قصة كنز القرصان ليفاسور الضائع
أوليفييه ليفاسور
هو قرصان فرنسي الجنسية، يلقب بلابيوس (`الصقر`) أو لابوش (`الفم`) بسبب سرعته وقسوته في مواجهة الأعداء، كما يشتهر بفصاحته وقدرته على مهاجمة الأعداء بالكلام. يعرف أيضا بأنه يخفي أكبر كنز في تاريخ القرصنة، ويتقدر قيمته بحوالي مليار جنيه إسترليني، ويترك شفرة لهذا الكنز ومجموعة من الأدلة على وجوده
ولد ليفاسور في الفترة التي عٌرفت بحرب ال 9 سنوات ما بين (1688-1697)، وهو ينتمي لأحد العائلات البرجوازية الثرية، وقد حصل على درجة الامتياز في الهندسة وأصبح مهندساً معمارياً، وقد أرسل له الملك لويس الرابع في فترة حرب الخلافة الإسبانية (1701-1714)، حيثُ قام بتعينه رئيسًا للقراصنه للتاج الفرنسي.
بعد انتهاء الحرب، أمر بأن تعود سفينته إلى الوطن، وفي عام 1716 انضم إلى شركة بنجامين هورن جولد للقراصنة، وكان ليفاسور يعاني من إصابة في إحدى عينيه ولكنها لم تعوقه في مسيرته، وتمكن من إثبات أنه قائد عظيم ورفيق جيد في السفينة
في أثناء رحلته إلى شواطيء البرازيل على متن فرقاطة Merchant La Louise المسروقة من طراز 22، هاجم عدد كبير من القوارب والسفن ومن أبرزها سفينة العبيد القادمة من أنغولا، حيثُ تركها لتغرق بطاقمها وقام بترك نحو 240 عبدًا مسروقًا على جزيرة قبالة ماكاي (بجوار ريو دي جانيرو ) وكان ذلك قبل أنّ يقوم أحد القوارب المسلحة بالهجوم عليه، حيثُ بدأت الصراعات بينه وبين البرازيليين والبرتغاليين في Ilha Grande و Ubatuba، حيثُ تمكن من قتل نحو عشرة قراصنة.
بعد ذلك، ذهب لويز إلى كانانيا لبضعة أيام، ثم عاد وأخبره بوجود تاجر فرنسي ثري في خليج باراناغوا القريب. قام بمطاردته وتم القبض على لا لويز في عاصفة قبالة جزيرة كوتينجا، وغرقت سفينته مع طاقمها المؤلف من نحو 80 بحار في 9 مارس 1718. تمكن ليفاسور من الهروب على متن إحدى السفن الصغيرة التابعة لسفينته وتوجه جنوبا إلى ساو فرانسيسكو دو سول
سرق قاربا محملا بالدقيق لإطعام نفسه وطاقم سفينته، ثم استكمل رحلته وأبحر مرة أخرى إلى كانانيا. واتجه القراصنة شمالا للقرصنة على السفن، وفي يونيو من نفس العام، ظهر لوفاسور في منطقة البحر الكاريبي على متن سفينة صغيرة تمكن من سرقتها في طريق عودته من البرازيل
قراصنة الكاريبي
تمّ القبض عليه بواسطة HMS Scarborough بقيادة الكابتن هيوم، واستطاع الهروب بعد ذلك إلى منطقة البحر الكاريبي ومعه مجموعة كبيرة من الأشياء الثمينة على متن مركب شراعي صغير، ثمّ انضم مرة ثانية إلى شركائه السابقين بعد أنّ قام طاقم السفينة بطرد قائدها ويليام مودي أواخر عام 1718، وقاموا بانتخاب ليفاسور قبطان السفينة، كما كان يعمل في 1719 مع كلاً من هويل ديفيس و توماس كوكلين الذين كانوا يعملون مع القائد Moody أيضًا.
أمّا في عام 1720، قام بمهاجمة ميناء العبيد Ouidah في مملكة Whydah الأمر حول القلعة إلى أنقاض، في نفس العام تعرض لحادث غرق في قناة موزمبيق وفقد جميع الطرق للعودة على جزيرة أنجوان في جزر القمر، الأمر الذي أساء من حالة عينة المصابة وأصبح لا يقدر على الرؤية بها تمامًا حيثٌ أُصيبت بالعمى، لذلك قام بوضع رقعة عليها.
وقام في عام 1720 بالعديد من الغارات مع كل من جون تايلور، جاسبر Seagar، و إدوارد انجلترا، وكان ذلك من قاعدة في جزيرة سانت ماري، الواقعة قبالة سواحل مدغشقر، وقام بمواجهة سفن الحج المتوجه إلى مكة المكرمة .
كان بولزجريف ويليامس هو المدير المسؤول عن التموين لليفاسور في ذلك الوقت، وكان بيلامي وزميله القبطان يعملان معه، حتى قتل بيلامي في عاصفة قبالة الرأس الشرقي لكيب كود. قاموا بنهب لاكاديف وبيع كل ما سرقوه للتجار الهولنديين ووصلت القيمة إلى نحو 75000 جنيه إسترليني
هجوم على بوربون
قاموا بارتكاب أحد أكبر مآثر عمليات القرصنة، حيثُ قاموا بالاستيلاء على الجاليون البرتغالي العظيم نوسا سينهورا دو كابو ( سيدة الرأس ) أو فيرجيم دو كابو ( عذراء الرأس ) التى كانت تضم كنز كبير يعود للأسقف غوا، الذي كان يٌعرف باسم بطريرك جزر الهند الشرقية، كما كان نائب الملك في البرتغال، عندما كانوا على متن السفينة في طريق عودتهم إلى الوطن لشبونة.
عندما تم ركوبهم على السفينة، تم رمي جميع المدافع التي كانت على متن السفينة في البحر، وكان عددها حوالي 72 مدفعا، خوفا من غرق السفينة، حتى وصلوا إلى جزيرة ريونيون التي تم إصلاح السفينة فيها. استخدم روبرت لويس ستيفنسون هذا الحادث في روايته “جزيرة الكنز”، واشار في الرواية باسم الجاليون باسم نائب الملك في جزر الهند، عن طريق شخصيته الخيالية الشهيرة لونج جون سيلفر
تحتوي الغنيمة على عدد كبير من السبائك المصنوعة من الذهب والفضة، بالإضافة إلى العديد من الصناديق المليئة بقطع الماس واللؤلؤ والحرير والقطع الفنية ومجموعة من الأشياء الدينية من كاتدرائية سي في غوا. كما يحتوي على الصليب الناري في جوا، وهو مصنوع من الذهب ومرصع بالذهب والماس والياقوت وأحجار الزمرد، وهو ثقيل جدا حتى يتطلب وجود ثلاثة أشخاص لحمله ونقله إلى سفينة ليفاسور. الكنز كان ثمينا وضخما لدرجة أن القراصنة لم يقموا بسرقة الأفراد من السفينة كما هو معتاد.
بعدها تمّ تقسيم المسروقات على جميع القراصنة حيثُ حصل كل قرصان على ما يقارب 50 ألف جنيه إسترليني من غينيس الذهبية وعدد 42 ماسة لكل منهما، ومات Seagar في طريقهم إلي مدغشقر حيثُ قاموا بتقسيم ما حصل عليه من السرقات وأخذ ليفاسور الصليب الذهبي.
ولادة أسطورة
في عام 1724، قام ليفاسور بإرسال مفاوض إلى حاكم جزيرة بوربون (ريونيون الحالية) لمناقشة العفو الذي تم عرضه على جميع القراصنة في المحيط الهندي آنذاك، من أجل القضاء على عمليات القرصنة. كما كانت الحكومة الفرنسية تحاول استرداد ما تم سرقته. ومع ذلك، لم يعني ليفاسور أي اهتمام بالمنشور واختار التوجه سرا إلى أرخبيل سيشيل. وتم القبض عليه بالقرب من فورت دوفين في مدغشقر، وتم نقله بعد ذلك إلى سان دوني في ريونيون، حيث تم شنقه بتهمة القرصنة في الساعة 5 مساء في 7 يوليو 1730
ويقال عن كنز القرصان ليفاسور أنّه أخفاءه في مكان بعيد، كما يقال أنّه كشف لحارسة عن مكان الكنز في اليوم الذي أُعدم فيه وهو على المشنقة والحبل على رقبته، حيثُ قام بوضع شفرة غامضة حيثُ كان يردد بصوت عالي دائمًا “اعثر على كنزي ، من يستطيع!” ومع قيام المؤرخ شارل دي لا رونسيير بنشر ترجمة للرسالة المشفرة عن مكان الكنز في عام 1934، إلاّ أنّ هذه الرسالة مازالت مبهمة وغير مفهومه، وإلى الآن ما زال الكثير من الأشخاص يحاولون فك شفرة الوثيقة من أجل محاولة الوصول والفوز بالكنز الثمين من ريونيون إلى سيشيل، من موريشيوس إلى رودريغز وصولاً إلى خوان دي نوفا.