اسلامياتقصص اسلامية

قصة عن الكذب في عهد الصحابة

الكذب من السلوكيات السيئة والمكروهة التي حذر الله تعالى والرسول الكريم منها، ويمكن أن يكون الكذب إما عن طريق تحريف الحقائق جزئيا أو كليا، أو ابتكار قصص وأفكار وأحداث جديدة، وذلك من أجل التلاعب وتحقيق هدف معين، ويمكن أن يتم ذلك بطرق مادية أو نفسية أو اجتماعية، وهو عكس الصدق، فالكذب يعتبر محرما في جميع الأديان، حتى لو كان بسيطا فإنه يتطور ويصبح مرضا يعاني منه الفرد، وفي كثير من الأحيان يرتبط بجرائم أخرى مثل الغش والاحتيال والسرقة.

جدول المحتويات

قصة عن الكذب

حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم قصة عن الكذب ووردت في الحديث الشريف، وفي صحيح مسلم قال كعب بن مالك

يعتذر عن عدم مشاركتي في غزوة قادها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في غزوة تبوك… وعلمت حينما تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أنني لم أكن أقوى أو أسهل منه في ذلك الوقت، وبالله لم أجمع رحلتين معا من قبل تلك الغزوة، حتى اجتمعت فيها، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظروف جوية حارة ومواجهة رحلة طويلة ومقاومة صحاري ومواجهة عدد كبير من الأعداء، وكانت تلك الغزوة ناجحة للمسلمين حيث حصدوا الثمار والظلال، وأنا لم أشارك فيها، فاستعد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، واستعددت أنا أيضا للانضمام إليهم ولكنني تراجعت ولم أنفذ شيئا، وفي نفسي قلت: إنني قادر على القيام بذلك إذا أردت، وما زال هذا الفكر يلهمني حتى غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، ولم أنفذ أي شيء من استعداداتي، ثم في الصباح التالي ذهبت وعدت دون أن أنفذ أي شيء، وما زال هذا الوضع يستمر معي حتى انتهت الغزوة وتفرق الجيش، وحاولت أن أسافر للالتحاق بهم لكنني لم أستطع ذلك، فشعرت بالحزن عندما رأيت الناس بعد رحيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا لا أجد قدوة سوى رجل مشوه بالنفاق أو رجل من الضعفاء الذين عذرتهم الله.

قصة كعب بن مالك للأطفال

سنعرض الآن قصة كعب بن مالك وتخلفه عن غزوة تبوك، وذلك لتعليم الأطفال ضرورة الابتعاد عن الكذب واتباع الصدق دائمًا، وستكون القصة على شكل حوار مبسط بين الأب وابنه

الأب :أتعرف قصة كعب؟

الطفل: لا من كعب يا أبي؟

الأب: أياً كنت، هل تعرف كعب بن مالك رضي الله عنه وأرضاه يا بني؟

الطفل وقد اشتد انتباهه: يا أبي، من يمكنني أن أسمع قصته؟

الأب: حسنٌ سأحكيها لك.

كعب بن مالك، يا بني، كان من أصحاب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

الطفل: وما قصته؟

الأب: هو الصحابي الذي نجاه الصدق من عذاب الله

الطفل: وكيف ذلك؟

الأب: في غزوة تبوك، اراد الله أن يمتحن المؤمنين بالخروج للجهاد. وكان الخروج مع الرسول أمرًا شاقًا، أتدري لماذا يا بني؟

الابن: لماذا يا أبي؟

الأب: رغم أن السفر كان بعيداً والجو فيه حارًا جدًا، والثمار كانت ناضجة، ويفضل الإنسان الجلوس في الظل للاستمتاع بأكل الثمار، إلا أن الخروج للجهاد في هذه اللحظة كان بأمر من الله تعالى لصد العدو ومحاربة المشركين الذين لا يحبون الإسلام.

الطفل: وماذا فعل الناس يا أبي؟

الأب: خرج المؤمنون الصادقون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم يرغبون في الشهادة لكي يحصلوا على الجنة، بينما بقي المنافقون مكانهم دون حراك

الطفل: فمن هم المنافقون يا أبي؟.”، يتنهد الأب طويلاً ثم يجيب: “إن المنافقين هم أشر الناس يا بني، نسأل الله العافية من النفاق… إنهم الكذابون يا بني، يظهرون ما لا يوجد في داخلهم

الطفل في إنصات: الابن: كيف يحدث ذلك يا أبي؟ الأب: كان المنافقون الكذابون يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان كل منهم يأتي بعذر يناسبه لتفادي الخروج في الجهاد، وكانوا يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم للهروب من الواجب.

الطفل في تعجب: وماذا فعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم معهم؟ الأب: أدخل الرسول صلّى الله عليه وسلّم على الجميع إلى غرف النوم واستمع إلى أقوالهم وقبّل أعذارهم..

الطفل في انتباه: لماذا لم يكشف الله هذه المعلومات للرسول صلى الله عليه وسلم؟.

الأب: لأن الله يؤخر عقاب الكاذبين إلى يوم القيامة، فإن عقوبتهم ستكون كبيرة جدًا. هل سمعت يا بني قول الله تعالى: “فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ”، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب.

الطفل في انتباه: ما هي العلاقة بين كل هذا وبين كعب بن مالك رضي الله عنه؟

الأب: بالتأكيد، كعب ابن مالك رضي الله عنه لم يكذب

الطفل: كيف؟

الأب: عندما سأل رسول الله كعب بن مالك عما سيخلف له بعد موته، أدرك كعب بن مالك أن الله يعلم ما في القلوب ويشاهد النوايا، وإذا كذب فقد ينجو في ذلك الوقت، لكنه لن ينجو من عذاب الله يوم القيامة. ولذلك، أجاب كعب بن مالك بأنه لن يقول إلا الصدق..

الابن: وماذا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

الأب: قال يا بني: يا رسول الله، ما كان لي عذر وكنتُ أستطيع الخروج معك. فقال النبي: الصدق يا بني.

الطفل في شوق: فماذا قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم له؟

الأب: قال له: « هذا صدق، انتظر حتى يقضي الله فيك ».

الطفل: وماذا حدث يا أبي؟

الأب في حزن: تصوّر يا بنيّ، لقد أمر رسول الله صلّ الله عليه وسلم الصحابة أن يعتزلوا كعب بن مالك فلم يكلمه أحد!! تصوّر يا بني لم يكلمه أحد لمدة خمسين يوماً، حتى إن كعب كان يمشي في الأرض ويسلم على الناس ولا يجد أحد يرد عليه السلام.. حتى ابن عمه أقرب أقربائه، سلم عليه ذات يوم فلم يرد عليه السلام!!

الابن في تعجب: ولماذا كل هذا ألم؟ ألم يقل كعب الصدق يا أبي

الأب: يختبر الله الشخص ليرى هل سيثبت على صدقه رغم كل الضغوط أم لا

الطفل: هل تذكرت كعب بن مالك، يا أبي؟

الأب: نعم، يا بني، ثبت كعب ابن مالك على صدقه حتى تاب الله عليه، وأنزل فيه قرآنًا يتلى حتى يومنا هذا.

الطفل: قال الابن لوالده: ما هو ما نزل الله؟ فأجابه الأب: خذ المصحف يا بني وسأقرأ لك الآية..

ذهب الطفل وعاد بالمصحف، وفتحه الأب على سورة التوبة، وقرأ عليه الآيات: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم.

الأب: هل تعرف ماذا قال الله بعد هذه الآية يا بني؟

الطفل: ماذا قال الله يا أبي؟

الأب: قال لابنه: `يا بني، اتق الله وكن مع الصادقين`، وذلك وفقًا لما جاء في القرآن الكريم

الطفل: وهل كلم الناس كعب يا والدي؟

الأب: يجب على الإنسان أن يتحدث بالصدق ويعود إلى الله، وعلى الرجل أن يفعل ذلك، ويتعهد بعدم الحديث إلا بالصدق، لأن الصدق هو الذي يضمن له النجاة. وأما المنافقون فسوف يُفضحون من قبل الله في كتابه، وسيكون لهم في الآخرة عذابٌ شديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى