قصة شجرة الدر الحقيقية
سوف يواجه كل صعود حتما هبوطا، ولكن يجب الحذر من هذا الهبوط، وسيكون الجزاء موافقا للعمل، وهذه قاعدة كونية تم رؤيتها في التاريخ، وسترون هذه التجارب في المستقبل، وسيرون الناس القصص ويأخذون حذرهم. هناك امرأة من أشهر النساء العرب والمسلمين التي بدأت حياتها كخادمة ثم جارية وانتقلت إلى قصور الملوك وأخذت السلطة المطلقة وانتهت حياتها بطريقة مأساوية، وهي السلطانة شجرة الدر
من هي شجرة الدر
لقد حملت شجرة الدر لقب “عصمة الدين” و “أم خليل” كانت جارية مجهولة الأصل يقول بعض المؤرخين أنها أرمينية والبعض الأخر يقول شركاسية أو خوارزمية كما أن تاريخ الولادة والأسم الأصلي وتاريخ الوفاة مجهولين أيضًا ولكن تاريخ الوفاة المنتشر هو عام 1257 م ، بدأت ذكر أسم شجرة الدر عام 1239م أعجب بها الملك “نجم الدين أيوب” وأشترها وضمها للجواري الملكية قامت شجرة الدر باستغلال جمالها وذكائها للوصول لقلب السلطان “نجم الدين”.
أصبحت هذه الجارية المفضلة عند السلطان وكانت مثل الروح التي لا تفارقه، وكانت معه أثناء فترة اعتقاله وسافرت معه إلى مصر، وأعلن الملك زواجه منها بعد ولادة ولي العهد `خليل`. وهكذا كانت شجرة الدر حرة، ولكن حدث شيء غير متوقع، توفي الطفل `خليل`، ثم أصبح الملك `نجم الدين` سلطانا على مصر، وظلت شجرة الدر ترافق السلطان حتى في الحروب، خاصة حروب الحملات الصليبية.
دور شجرة الدر في الحملات الصليبية
لعبت شجرة الدر دورا كبيرا في انتصار المسلمين على الصليبيين، حيث خلال الحرب السابعة بقيادة لويس التاسع، توفي السلطان `نجم الدين`، فقامت شجرة الدر بدعوة قائد الجيش الأمير `فخر الدين يوسف`، ولكن ذلك كان في سرية تامة وأخبرته بوفاة السلطان وأنها لا ترغب في إشاعة الخبر خوفا من إحباط عزيمة الجيش الذي كان يتعرض لهجمات عنيفة، وفعلا لم يلاحظ أحد غياب السلطان وقامت بنقله ودفنه سرا في مثواه، ولكن يبقى السؤال كيف لم يلاحظ أحد غياب السلطان
حصلت شجرة الدر على ختم السلطان وتمكنت من تقليد توقيعه، وقامت بتسهيل جميع الأمور، حيث كانت تأمر الخدم بتقديم الطعام للسلطان وترتيبه، نظرا لأن السلطان كان يشعر بالتعب كثيرا ويرفض دخول أي شخص إليه
كانت الحرب في أوجها وكان المسلمون يتعرضون لمزيد من الهزائم، وكانت آخر هزيمة هي مقتل قائد الجيش `نجم الدين يوسف`، وبعده تولى الجيش بأمر من شجرة الدر `بيبرس`. قامت شجرة الدر وبيبرس بوضع كمين أسفر عن سوء أعمال الصليبيين وأسر الملك `لويس التاسع`، وذلك بخطة ناجحة حيث استدركت الصليبيين في المنصورة وحقق المسلمون النصر.
قصة شجرة الدر و توران شاه
بعد النجاح الذي حقق في المنصورة، تم إرسال شجرة الدر إلى توران شاه، ابن زوجته، لكي يتولى الحكم بعد وفاة أبيه، إذ أعلنت وفاته بأمر ملكي وقامت بتوقيعه وختمه بأسم السلطان. وصل توران شاه وكان منتظرا منه أن يحفظ فضل شجرة الدر في إدارة البلاد بعد وفاة أبيه وأن يشكر ويكرم المماليك بسبب دورهم في هزيمة الحملة الصليبية.
على الرغم من ذلك، قام توران شاه بتهديد شجرة الدر بإزالتها ومطالبتها بالأموال والمجوهرات، وزعم أن ذلك حق له، وتعرضت المماليك للظلم بسببه، حيث أزالهم من مناصبهم التي حصلوا عليها من السلطان، كما خطط لقتل الأمراء، لكن المماليك كانوا أسرع منه وتخلصوا منه
شجرة الدر وقصة حكمها
تم قتل الوريث وتوفي الملك، ولم يكن هناك حاكم، إلا أن المماليك قرروا أن تكون شجرة الدر سلطانة، وبذلك أصبحت شجرة الدر أول سلطانة تحكم في الشرق الأوسط. وأول ما فعلته هو نقش عبارة على العملات المعدنية التي تحمل اسم “المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين ووالدة خليل أمير المؤمنين”، كما حرصت شجرة الدر على محو أي أثر للصليبيين
اتفقت مع الملك المأسور لويس التاسع على الرحيل من البلاد الإسلامية وكتابة تعهد بعدم العودة مرة أخرى مقابل الإفراج عنه، وقد حصلت على فدية كبيرة جدا، ويصف الصليبيون هذا الاتفاق بالذل والعار. وبعد ثلاثة أشهر من حكم شجرة الدر، بدأت المظاهرات لإقالتها من العرش لأنها امرأة ولا يمكن أن تحكم
اعتبر الأيوبيون في الشام مقتل توران شاه إهانة لهم وإعلان حرب، خاصة أن الحاكمة إمرأة، ولم تتم الموافقة العباسية على جلوس شجرة الدر على العرش، وأرسل الخليفة المستعصم رسالة إلى المماليك يسألهم عن مدى توفرهم للمقاتلة
وأمام هذا الاعتراض الشديد وقامت شجرة الدر بالتنازل عن العرش لـ “عز الدين أيبك” قائد الجيش وكانت قد تزوجته في بداية حكمها وكانت عز الدين أيبك وجه للحكم ولكن الأمر كله بيد شجرة الدر والتي أحبها عز الدين أيبك كثيراً وكان يعشقها وكان شرط شجرة الدر أن لا يري أو يذهب إلى زوجته الأولي ويطلقها وهي “أم على”.
شجرة الدر وشرارة هلاكها
تخلصت شجرة الدر من القائد “أقطاي” بمساعدة زوجها وذلك بسبب المخاطر التي كان يسببها لهم، ولكن بدأ عز الدين أيبك من النفور من شجرة الدر وأراد الانفراد بالحكم وترك القلعة ثم أبلغها أنه سوف يبعدها عن الحكم وسوف يكون الأمر الأول والأخير له وكان يسعى عز الدين للزواج من ابنة “بدر الدين لؤلؤ” وهذا الأمر الذي قام بإظهار شر شجرة الدر.
لم تكن تريد أن يحدث فيها مثلما فعلت بضرتها وقررت التخلص من عز الدين أيبك فأرسلت له تستعطفه وتخبره أنها سوف تنفذ جميع أوامره وظلت وراءة حتى أتي إلى القلعة وعندما عاد إلى القلعة كانت شجرة الدر قد جهزت لقتله سراً وبمساعدة خمسة أشخاص مخلصين لها قامت بقتل عز الدين أيبك وإشاعات أنه مات فجأة.
لم تدم هذه الكذبة طويلاً، فقد علمت المماليك وتأكدوا أن عز الدين أيبك لم يمت، بل تم قتله على يد شجرة الدر. قررت المماليك، بقيادة “سيف الدين قطز” الانتقام، وقاموا بالقبض على شجرة الدر وحبسوها في البرج الأحمر بقلعة الجبل، لكنها لم تمت.
مقتل شجرة الدر
بعد عز الدين أيبك، تولى الحكم ابنه علي ابن المعز، الذي كانت زوجته الأولى قد ظلمتها شجرة الدر. قررت أم علي الانتقام من شجرة الدر وأرسلت لابنها ليحضر لها شجرة الدر. وقام بذلك ووصلت شجرة الدر، لكنها فوجئت بالموقف، حيث كانت الجواري تقف وكل واحدة منهن تحمل قبقاب خشبي وهو حذاء مصنوع من الخشب في يدها. عند إشارة أم علي، هاجمت الجواري شجرة الدر بالضرب حتى ماتت. ثم أمرت أم علي برميها من فوق أسوار القلعة وهي عارية، وتركوها بدون دفن لعدة أيام، ثم تم دفن شجرة الدر في قبر بجوار السيدة نفيسة