ادب

قصة عن عجائب طب الإفرنج

ذكر بن منقذ في مؤلفته كتاب الاعتبار عن مبلغ جهل الإفرنج بالطب وعلمهم به، وذلك بأنه ذكر هذه القصة بعنوان من عجائب طب الإفرنج. وفيه مقارنة واضحة بين الطبيب العربي المسلم الذي استطاع أن يعالج مرضاه بحرفية عالية دون أن يتكلف في ذلك، على عكس الطبيب الإفرنجي الذي تكلف وبالغ في العلاج باستخدام أساليب معقدة مما أدى إلى وفاة المرضى.

من عجائب طب الإفرنج
يقول ابن منقذ، أن الشخص الذي يمتلك المنيطرة (وهو من الناس نفسهم) كتب رسالة إلى عمه يطلب منه توفير طبيب لعلاج مرضى من أصحابه. فأرسل إليه طبيبا مسيحيا يدعى ثابت. لم يغب لمدة عشرة أيام حتى عاد. قلنا له: كيف تمكنت من علاج المرضى بهذه السرعة؟ فأجاب: احضروا لي فارسا كان يعاني من قرحة في رجله، وامرأة تعاني من اضطراب عقلي. قمت بإجراء عملية جراحية للفارس وعالجت القرحة، وراعيت ونشفت حالة المرأة.

فجاءهم طبيبٌ إفرنجي فقال لهم: هذا ما يعرفه الطبيب العربي النصراني الذي يعالجهم. قال للفارس: ماذا تفضل؟ أن تعيش مع امرأة واحدة أو أن تموت وأنت مع امرأتين؟ فأجاب الفارس: أعيش مع امرأة واحدة. فقال الطبيب: أحضروا لي فارسا قويا وفأسا حادة. ثم حضر الفارس والفأس وأنا حاضر، ووضع ساقه على قرمة خشب، وقال للفارس: اضرب ساقك بالفأس ضربة واحدة تقطعها. فضربها الفارس وأنا أشاهدها، ضربة واحدة، ولكن لم تنقطع، فضربها مرة أخرى وانسكبت الدماء ومات في الحال

وأبصر المرأة فقال: هذه امرأة لديها شيطان في رأسها وقد وقعت في حبه. قاموا بحلق شعرها! فقاموا بذلك وعادت لتأكل من مأكولاتهم مثل الثوم والخردل. تفاقمت حالتها بسبب ذلك، وقالوا: `لقد دخل الشيطان رأسها`. فقام موسى وشق رأسها بصليبة ونزع نصفها العلوي حتى ظهر الجمجمة، وفركها بالملح فماتت على الفور. قلت لهم: `هل تحتاجون إلى شيء آخر؟` قالوا: `لا`. ويقول الطبيب العربي، جئت وتعلمت من علمهم ما لم أكن أعرفه

كتاب الاعتبار لمؤلفه أسامة بن منقذ:
أسامة بن منقذ هو مؤيد الدولة أبو المظفر أسامة بن منقذ الكناني الشيزري المتوفي في عام 1188م، اشتهر ابن منقذ بأنه أديب ومؤرخ وفارس كما أنه خبير في فنون القتال والصيد، وتعد مؤلفته كتاب الاعتبار هي أول سيرة ذاتية في التاريخ العربي، استطاع فيها ابن منقذ أن يدون جميع خبراته الحياتية في مجالات شتى مثل الحرب والسياسة والتاريخ، فقد شهد وعاصر قيام الإمارات الصليبية وقيام وسقوط الدولة الزنكية وانهيار الدولة الفاطمية وسقوط القدس ثم استردادها وهو ما يعني أنه عاصر الكثير من الأحداث السياسة.

اكتسب هذه الخبرة بفضل ارتباطه الوثيق بجميع رجال عصره، سواء كانوا مسلمينا أو صليبيين، بالإضافة إلى صداقته القوية مع بعض أمراء الفرنجة ووزرائهم. وقد تمكن من مراقبتهم عن كثب بذهن يقظ وعقل واع. وتم ترجمة هذا الكتاب إلى العديد من اللغات بسبب قيمته التاريخية والثقافية. فقد تم ترجمته إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والدانماركية والبولندية والروسية وغيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى