ملك البيتزا في بريطانيا حكاية نجاح بدأت بطرده من المدرسة
نجح ديفيد بيج في جعل بيتزا إكسبرس واحدة من الأماكن المشهورة والأكثر شعبية لتناول الطعام، وخاصة البيتزا، في الثمانينيات والتسعينيات في المملكة المتحدة. بدأت رحلته عندما كان يغسل الأطباق في المطعم، ثم تقدم وأصبح الرئيس التنفيذي لسلسلة بيتزا إكسبرس الشهيرة ومالكا لمجموعة من المطاعم الكبرى الأخرى. كانت رحلته فريدة وغير تقليدية، حيث استخدم أساليبه الشخصية.
حاليا، يبلغ ديفيد بيج من العمر 65 عاما، في الثمانينات ذهب إلى صاحب المطعم ليطلب قرض تجاري بمبلغ 2 مليون جنيه إسترليني، وذلك لمقابلة مدير البنك، وقد كان يرتدي حذاء مصنوعا من القماش يشبه النعال، بالإضافة إلى عدم ارتدائه جوارب، وبسبب صغر سنه وفي بداية حياته المهنية، لم يتوقع أحد سوى عدد قليل من الأشخاص أنه سيصبح مديرا لأكبر سلاسل المطاعم المشهورة في المملكة المتحدة.
من الغائب عن المدرسة إلى بيتزا المليونير
من الغريب أنه تم طرده من المدرسة الثانوية في جنوب غرب لندن بسبب التهرب، أي أنه كان شخصا مطرودا من مدرسته الثانوية وأصبح فيما بعد مديرا تنفيذيا في أحد المطاعم الكبرى، حاول ديفيد بعد طرده أن يصبح رسام خرائط في إحدى وكالات رسم الخرائط في المملكة المتحدة، ولكنه كان دائما يميل للتصرف خارج النمط المعتاد، حيث رفض قص شعره أو ارتداء ربطة العنق، مما أدى إلى فصله عن العمل قبل أن يبدأ فيه.
حاول بعد ذلك أن يصبح مدرسًا، وبدأ بالعمل في غسل الأطباق في مطعم بيتزا إكسبريس المحلي في جنوب لندن لتغطية نفقاته، وافتتحت أول بيتزا إكسبريس في وسط لندن في عام 1965، وفي أوائل السبعينيات كان لها عدد قليل من الفروع في جميع أنحاء العاصمة.
تعرّف ديفيد على طبيعة العمل في المطاعم ودرك أن العمل في هذا المجال هو هدفه وشغفه الحقيقي الذي وُلد من أجله، وبعد فترة وجيزة أصبح مديرًا لفرع بيتزا إكسبرس، وترك التدريب في التدريس، وفي عام 1981 اشترى حق الامتياز لتشغيل بيتزا إكسبرس في منطقة “تشيسويك” غرب لندن.
قام ديفيد للمرة الثانية بالحصول على قرض عقاري لتمويل استثماره، وقد كان له مقولة في هذا الشأن `إذا تخيلت أن تتعلم كيف تصبح رأسماليا ، فإنك تصبح صاحب امتياز`، ونجح ديفيد في افتتاح العديد من الامتيازات الأخرى، وأصبحت بيتزا إكسبريس علامة رائدة في الثمانينيات، ونمت بيتزا إكسبريس إلى حوالي 300 فرع في المملكة المتحدة وبلدان أخرى، وأصبح لديها فروع في 11 دولة بعدما تم بيعها في عام 2003 لعدد من شركات الأسهم الخاصة مقابل 278 مليون جنيه إسترليني، وأصبحت تابعة لشركة Hony Capital الصينية.
بعد أن ترك ديفيد بيتزا إكسبريس، عمل في مجموعات مطاعم كبرى مثل كلافام هاوس، والتي تشمل مطعم جورميه برجر كيتشن، وبومباي بايسكل كلوب وتوتسيز، وللأسف تم بيع معظمها أيضًا، ولكن فكر ديفيد في البحث عن فرصة جديدة لمطعم آخر، وكان عمره 58 عامًا، وجد متجر بيتزا صغير يُدعى فرانكو مانكا افتُتح في بريكستون، جنوب لندن عام 2009، وسرعان ما تم توسع المشروع وقام بتصميم فروع مطاعم فرانكو بنفسه، أصبح يوجد الآن 40 منفذ من مطعم فرانكو مانكا معظمها في لندن.
Franco Manca
هي شركة أو مؤسسة لصنع البيتزا النابوليتية من العجين المخمر، وتدير حاليا حوالي 50 مطعما للبيتزا في المملكة المتحدة وإيطاليا. تأسست الشركة في عام 2008، وافتتحت أول متجر لها في ماركت رو في سوق بريكستون. كانت مواقع منافذها في البداية في منطقة لندن، ثم افتتحت الشركة مطعم بيتزا في جزيرة سالينا شمال صقلية، ثم في المدن الإنجليزية مثل برايتون، بريستول، كامبريدج، ليدز، ومانشستر، بالإضافة إلى إدنبرة في اسكتلندا. تم اختيار فرانكو مانكا كأفضل مطعم إيطالي في المملكة المتحدة. وتحتوي قائمة طعام Franco Manca في الغالب على بيتزا مع العديد من اللحوم وخيارات نباتية أخرى، وتستخدم قاعدة نابوليتانية ناعمة تقليدية.
وبالأسف كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو قرار المملكة المتحدة ومسارها المستمر نحو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، يعد “اضطرابا كبيرا” لفرانكو مانكا وقطاع المطاعم في المملكة المتحدة بشكل عام. يعود السبب في ذلك، وفقا لديفيد، إلى تراجع الجنيه الاسترليني مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الخام، بالإضافة إلى تقلص عدد الأوروبيين القادمين إلى المملكة المتحدة، مما يجعل من الصعب توظيف الموظفين، وأدى إلى تراجع استهلاك الطعام في المطاعم، مما أثر على النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة.
بعد تحقيق الاستقرار، سئل ديفيد عن سر نجاحه، وكان رده أنه لم يعمل وحده، بل عمل مع نفس الفريق خلال العقدين الماضيين، ويصفهم بأنهم `عائلة واحدة كبيرة سعيدة حقا`. وعلى الرغم من أن فرانكو مانكا لم يحقق الانتشار العالمي مثل بيتزا إكسبريس حتى الآن، إلا أنه يعتقد أن لديها إمكانيات خارج المملكة المتحدة. فقد امتلكت المجموعة بالفعل موقعا صيفيا في جزيرة سالينا الإيطالية، شمال صقلية، حيث يمتلك مؤسسها جوزيبي ماسكولي منزلا. ويقول ديفيد: `يحب الجميع البيتزا في جميع أنحاء العالم.
يقيم ديفيد في جنوب غرب لندن، وهو متزوج من امرأة تُدعى أندريا ولديه أربعة أطفال. أصبح مليونيرًا بفضل عمله في قطاع المطاعم. لم يكُن طرده من المدرسة الثانوية سوى نقطة انطلاق له لتحقيق النجاح والثراء في هذا القطاع الرابح للغاية.
كان سبب طرده من المدرسة الأساسية هو غيابه عن المدرسة وتدخينه عندما كان في سن السابعة عشرة. عمل سابقا كرئيس تنفيذي ورئيس مجلس الإدارة في سلسلة مطاعم إكسبريس بيتزا، ثم أصبح مديرا لمجموعة مطاعم أخرى، وحاليا يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمار فولهام شور، التي تمتلك فرانكو مانكا، لكنه يروي أن قطاع المطاعم يعاني تدهورا كبيرا في الفترة الأخيرة بسبب انتشار فيروس كورونا، مما تسبب في أزمة في المملكة المتحدة.
حذر ديفيد من التوسع المفاجئ والشديد لسلسلة شركته، حيث إن الشركة غير محصنة وليست لديها المزيد من الأموال لدفع الفواتير المرتفعة وأجور العاملين، وتعرضت بعض الفروع في ضواحي لندن للضرر بسبب ضعف ثقة المستهلك، مما أدى إلى تشجيعهم على البقاء داخل المنازل بدلا من الخروج لتناول الطعام في الخارج. ومع ذلك، لا يزال ديفيد، الرجل الستيني، يحتفظ بروح التفاؤل ويكشف عن خطط جارية لافتتاح المزيد من الفروع وتكوين علاقات مع “الطهاة الأكثر إثارة في إيطاليا” لإطلاق سلسلة جديدة ومختلفة غير تقليدية من الأطباق للضيوف.
يتذكر ديفيد ماضيه ويقول إنه كان لا يحب المدرسة مما جعله يتعرض للضرب بقوة على جلدي يديه باستخدام حزام أو جلد من الكهنة، وبسبب تغيبه عن المدرسة وتدخينه للسجائر تم طرده من المدرسة. كان والده يجبره على العمل في وظائف رسمية تقليدية، حوالي 20 وظيفة، ولكنه فشل في جميعها، أو بالأحرى كان لديه شغف آخر وهو عشق صناعة البيتزا، وأصبح من الغسالين إلى الرئيس، وعلى الرغم من معاناته في بداية حياته، إلا أنه سعيد وناجح الآن.
يعتقد ديفيد أنه مع تخطيه سن الستين، فإنه لا يرغب في التقاعد لأن ذلك سيكلفه الكثير من المال، وهو يحتاجه لإعالة زوجته وأولاده. يؤكد أنه يحب عمله في تصميم المطاعم وتجربة الطعام فيها، واكتشاف ما يستطيع تحقيقه بشكل أفضل. قد لا تكون رحلة ديفيد بيدج مجرد كلمات في كتاب واحد، ولكنها كانت أعلى درجات الجهد.