قصص التسامح في الاسلام
في الإسلام، العفو هي صفة إلهية وصف الله بها نفسه وأمر المسلمين بالتحلي بها، ينبغي على كل مسلم أن يتحلى بالعفو والتسامح، ومن أمثلة ذلك عفو سيدنا يوسف عليه السلام لأخوته، ويذكر القرآن الكريم قول الله تعالى: “خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين” وأيضا يذكر عفو الله تعالى لأخوته يوسف عليه السلام في سورة يوسف .
عفو الرسول صلِّ الله عليه وسلم في غزوة بدر
عندما انتهت غزوة بدر وقف رسول الله صلِّ الله عليه وسلم مع صحابته ليقوموا بحصر الأسرى من الكفار والمشركين، ووجدا منهم سهيل بن عمرو أسيرا، فجاء سهيل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : ” دعني يا رسول الله أنزع ثنيتيه حتى لا يقوم بعد اليوم خطيبا في محافل مكة، ينال من الإسلام ونبيه “، رد رسول الله صلِّ الله عليه وسلم وقال : ” دعهما يا عمر، فلعلك ترى منهما ما يسرك إن شاء الله ” .
العفو في صلح الحديبية
ومرت الأيام وجاء وقت صلح الحديبية، فأرسلت قريش نيابة عنها سهيل بن عمرو ليقوم بإبرام الصلح، فاستقبله الرسول صلِّ الله عليه وسلم مع عدد من الصحابة منهم ابنه عبد الله بن سهيل، وقام الرسول بدعوة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكي يقوم بكتابة العقد، والرسول هو من يملي عليه صلى الله عليه وسلم، حيث قال له : ” اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم “، فقال سهيل له : ” نحن لا نعرف هذا، ولكن اكتب : باسمك اللهم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : ” اكتب باسمك اللهم “، ثم قال : ” اكتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله ” .
فقال سهيل : قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: “لو كان لدينا علم بأنك رسول الله ما حاربناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك”، فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً: “والله إني رسول الله وإن كذبتموتوني، اكتب محمد بن عبد الله”، واستمر الرسول في توقيع العقد بذلك الاسم حتى انتهى الأمر، وعندما عاد سهيل بن عمرو فخورًا بنفسه لأنه اعتقد أنه تغلب على الرسول صلى الله عليه وسلم .
يوم فتح مكة المكرمة
ومرت الأيام والليالي حتى هزم الرسول قريش ودخل مكة المكرمة وفتحها، فبدأ المنادي ينادي بما يلي: `يا أهل مكة، من دخل بيته فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن` .
عندما سمع سهيل بن عمرو هذا النداء، أصاب قلبه الرعب، وأغلق الباب وراءه، وقال سهيل: `أرسلت في طلب ابني عبد الله، وأنا أستحي أن تقع عيني على عينه، لأنني كنت قد أسرفت في تعذيبه بسبب الإسلام. وعندما دخل علي قلت له: `اطلب لي جوارا من محمد، فإنني لا أرغب في قتله`. فذهب عبد الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له: `أبي، هل يمكنني أن أؤمن بك، يا رسول الله؟` قال: `نعم، هو آمن بأمان الله، فليظهر`. بعد ذلك، التفت الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وقال لهم: `من يقابل سهيل فلا يسيء إليه، فوالله، إن سهيل لديه عقل وشرف، وليس سهيل مثل من يجهل الإسلام، ولكنه كان مصيره مقدرا .
وسبب عفو وكرم رسول الله هذا جعل سهيل بن عمرو يعتنق الإسلام بإخلاص من قلبه، وأحبه النبي صلى الله عليه وسلم بشدة. وقال الصديق رضي الله عنه: `رأيت سهيل بن عمرو في حجة الوداع وهو يقف أمام رسول الله، يقدم له البدنة، ويذبحها بيده الكريمة، ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم الحلاق ليحلق رأسه، فرأيت سهيل يأخذ شعرة من شعر النبي ويضعها على عينيه، فتذكرت يوم الحديبية وكيف رفض أن يكتب محمد رسول الله، فحمدت الله أن هداه` .
لذا هناك دائما حكمة تقول : لا تكن قاسيا مع الناس فتكسر، ولا تكن لينا معهم فتعصر، ولكن كن في الوسط .