المؤمنين ؛ وأن الدرع درعك ولكن لابد لك من شاهدين يشهدان لك على صحة ما ادعّيت ، فوافق علي قائلًا أن لديه مولاه قنبر وابنه الحسن ، ولكن القاضي شريح لم يقبل بأن يكون الابن شاهدًا لأبيه ، وطلب من الذمي أن يحلف فحلف ؛ فأعاد له الدرع ، وبعد أن مشى الذمي قليلًا ومعه الدرع ؛ عاد ليشهد بأن الدرع لأمير المؤمنين ثم نطق الشهادتين لما وجد من عدل وحكمة في الحكم الإسلامي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى