قصة من ” تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب “
تفضل الكثيرون الكلاب على كثيرين ممن يلبسون الثياب، وذلك بعد قيام العلامة أبو بكر محمد بن خلف المرزبان بجمع وتأليف كل ما ذكر في حق الكلاب من أحاديث شريفة، وأقوال الشعراء والحكماء، والوصايا والحكم والأقوال التي ذكرت في الكلاب، ويأتي هذا الحرص من المؤلف لرؤيته أن الكلاب قد تكون في بعض الأحيان أفضل من بعض البشر، حيث تعرف الكلاب بالوفاء والتضحية، وهذه إحدى القصص التي أتت على ذكرها المؤلف في هذه المؤلفة.
الملك والكلب:
عن محمد بن خلاد قال: قدم رجل على بعض السلاطين وكان معه حاكم أرمينية منصرفًا إلى منزله، فمر في طريقه بمقبرة، فإذا قبر عليه قبة مبنية مكتوب عليها، هذا قبر الكلب فمن أحب أن يعلم خبره فليمضِ إلى قرية كذا وكذا فإن فيها من يخبره، فسأل الرجل عن القرية فدلوه عليها فقصدها وسأل أهلها، فدلوه على الشيخ فبعث إليه وأحضره وإذا شيخ قد جاوز المائة سنة فسأله فقال: نعم كان في هذه الناحية ملك عظيم الشأن وكان مشهوراً بالنزهة والصيد والسفر، وكان له كلب قد رباه وسماه باسم، وكان لا يفارقه حيث كان، فإذا كان وقت غدائه وعشاءه أطعمه مما يأكل.
خرج الملك يوما إلى بعض منتزهاته وقال لبعضِ غلمانه: قل للطباخ يصلح لنا ثريدةَ لبن فقد اشتهيتها، فأصلحوها ومضى إلى متنزهه، فوجد الطباخ فجاء بلبن وصنع له ثريدة عظيمة ونسيَ أن يغطّيها بشيء، واشتغل بطبخ شيءٍ آخر فخرج من بعض شقوق الغيطان أفعى فكرع من ذلك اللبن – أي تناول منه- ومجَّ في الثريدة من سمه والكلب رابض يرى ذلك كله ولو كان في الأفعى حيلة لمنعها ولاكن لا حيلة للكلب في الأفعى والحية، وكان عند الملك جارية خرساء زمنًا قد رأت ما صنع الأفعى.
الكلب فداءً للملك:
وصل الملك من الصيد في نهاية اليوم، وقال: يا أيها الشباب، اقتربوا من الطاولة. عندما وضعوا الطعام في يديه، أشارت الأصم إليهم ولم يفهموا ما تعنيه. ونبح الكلب وصاح، لكنهم لم يلتفتوا إليه. ثم صاح بشدة ليخبرهم برغبته في الطعام. وألقى إليه ما يلقيه عليه في كل يوم، لكنه لم يقترب واستمر في الصياح. فقال للشباب: اقتربوا منه، فإن لديه قصة. ومد يده نحو اللبن. عندما رأى الكلب أنه يريد أكل اللبن، قفز إلى وسط المائدة ودخل فمه في اللبن واختنق به، فسقط ميتا وتناثر لحمه. وظل الملك مدهوشا منه ومن فعله. فأشارت الأصم إليهم وفهموا ما تريد من خلال تصرف الكلب. فقال الملك لخدمه ومرافقيه إن هناك شيئا قام به الكلب لينقذني بنفسه. وأود أن أكافئه وأدفنه بنفسي وأبني له قبة وأكتب على القبة ما قرأت. وهذا هو الخبر الذي حدث .
أسطورة تمس القلب:
قد تجد أن القصة مبالغ فيها وغير حقيقة فكيف لكلب أن يشرب اللبن المسموم حتى يتناثر لحمه، ولكن لنا وقفة مع القصة فالكلاب حقيقة تجدها واعية وحاضرة الذهن تتميز بالذكاء والوفاء، لذلك تجد العديد من قصص العرب عن خصال الكلاب فقد كان رفيق سفر لهم، حارس شخصي يأمن في حضوره الفرد، ولم نسمع أبدًا عن كلب خائن أو كلب كذاب أو حتى كلب سارق للأسف هذه الصفات تجدها فقط في البشر أعاذنا الله لذلك جاءت تسمية هذا الكتاب تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب.