ادب

قصة غزوة ذي قرد

غزوة ذي القرد هي إحدى غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وقعت في العام السادس من الهجرة في حدود المدينة المنورة، وكانت أول غزوة بعد صلح الحديبية، وقام فيها المشركون بتلقي درس عظيم من النبي صلى الله عليه وسلم، وأطلق عليها اسم ذي القرد لأن المكان الذي نزل فيه النبي صلى الله عليه وسلم يسمى ذو القرد، وتعرف أيضا باسم الغابة.

جدول المحتويات

أسباب غزوة ذي قرد

كان هناك مجموعة من الجمال ذوات اللبن، أي جمال لقاح، والتي تخص النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تلك الجمال موجودة في مكان يدعى الغابة، وكان هذا المكان يتميز بأشجاره الكثيفة والكثيرة، ولذلك فهو يعد مكان مناسب لرعي تلك الإبل، فأتى رجل من المشركين يقال له عيينة بن حصن الفزاري، وقام بقتل الراعي واستولى على الجمال الموجودة، هو ومجموعة من قطاع الطرق من قبيلته، وهي قبيلة غطفان، ليس هذا فقط بل أخذوا مع الجمال امرأة وفروا هاربين.

تواجد فتى صغير عند وقوع تلك الحادثة، ثم انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة ليروي له ما حدث. فإذا به يقابل الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع، ويحدثه عن ما حدث لعيينة ومن كان معه. ثم انطلق سلمة بن الأكوع ووقف في مكان مرتفع وصاح بصوت عال ليخبر المسلمين في المدينة عن ما حدث لإبل رسول الله والأذى الذي تعرض له الراعي، ليتسارع المسلمون في مساعدة المرأة والإبل التي تم سرقتها. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش المسلمين بالاستعداد لمحاربة المعتدين، فاستعد الصحابي الجليل المقداد بن عمرو بسرعة وكان أول من استعد في جيش المسلمين، ولذلك سلمه الرسول لواء المعركة، وانطلق المقداد ومعه من استعد من الجيش، بعد أن أمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

سلمة بن الأكوع شجاعة وإقدام

انطلق سلمة بن الأكوع ، حتى يمسك بعيينة ومن بصحبته، دون أن ينتظر أحد من المسلمين، وهذا لشدة غيرته على دينه، وعدم تحمله المساس به من أحد، وكان سلمة بن الأكوع قد حباه الله عز وجل بنعمة كبيرة، وهي السرعة الشديدة في الركض، فكانت قدماه أسرع من الخيل، وبسبب تلك الموهبة الرائعة،  فقد تمكن من اللحاق بالمعتدين، وجعل يلقي عليهم النبال مردد، خذها وأنا بن الأكوع واليوم يوم الرضع، حتى أصاب منهم من أصاب.

اعتقدت عينة ومن معها أنهم يتعرضون لهجوم من جيش المسلمين، بناء على الهجمات الشديدة التي يتعرضون لها. ولكن عندما التفتوا للنظر، لم يجدوا سوى رجل واحد. فاستخفوا به لأنهم لا يعرفون قوته وقدرته التي منحها الله، والتي تفوق سرعة الرياح. انطلقوا في محاولة لقتله والتخلص منه، ولكنهم اندهشوا من سرعته الهائلة التي تفوق سرعة الخيل بكثير. كلما حاولوا الاقتراب منه، زاد هروبه بسرعة أكبر، ولم يتمكنوا من اللحاق به. وعندما عادوا لاستكمال طريقهم، عاد سلمة ورشقهم بالأسهم، وكرروا هذا الأمر عدة مرات، ولكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل. لم يتمكنوا من قتل سلمة، الذي أعاق تقدمهم وأبطأه، وكان يلحق بهم الضرر من خلال رمي الحجارة عليهم من وراء الجبل.

سلمة من أهم أسباب النصر

 استطاع سلمة أن يكون بمثابة جيش عظيم، بسبب شجاعته المفرطة، فلولا ما فعله بهم ولولا استطاعته أن يؤخرهم عن مسيرتهم، لما لحق بهم  جيش المسلمين بتلك السرعة، ولكنهم تمكنوا منهم واستردوا الإبل التي قاموا بسرقتها، واستطاعوا تحرير المرأة من بين أيديهم، حتى فزع عيينة ومن معه وقام بعضهم بالهرب للنجاة من جيش المسلمين، وقتل الأخرون، وقد حدث هذا النصر المؤكد بمنطقة تدعى ذي قرد.

سلمة والجائزة الكبرى

وكما جزي سلمة بن الأكوع الصحابي البطل على ما قام به، عندما التحق بالرسول صلوات الله وسلامه عليه وبأصحابه في موقع المعركة، قام بتمييز سلمة عن بقية الجيش، وقدم لكل رجل في جيش المسلمين سهما واحدا، وأهدى سلمة سهمين، الأول للفارس والثاني للمشي، وصدق الله تعالى في قوله في سورة الأحزاب الآية 23: بسم الله الرحمن الرحيم (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)، فقد تعلم المشركون من تلك المعركة، المعركة المعروفة بمعركة ذي قرد، درسا لا يمكن نسيانه، أن أي شخص يتجرأ على الفكر في إضعاف المسلمين، فإنه لن يجد سوى رد قاس من قبلهم، وهؤلاء هم أصحاب رسول الله، الذين قدموا حياتهم لله ولتعظيم الدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى