الخليج العربي

قصة وفاء مواطن لمعلمه المصري طوال 41 عاما

من علمني حرفا صرت له عبدا” – هذه هي العبارة التي عاشنا وتربينا عليها، حب واحترام المعلم، والاعتراف بالجميل الذي قدمه لنا خلال فترة التعليم، وهي فترة الصعوبة في حياتنا، فهي تتطلب صبرا وقوة تحمل حتى نستفيد منها ونفيد الآخرين جميعا. المعلم بالنسبة لنا هو الأب في المدرسة والقدوة الحسنة التي نتعلم منها الكثير من الحكم والمواعظ. الوفاء للمعلم ليس مقتصرا على فترة الدراسة فحسب، بل يجب أن يكون مستمرا طوال الحياة، فنحن لا نتعلم فقط المواد والمناهج، بل نتعلم الكثير من الحكم التي تحدد هدف حياتنا. بالتأكيد، يجب أن نجد المعلم الذي يكون القدوة الحسنة التي نستلهم منها ونتذكرها دائما. قام مواطن في الأيام القليلة الماضية بإظهار الامتنان لمعلمه المصري الذي عاش بعيدا عنه لمدة 41 عاما، حيث سافر عبر البلاد ليصل إليه. ما هي قصة هذا المعلم؟

قصة وفاء للمعلم
في قصة نادرة، قرر شخص أن يروي قصة وفاءه لمعلمه المصري الذي قام بتعليمه لمدة 41 عاما. استطاع هذا الشخص الوصول إليه وقطع المسافات الطويلة ليزوره في مسقط رأسه بمحافظة قنا في جنوب مصر. قام بذلك ليعبر عن امتنانه وشكره له. بدأت أحداث هذه القصة الرائعة في محافظة جازان، وكان المعلم والخبير التربوي عبد الله بن أحمد قهار بطل هذه القصة. كان يبحث عن معلمه المصري عبد المنعم القاضي الذي غادر المملكة وعاد إلى مصر، وذلك ليعبر عن امتنانه له على فترة تدريسه والتي يعتبرها الأساس والسبب الرئيسي وراء تفوقه العلمي وتحقيقه المكانة المرموقة التي وصل إليها.

البحث عن معلمه المصري
كانت لدى قهار قلة معلومات عن معلمه المصري، حتى أنه كان يستفسر عنه من المعلمين الوافدين من مصر، ولكنه لم يحصل على إجابة مرضية. فهو لا يعرف سوى اسمه، ولا يعرف عنوانه أو أي مصدر يمكن الاستدلال به عليه. لذلك، قرر الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي على أمل العثور على معلمه. بدأ قهار خطة البحث عن معلمه على فيسبوك، على أمل أن يجده بين أهله أو أبنائه، ولكن دون جدوى، حتى بدأ يشعر باليأس. ومع ذلك، فاجأته رسالة من أحد المصريين الذين يتواصلون معه، يطلب فيها اسم المعلم بالكامل، ومحافظته ومدينته الأصلية، عسى أن يتمكن من الوصول إليه. أرسل قهار جميع البيانات الكاملة عن معلمه، وبدأت رحلة البحث، حتى تم التواصل مع المعلم عن طريق أحد أقاربه. ذهب القريب أولا ليأخذ إذنا من المعلم المصري لتقديم رقم هاتفه إلى قهار، ليبدأ التواصل بينهما.

لقاء لا تستطيع الكلمات وصفه بعد 41 عاما
لم يتردد المعلم أبدا في الموافقة على إرسال رقم هاتفه إلى قهار، وكانت أول المكالمات مكالمة هاتفية لا يمكن وصفها بالكلمات، فكانت مشحونة بالمشاعر والأحاسيس الراقية والعظيمة من كل من المعلم والتلميذ. توصلا إلى اتفاق بزيارة قهار لمصر وتحديد الموعد. حال وصولها إلى مطار الأقصر، كان نجل المعلم في استقباله. وعند وصول قهار إلى أرض مصر، هتف تلقائيا معبرا عن سعادته بوصوله إلى أرض مصر، قائلا: `تحيا مصر`. وفي صالة الوصول قال: `يا إخواني المصريين، لديكم كنوز لا تعرفون قيمتها. أنا هنا في مصر بعد أن قطعت مسافة 3000 كيلومتر لألتقي بمعلمي، الذي له الفضل الأول بعد الله في حياتي. احفظوا بلدكم وكنوزكم`. كانت كلماته تأثيرا إيجابيا على الحاضرين الذين صفقوا ورحبوا بكلمات قهار .

تمثل لحظات اللقاء الأول لقهار في بيت معلمه العائلي لحظات لا يمكن نسيانها، حيث قبل رأسه من الحين للآخر وتبادلا الذكريات والمواقف التي عاشوها.

رد فعل المعلم المصري ”عبد المنعم القاضي“
كانت فرحة المعلم المصري أكثر بكثير من فرحة المواطن، حيث صرح وعبر عن سعادته بشدة وفخره بتلميذه عبد الله. قطع عبد الله ألف كيلومتر من جازان إلى مطار جدة، وحوالي 2000 كيلومتر من مطار جدة إلى مطار الأقصر، ليتوجه إلى معلمه. أوضح أنه كان يعمل كمعلم في مدرسة الموسم بجازان من عام 1971 إلى عام 1975. ومنحت عائلة الطالب عبد الله، الذي كان يبلغ من العمر بين 6 و 10 سنوات آنذاك، منزلا بسيطا بجوار منزل العائلة ليقيم فيه. كما قام بتدريس اللغة العربية والقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة لعبد الله، وساعدته هذه الخبرات في تحقيق التفوق بعد ذلك

وأضاف ” إن ما فعله عبد الله موقف نادر من الوفاء والعرفان من تلميذ لأستاذه، ويدل على حسن تربيته وسمو أخلاقه فبعد هذه السنوات الطويلة مازال يتذكر معلمه ويقتطع من وقته وجهده وماله الكثير ليزوره في مسقط رأسه بجنوب مصر ويكرمه وسط أهله، مضيفا أنه إنسان عظيم أشكر الله أنه من تلاميذي فقد منحني بموقفه هذا جرعة كبيرة من السعادة تكفيني حتى نهاية العمر لذا أنا ممتن له ولعائلته الكريمة في السعودية.”

وأخيرا فإن هذا المعلم نجح في أن يجعل عبد الله قهار يتذكره كل لحظة ويتذكر فضله عليه، كما نجح المعلم المصري أن يكون الأب المثالي لأبنائه الخمس فهم أطباء ومهندسون وهم أصحاب مناصب كبرى الآن دليل على حسن تربيته لهم، فكان حقا القدوة والمعلم، فصدق الشاعر العظيم أحمد شوقي حين قال:
امتدح وتعظم المعلم ولا تنس أن المعلم كاد أن يكون رسولاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى