قصة عضد الدولة وسر شجرة الخروع
يحكى أنه في زمن عضد الدولة، كان هناك تاجر قدم من خرسان لأداء الحج، وبينما هو هناك، وجد أن لديه مالا يفوق حاجته، يقدر بحوالي ألف دينار. واجه التاجر حيرة حول أين يضع هذا المال حتى يعود من الحج، حيث لا يرغب في المخاطرة بحمل الأموال معه خلال الرحلة، خوفا من اللصوص والمجرمين على الطرق. كما خشى أن يودع المال لأحدهم ويتعرض للخداع وعدم استرداد أمواله. استمر التاجر في حيرته حتى وجد حيلة للتصرف.
شجرة الخروع :
كانت حيلة التاجر هي أن يخبئ أمواله في مكان معلوم حتى إذا أنتهى من مناسك الحج وعاد إلى دياره، عاد إليها وأخرجها من ذلك المخبأ، فمضى التاجر إلى الصحراء فرأى هناك شجرة خروع فقرر أن تكون هذه الشجرة هي مكان كنزه، ظل يتلفت يمينًا ويسارًا وبعدما تأكد التاجر أنه لا أحد يراه حفر تحت الشجرة ودفن أمواله، ثم مضى في سبيله إلى الحج.
عندما عاد التاجر من رحلته الحجية، أراد التأكد من أمواله وإخراجها من مخبأها. فذهب إلى شجرة الخروع وبدأ يحفر، ولكنه صدم عندما لم يجد أمواله. فبدأ يلطم ويبكي على ضياع أمواله. وحينما سأله الناس عن حاله وعن السبب، قال التاجر: `الأرض سرقت مالي.` ظل التاجر في حالة يأس طوال النهار، والناس حوله يواسونه. حتى قال أحدهم له: `أنصحك بأن تذهب لعضد الدولة، فهو مشهور بفطنته وذكاءه.` فسخر التاجر من هذا النصيحة وقال: `أو يعلم عضد الدولة الغيب؟` فأجاب الرجل: `لا يوجد خسارة أكبر من ضياع أموالك، فحاول الذهاب لعضد الدولة.`.
عضد الدولة :
فكر التاجر بأن عضد الدولة هو الحل الوحيد أمامه، فاتجه إلى قصره وطلب مقابلته، وعندما حضر بين يديه أطلعه على ما جرى له وما كان من أمر الشجرة، فكر المعتضد قليلًا، ثم أمر حراسه بجمع الأطباء، فاستنكر التاجر الأمر، ما شأن الأطباء بسرقة أموالي، إلا أنه أثر الصمت وقرر الانتظار حتى النهاية.
حضر الأطباء بين يدي المعتضد فسألهم: هل علاجت هذا العام شخصا باستخدام عروق الخروع؟”، فأجاب أحد الأطباء: “نعم، علاجت فلانا، وهو من خواصك.” فسأل عضد الدولة الحراس أن يجلبوا الطبيب، وعندما وصل، سأله: “هل علاجت هذا العام شخصا باستخدام عروق الخروع؟”، فأجاب: “نعم.” فسأله: “من أين حصلت على العروق؟”، فأجاب: “حصلت عليها من فلان من الخدم.” فقال عضد الدولة: “اذهب واحضره،” وعندما حضر، سأله: “من أين حصلت على العروق؟”، فأجاب: “من مكان فلاني.” فقال عضد الدولة: “اذهب مع هذا التاجر وأرني المكان الذي حصلت منه على العروق.” وانطلق الرجل مع التاجر وأظهر له المكان الذي حصل منه على العروق، وذهبا إلى تلك الشجرة، وأشار إلى الشجرة التي خبأ التاجر فيها أمواله، وقال: “من هذه الشجرة حصلت على العروق.” فقال الرجل وهو لا يصدق نفسه: “ها هنا والله تركت مالي.” وعادوا جميعا إلى عضد الدولة، وأخبره التاجر أنها نفس الشجرة التي يقصدها، فقال عضد الدولة للخادم: “أحضر المال،” وتردد الخادم، فوعده بحبسه إذا لم يحضر المال، فأحضر المال وأعاده للتاجر.