ادب

قصة شاب تائب إلى الله

تحكي هذه القصة قصة شاب تائب إلى الله، ورواها إبان بن صالح بن عمير بن عبيد القرشي، خادم أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد حضوره جنازة ورؤيته شيئا مدهشا فيها، فقرر التحرك وراءها والتحقيق عن صاحبها. تم ذكر هذه القصة في كتاب “ألف قصة وقصة” وهو من نوادر الصالحين وحياة الزاهدين لمؤلفه هاني الحاج.

قصة شاب تائب إلى الله:
قال إبان بن صالح: خرجت يومًا من عند أنس بن مالك نتمشى فلما كنت بسوق البصرة إذا أنا بأربعة من الرجال يحملون جنازة، فقلت: واعجبا أسواق البصرة عامرة مشتكة بالناس، ولم يصحب هذه الجنازة غير أربعة من الرجال، لأكونن خامسهم ، فسرت معهم حتى أتوا إلى الجبانة، فقلت لهم: يا قوم أيكم ولي هذا الميت فليصل عليه؟ فقالوا: كلنا فيه سواء فتقدم أنت فصل عليه، فصليت عليه وواريناه التراب، فقلت لهم: بالله عليكم ألا ما صدقتموني بخبر هذا الميت.

فقالوا: لا يوجد أحد يعلم خبرًا آخر ، ولكن هذه المرأة أذهلتنا عندما حملتنا ، فلفتت انتباهنا وجاءت إلى عند القبر وجلست هناك لمدة ساعة ، ثم قامت وهي تضحك. فقلت لها: يا لها من عجيبة ، امرأة تضحك على قبرها؟ ثم قلت لها: بالله عليك ، لماذا ضحكتِ؟

فقالت: يا هذا، ما لك وما لا يعنيك؟ قلت لها: أخبريني، فإني إبان خادم أنس بن مالك خادم رسول الله، فقالت: يا إبان، لو لم تكن ذاك ما أخبرتك بحديث أبدا، اعلم أن هذا الميت ولدي، وكان مسرفًا على نفسه، فلما كان البارحة اشتد الأمر به، فنادى: يا أماه، فأجبته فقال: سألتك بالله إلا ما فعلتي بي ما آمرك به، فقلت له: قل ما بدا لك.

فقال: إذا مت، فلا تخبري أحدا من جيراني، وخذي هذا الخاتم، واحترقي عليه: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وضعيه بين جلدي وكفني، فعندما يوضع في قبري، ضعي يدك على ضفيرة شعرك وأرفعيها نحو الله وتضرعي إليه ليغفر لي، وقولي: يا إلهي، لقد رضيت عنه فارض عنه، ثم قال: يا أمي، قومي ثم ضعي رجلك اليمنى على وجهي الحار وقولي: هذا هو جزاء من عصى الله عز وجل.

 فوقفت بالفعل، أيها الإبان، ووضعت قدمي هذه المشؤومة على وجه الرجل الحر، وصرخت قائلا: هذا هو جزاء من يعصي الله عز وجل. لم أرفعها من وجهه حتى توفي. ثم تولوا الأربعة أشخاص تلك المهمة، فقاموا بغسله وتكفينه وحمله إلى قبره ودفنه كما رأيت. عندما انصرفوا، أخذت شعري بيدي كما قيل، ورفعته إلى الله، وقلت: يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين، يا خير من أنزلت به الرحمة. إني علمت السر والعلن، وشهدت ما ظهر وما بطن. إلى الله توسل ابني العاصي، الذي أخطأ وأذنب، برضا والدته المسكينة الذليلة، وقد رضيت عنه. فارحمه، فسمعت صوتا من داخل القبر يقول: ارحلي، يا أمي، فقد قدمت إلى رب كريم، وقد غفرت لي ذنوبي. هذا ما جعلني أضحك، ثم ابتسمت وانصرفت وأنا سعيد .

المستفاد من القصة:
مهما عظمت الذنوب فباب التوبة موجود فلا تيأس ولا تقنط من رحمة الله، والجأ إليه دائمًا فهو المعين على النفس وشرها يعلم مستقرها ومستودعها. فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى