قصة نجاح شركة وول مارت
تعد شركة وول مارت `Wal-Mart` واحدة من أقوى شركات البيع بالتجزئة الأمريكية، وهي عملاقة في هذا المجال. في فترة قصيرة، تحولت الشركة من متجر صغير في إحدى المدن الصغيرة في الولايات المتحدة إلى واحدة من أكبر الشركات متعددة الجنسيات التي تمتلك فروعا في الشرق والغرب وتحقق أعلى مستويات الأرباح في العالم.
تعددت متاجر الشركة حتى وصلت إلى حوالي 10600 متجر، ومن بينهم فقط 27% في الولايات المتحدة، بينما ينتشرون البقية في 27 دولة حول العالم. يبلغ عدد موظفي الشركة وحدها 2.3 مليون موظف، مما يجعلها واحدة من أضخم الشركات على مستوى العالم. يقع المقر الرئيسي للشركة في مدينة بنتونفيل بولاية أركنساس في الولايات المتحدة الأمريكية. ولهذه الشركة تاريخ طويل من النجاح الذي جعلها تحتل هذا الموقع الهائل في العالم.
قصة مؤسس الشركة:
تأسست الشركة من قبل سام والتون من مواليد 29 مارس 1918م في ولاية أوكلاهوما الأمريكية ، وتخرج من جامعة ميسوري بعد دراسته لإدارة الأعمال عام 1940م ، و اتجه للعمل داخل متجر جكبني JCPenney العملاق ، بمدينة ديموين داخل ولاية إيوا ، كانت من متاجر بيع التجزئة العملاقة ، ثم ذلك لخدمة بالجيش في الفترة من 1942-1945م ، لإشراف على مصانع الطائرات .
في عام 1945م، اقترض والتر 20 ألف دولار لشراء أول امتياز له في نظام الامتيازات من متجر بن فرانكلين، وحول هذا المتجر الخاسر إلى أول متجر في نظام الامتيازات لمتاجر فرانكلين على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية. خلال هذه الفترة، عمل والتر على الحفاظ على تفوقه التنافسي، حيث قام في البداية بإجراء مسح لجميع المتاجر المنافسة لتقييم استراتيجيات التسعير التي يتبعونها وعروضهم الخاصة. ثم بدأ في التفاوض المصنعين المختلفين للسلع بهدف الحصول على أفضل الصفقات، بدلا من الاعتماد على قوائم الأسعار التي تتبعها الشركة الأم.
في عام 1949م، هاجر هو وزوجته إلى مدينة بنتونفيل في ولاية أركنساس، وافتتح متجرا وسط المدينة بنفس الامتياز وأطلق عليه اسم والتون 5&10. وفي عام 1962م، أصبح لديه أكبر امتياز لبن فرانكلين في الولايات المتحدة، وكان ضمن 16 متجرا آخر في ولايات أركنسو وكنساس وميسوري. كان لديه استراتيجية محددة لتحقيق نجاحه، وهي بيع كميات كبيرة من السلع بأسعار أقل لتحقيق أرباح ضئيلة، ثم البحث عن موردين ذوي تكاليف منخفضة للتعاقد معهم .
تجربته مع متاجر بن فرانكلين كانت فرصة فريدة لإنشاء متاجر تخفيضات داخل المجتمعات الريفية والصغيرة، وحاول بعد ذلك إقناع الشركة الأم بالتوسع بشكل كبير في المناطق الريفية، لكن دون جدوى، وفي منافسات شديدة تم افتتاح أول متجر وول مارت..
قصة إنشاء ونجاح وول مارت:
مع الرفض من الشركة الأم ، قام سام والتون مع الأخ الأصغر له بافتتاح ، أول متجر مخفض ، وول مارت ” Wal-Mart Discount City” ، في مدينة روجز داخل ولاية أركنساس الأمريكية في الثاني من يوليو من العام 1962م، وكان المتجر الجديد ضعف متجره والتون 5&10، ووصلت المبيعات بالسنة الأولى لنحو 975 ألف دولار.
في عام 1962م، تم افتتاح ثلاثة متاجر عملاقة أخرى، وهم متجر “ولوورث Woolworth”، وكان متجر لسلسة “Woolco” من أجل البيع بالتجزئة، ومتجر “كمارت Kmart” في مدينة جاردن سيتي في ولاية ميتشجان، وافتتح دايتون هدسون Dayton Hudson، وأول متجر لها هو “تارجت Target”، وبعد خمس سنوات أصبح لدى كمارت 250 متجرا، ووصل حجم المبيعات لحوالي 800 مليون دولار، وافتتح والتر 16 متجرا وبلغ حجم المبيعات 9 مليون دولار.
لذلك ظن والتر ، أن استراتيجيته لن تحقق نجاح على المدى الطويل، وبدأ يفكر كيف لمشروع تجاري عملاق، ويقدم خدمة كبيرة ، وبأسعار منخفضة ، وفي عام 1967م وبدأ النمو المتسارع لشركته، وصل عدد المتاجر التي يمتلكها إلى 24 متجر ، ووصل حجم المبيعات إلى 12.7 مليون دولار، وفي عام 1969م بدأ والتر ، بتأسيس الشركة بشكل رسمي ” شركة وول مارت ستورز Wal-Mart Stores Inc” .
مع بداية عام 1970م، بدأت لديه 38 متجرا، ووصلت قيمة المبيعات إلى 44.2 مليون دولار. قام السيد والتر باتخاذ قرارات للتوسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة وبدأ في بناء رؤية انتشار واسعة. قدم الشركة للاكتتاب العام على البورصة، وامتلكت هو وعائلته 61% من الأسهم. تم بيع السهم الأول بقيمة 16.5 مليون دولار، واستخدمت العوائد الجديدة لتوسيع الأعمال التجارية للشركة.
في عام 1972، تم إدراج شركة وول مارت في سوق نيويورك للأوراق المالية باسم `WMT`، وكان يمتلك 51 متجرا آخر، ووصلت المبيعات في ذلك الوقت إلى 78 مليون دولار. في عام 1975، زار والتر كوريا الجنوبية وأثناء زيارته لمصنع كرات التنس، لاحظ أن العمال يهتفون `Wal-Mart Cheer`، وهو هتاف يستخدمه الشركة حتى اليوم، ويعد جزءا لا يتجزأ من ثقافة الشركة.
وفي عام 1979 م ، وأصبح يمتلك 276 متجرًا، و يعمل بهم 21 ألف موظف، ووصل حجم المبيعات وقتها إلى مليار دولار، وكانت هذه هي العلامة الفارقة ، والتي لم تحدث لأي شركة من قبل، حقق والتر نجاح شركته في 17 عام فقط ، وكان هذا أسرع صعود لشركة ، بالرغم من نمو المتاجر بطموح وتطلعات والتر ، إلا أنه استعان بذلك بعدة منهجيات وقام بإدخال العديد من التقنيات الجديدة، لمتاجر البيع بالتجزئة، حتى أنه في عام 1983 ، باستحداث شكل جديد من أشكال المتاجر، وهو نادي سام Sam’s Club.
كان النادي سام Sam`s Club يعد سلسلة من النوادي التي تأخذ شكل مستودعات لبيع البقالة والبضائع بكميات كبيرة للشركات الصغيرة، وكانت المساحة 12400 متر مربع، وكان يعمل على أساس العضوية السنوية، وتمنح العضويات العملاء العديد من المميزات والفوائد. وكان هناك أيضا نواد تبيع النفط. وبحلول عام 1987، زاد عدد النوادي إلى أكثر من 52 ناد. وفي عام 1983، قامت شركة وول مارت بتحديث أنظمة النقاط النقدية إلى أنظمة محاسبية لنقاط البيع، مما يسمح للعملاء بالخروج بسرعة وإجراء الحسابات بدقة تامة.
في عام 1985، قامت مجلة فوربس بتقدير ثروته الصافية بمبلغ 2.8 مليار دولار، واعتبره أغنى رجل في أمريكا، على الرغم من أنه كان يعيش في منزل متواضع في بنتونفيل. في عام 1987، قامت الشركة بتركيب أكبر نظام اتصالات عبر القمر الصناعي لربط عملياتها ومشاريعها من خلال الصور والبيانات والاتصالات. وبالتالي، أصبحت أول متجر في التاريخ يحقق أرباحا تجاوزت المليار دولار منذ عام 1989، ووصل عدد المتاجر إلى 1402 متجر، ويعمل بها 272 موظفا. وبذلك، تفوقت الشركة على منافسها التقليدي وهو كمارت.
بدأت وول مارت بفتح أول متجر خارج الولايات المتحدة في مدينة مكسيكو سيتي في عام 1991، وتوفي سام والتون في عام 1992، وكانت العائدات في وقت الوفاة 43 مليار دولار وكان عدد الموظفين 371 ألفا، وكان لديهم 1714 متجرا و208 ناد و 8 متاجر في المكسيك، وتم افتتاح أول متجر في شنتشن بالصين في عام 1996، واحتفلت الشركة بمبيعات بقيمة 100 مليار دولار في السنة، واستحوذت على متجر ASDA في المملكة المتحدة.
مع بداية الألفية في عام 2000، بدأت المتاجر توفير تجارب للتسوق عبر الإنترنت، وتسلم لي سكوت، حفيد والتر، رئاسة الشركة، ووصل عدد الموظفين في الشركة إلى 1.1 مليون موظف، وكانت هناك 3989 متجرا في جميع أنحاء العالم، وكان حجم المبيعات في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها هو 56 مليار دولار، وكانت الحصة التسويقية 16%. وفي عام 2002، تجاوزت المبيعات 219.8 مليار دولار، وصعدت بشركة “وول مارت” إلى المرتبة الأولى في قائمة “فورتشن 500” لأعلى 500 شركة داخل الولايات المتحدة، وفي عام 2004، بلغ عدد المتاجر داخل الولايات المتحدة 1500 متجر، وكانت هناك متاجر في كندا والصين والأرجنتين وكوريا والمكسيك والمملكة المتحدة.
مع كل ذلك النجاح، تقوم الشركة بجمع البيانات وتحليل المعلومات عن المستهلكين، لتنبأ بالوضع ، ليسمح لشركة بتحسين العمليات ، لتنبؤ بعادات العملاء ، واستحوذ على شركة كوزميكس Kosmix، لتطوير البرمجيات، و في عام 2012م أعلنت الشركة عن محرك بحث خاص بها ، تربعت الشركة على عرش أضخم الشركات تحقيق للمبيعات بالعالم أجمع و تصنف 17 عالميًا في القيمة السوقية.