قصة قصيدة ظلم ذوي القربى
ويعتبر ظلم الأقارب أشد مؤلما على النفس من وقع الحسام المهند. هذه الأبيات قد قالها الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد الذي تعرض للظلم والأذى من قبل أقاربه وأهله. لذلك، كتب هذه القصيدة للتعبير عن مدى معاناته وألمه. تم تصنيف مقطعه الشعري هذا كواحد من أشهر سبعة مقاطع شعرية في الأدب العربي القديم، حيث احتوت على حكم وفلسفة حول حكمة الحياة وشؤونها
قصة ظلم ذوي القربى
في بحث عن طرفة بن العبد، يذكر أنه (طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد، البكري الوائلي، أبو عمرو) كان شاعرا في العصر الجاهلي وكان ينتمي إلى الطبقة الأولى من الشعراء في ذلك العصر. ولد في بادية البحرين، ثم انتقل إلى مناطق نجد، وأقام علاقة مع الملك (عمرو بن هند) الذي أحبه كثيرا، وبعد ذلك قام بإرسال رسالة إلى المكعبر الذي كان يعمل به، وهو العامل الذي يتنقل بين عمان والبحرين، وأمره فيها بقتل طرفة. فقد وصلت الرسالة إلى الملك بأن طرفة قد كتب أبيات تسيء فيها إلى الملك.
في الواقع، تم قتله بواسطة المكعبي، وكان في ريعان شبابه، ويقال إنه قتل وهو في العشرين من عمره، ولكن هناك أيضًا رأي يقول إنه توفي وهو في السادسة والعشرين من عمره. ويتميز شعره وهجاؤه بالقول غير الفاحش، وكما يفيض لسانه بالحكمة في العديد من قصائده.
ولد طرفة في بدايات القرن السادس الميلادي تحديداً في العام 543م، حيث أتت وفاته قبل مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بخمس أعوام تقريباً، وهو ينتمي إلى عائلة عرف عنها كثرة شعرائها، وعلى الرغم من اعتباره الوريث لعائلة كبيرة من عائلات بني بكر، كان لوفاة والده بالغ الأثر السلبي عليه والتي بدأ معها صراع بينه وبين أهله الذين لم يرث منهم سوى الموهبة الشعرية بل إنه قد أصبح أعظم شعرائهم.
ومن الواضح أنهم قد شعروا بمدى ما يتمتع به من ذكاء في وقت مبكر، فرغبوا في ابعاده طامعين في الثروة والمال، لكنه تمكن من تخليد اسمه في التاريخ، حيث إن المال يذهب، بينما فصاحته في البيان باقية حتى اليوم، حيث قام بصناعة المجد من خلال حياة مختلفة تقوم على إذ قام بصناعة المجد والثورة.
في طفولته، لم يكن يدرك تماما أموره عندما نشأ مع أعمامه الذين سيئوا معاملته ونهبوا ميراثه من والده. بالإضافة إلى ذلك، قاموا بقمع وإضطهاد والدته. منذ اللحظة التي بدأ فيها بفهم العالم من حوله، عاش في حالة عدم الانتماء، وأصبح شخصا يرفض كل ما يحيط به. لم يكن يسعى سوى للتمتع بملذاته الشخصية وحياته الخاصة، ولم يشعر بالسعادة إلا عند السفر وشرب الكحول والتنقل وتذوق الملذات. قام بالسفر من أطراف المحرق، المعروفة حاليا بالبحرين، إلى أطراف جزيرة العرب، ومن خلال هذه الحياة الحرة والتنقل، اكتسب خبرة في شؤون وأحوال الناس ووجوههم.
كان أخوه وشقيقه يدعى معبد، ولم يكن قريبا منه أو يقف بجانبه، وكان مجرد رمز لمعاناته كشخص بلا مأوى، قد استبدل الاستهزاء بالجدية في كل شأن، وبفلسفة عميقة في الحياة، وكان يرى نفسه وكأنه مصاب بالجرب ويجب أن يبعد بعد تطهير جلده بالزيت ومعالجته، تماما مثل أحد تلك القطعان المصابة بالجرب أو الإبل التي يمكن أن تنقل العدوى لإخوتها.
وفي رحلته، وصل إلى منطقة الحيرة في جنوب وسط العراق، وهناك وجد مأوى مؤقتا عند ملكها (عمرو بن هند) وأصبح عدوا له، ولأنه لا يمكنه الاستقرار، هاجم الملك، مما دفعه للانتقام عن طريق قتله على يد المكعبر العامل لملك المحرقة، وما زالت تفاصيل تلك الحادثة غامضة حتى اليوم، وعلى الرغم من صغر سنه، استطاع طرفة بن العبد أن يدخل التاريخ من خلال قصيدته التي أظهرت فلسفة عميقة قوية، تشمل رؤية واسعة للإنسان والموت والحياة، ومن بين الحكمة التي تضمنتها أبياته الشعرية قوله في فلسفة العيش وهو كنز لا يفنى
أرى العيشَ كنزًا ناقصًا كلَّ ليلةٍ، وما تنقُصُ الأيامُ والدهرُ ينفد
وأعرب عن رأيه في عدم وجود فائدة في الخير الذي يحمل بداخله الشر، ولا في تقديم العداء والخصومة ثم التصرف بالعطاء، حيث صرح برأيه قائلاً:
لا يوجد خير في خير يراه الشر دونه، ولا يأتيك النجاح بعد التراخي
يقول إن الإنسان يجب أن ينفع أهله بالمحبة ولا يعطيها لمن لا يستحقها، وأن العداوة تكون مع العدو فقط
إذا لم تفيد بودك أهلك ولم تتصالح مع عدوك بالتقبيل، فعليك بالابتعاد عنه
وكذلك، فإن الأيام قادرة على إظهار جميع الأمور، وسيصل الأخبار بالتأكيد دون أي شك أو احتمال
ستظهر لك الأيام ما كنت جاهلاً فيه، وتأتيك الأخبار من مصادر لم تتوقعها
يمكن للأخبار الوصول إليك من شخص لم تبيع له من قبل أو حتى تحدد له موعدًا
ويمضي لكي يتكلم عن أن المرء هو من يصاحب ويرافق:
لا تسأل الناس عن أنفسهم، بل اسأل عن أقرانهم فكل قرين يتشابهون في الصفات
معلقة طرفة بن العبد
أشهر أشعار طرفة بن العبد هي معلقته التي يبدأ مطلعها بـ (لخولة أطلال ببرقة ثهمد)، وقد شرح العلماء الكثيرون هذه المعلقة وجمعوا ما تم حفظه من شعر طرفة. وتم ترجمة بعض هذه الأشعار إلى اللغة الفرنسية. وفيما يلي نص معلقة طرفة
لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ
تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم
يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ
كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً
خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ
عَدَوليَّةٌ أَو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ
يَجورُ بِها المَلّاحُ طَوراً وَيَهتَدي
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بِها
كَما قَسَمَ التُربَ المُفايِلُ بِاليَدِ
وَفي الحَيِّ أَحوى يَنفُضُ المَردَ شادِنٌ
مُظاهِرُ سِمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ
خَذولٌ تُراعي رَبرَباً بِخَميلَةٍ
تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي
وَتَبسِمُ عَن أَلمى كَأَنَّ مُنَوِّراً
تَخَلَّلَ حُرَّ الرَملِ دِعصٌ لَهُ نَدي
سَقَتهُ إِياةُ الشَمسِ إِلّا لِثاتِهِ
أُسِفَّ وَلَم تَكدِم عَلَيهِ بِإِثمِدِ
وَوَجهٌ كَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت رِدائَها
عَلَيهِ نَقِيُّ اللَونِ لَم يَتَخَدَّدِ
وَإِنّي لَأَمضي الهَمَّ عِندَ اِحتِضارِهِ
بِعَوجاءَ مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي
قصائد طرفة بن العبد
رغم وفاته وهو صغير، إلا أن طرفة بن العبد كتب العديد من القصائد، ومن بينها:
- سائلوا عنا الذي يعرفنا
- إني وجدك ما هجوتك وال
- إن امرأ سرف الفؤاد يرى
- أشجاك الربع أم قدمه
- وتقول عاذلتي وليس لها
- يا عجبا من عبد عمرو وبغيه
- لهند بحزان الشريف طلول
- أتعرف رسم الدار قفرا منازله
- لخولة بالأجزاع من إضم طلل
- قفي ودعينا اليوم يا ابنة مالك
- ونفسك فانع ولا تنعني
- ولا أغير على الأشعار أسرقها
- وإنا إذا ما الغيم أمسى كأنه
- أبا منذر كانت غرورا صحيفتي
- إذا كنت في حاجة مرسلاً
- خالط الناس بخلق واسع
- إني من القوم الذين إذا
- من الشر والتبريح أولاد معشر
- أصحوت اليوم أم شاقتك هر
- فليت لنا مكان الملك عمرو
- أعمر بن هند لا يروي رأي صرمة
- يا لك من قبرة بمعمر
- أبني لبينى لستم بيد
- الخير خير وإن طال الزمان به
- إذا شاء يوما قاده بزمامه
- وركوب تعزف الجن به
- لخولة أطلال ببرقة ثهمد
- أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم
- خليلي لا والله ما القلب سالم
- من عائدي الليلة أم من نصيح
- أسلمني قومي ولم يغضبوا
- ولقد شهدت الخيل وهي مغيرة
- فكيف يرجي المرء دهراً مخلداً
- ما تنظرون بحق وردة فيكم