تعد رواية ثلاثية غرناطة للكاتبة المصرية رضوى عاشور واحدة من الروايات العربية التي تستحق أن تقرأ. حققت الرواية ثلاثية غرناطة نجاحا كبيرا بين القراء العرب، حتى أن بعض القراء اعتبروها واحدة من أفضل الروايات العربية على الإطلاق، وبعضهم يرون أنها تستحق أن تكون واحدة من أكثر الروايات مبيعا في العالم. وقد وصف بعض الناس روعة سرد الكاتبة للأحداث التاريخية في الرواية بأنها مؤثرة للغاية، حتى أن القارئ سيشعر لفترة طويلة وكأنه شخص موريسكي تعرض للاضطهاد والتهجير وتغيير دينه.
نبذة عن الكاتبة رضوى عاشور
ولدت الكاتبة رضوى عاشور في القاهرة عام 1946م وتخرجت من كلية الآداب في جامعة القاهرة قسم اللغة الإنجليزية، وحصلت على درجة الماجستير من نفس الجامعة، وحصلت رضوى عاشور أيضا على درجة الدكتوراة من جامعة ماساتشوستس الأمريكية،
كتبت رضوى عاشور سبع روايات ومجموعتين من القصص القصيرة ومجموعة من الدراسات النقدية المهمة. تم ترجمة قصصها القصيرة إلى عدة لغات، بما في ذلك الإنجليزية والفرنسية والإيطالية. تمت ترجمة روايتها إلى اللغة الإسبانية، وتمت ترجمة الجزء الأول من روايتها “غرناطة” إلى اللغة الإنجليزية. تم نشر الجزء الأول من ثلاثية “غرناطة” في عام 1994، وتم نشر الجزءين الثاني والثالث في عام 1995. يبلغ إجمالي عدد صفحات الرواية 502 صفحة.
نبذة عن ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور
تتألف الثلاثية من ثلاث روايات وهي (غرناطة، مريومة، والرحيل)، تم نشر كل جزء من تلك الأجزاء على حدة، لكن تم جمعهم معا في كتاب واحد. نقلت الكاتبة من خلال تلك الرواية رسالة تفيد بأن الحياة مليئة بالبهجة والسعادة حتى في أصعب المواقف، لأن السعادة ضرورية للبقاء على قيد الحياة. وتظهر هذه الجوانب في محاولات عائلة أبو جعفر للزواج وإنجاب الأطفال ومحاولاتهم لإرضاء حياتهم اليومية. فقد كان الطعام والكتب وحتى الحيوانات الأليفة مصدرا للبهجة للعائلة في ظل الظروف الصعبة التي مروا بها.
هل ثلاثية غرناطة رواية حقيقية
قصة عائلة أبو جعفر خيالية تماما، لكن الرواية لا تختلق الأحداث التاريخية التي حدثت في ذلك الوقت الحساس. بدلا من ذلك، تستخدم الخيال في تصوير الشخصيات وحكايات حياتهم. تأخذ الرواية القراء ببراعة إلى الأيام الأخيرة في تاريخ الأندلس، مع كل المعاناة والحب والحرب والسلام والألم والدموع والقتل والتهجير والفرح. تعكس الرواية ما تعرض له المسلمون من اضطهاد وإجبار على تغيير الأسماء وحضور القداسات في الكنائس وترك أبواب منازلهم مفتوحة يومي الخميس والجمعة لفحصهم من قبل الجنود. إنها تصوير حقيقي للأحداث التي حدثت في عهد إيزابيلا وفردينان.
قصة رواية ثلاثية غرناطة
تدور الرواية حول تاريخ عائلة عربية إسبانية وتروي قصتها عبر ثلاثة أجيال من أبنائها. كانت العائلة تعيش حياة عادية، ولكن في زمان ومكان غير عاديين، وهو وقت سقوط غرناطة. تبدأ الرواية في نوفمبر 1491م وتستمر حتى أكتوبر 1609م، وهي فترة تقريبا مائة عام. تبدأ في الفترة التي سبقت سقوط آخر معاقل المسلمين في الأندلس، وتنتهي بتهجير المسلمين من إسبانيا بالكامل.
تبدأ الرواية في السنة التي تسلم فيها آخر ملوك الأندلس، أبو عبد الله محمد الصغير، مفاتيح غرناطة لملكي قشتالة وأراجون، فردناند وإيزابيلا، مقابل الحصول على ثلاثين ألف جنيه قشتالي. وقد قاموا بمكافأته أيضا بالسماح له بالحفاظ على ممتلكاته الأبدية، وعقدت بعض الاتفاقيات السرية بين الأمير والملكين. وبسبب هذه الأحداث، عاش سكان غرناطة حالة من الرعب والتوتر، وشعروا بالحزن والخيبة وكأنهم بيعوا مثل القطيع للأسبان. وبالرغم من أن معاهدة غرناطة على الورق تنص على أن المسلمين يحق لهم الحفاظ على دينهم وثقافتهم وحتى خيولهم وأسلحتهم، ولديهم حق اللجوء إلى القضاة المسلمين لحل خلافاتهم، إلا أن الواقع كان مختلفا تماما. فقد تم فرض الديانة المسيحية على الجميع، وإلا فإنهم يواجهون الموت. واضطر سكان غرناطة لتغيير أسمائهم من الأسماء العربية إلى أسماء إسبانية، وتغيير دينهم والتخلي عن أي تجسيد للإسلام، سواء في الملابس أو غيرها.
تصور حياة أبو جعفر الذي يعمل كمجلد كتب ويعشق الكتب والقراءة والمعرفة، ولكنه يجبر على ترك كل ذلك بعد سقوط غرناطة. في رواية غرناطة، توضح الكاتبة معاناة عائلة أبو جعفر وعائلته عندما يصل الحكام الجدد لغرناطة ويصادرون الكتب ويحرقون جميع المجلدات التي تم جمعها. يتم نقل مكتبة أبو جعفر الغنية خارج غرناطة بهدوء. تناقل الرواية أيضا معاناة المسلمين المضطهدين الذين يسعون لتشكيل حكومة مستقلة، ولكن الضغوط الاقتصادية والسياسية والثقافية على المسلمين في إسبانيا واضطهاد الحكام المسيحيين يتوج في النهاية بتحولات للمسيحية وانتفاضات إسلامية.
وفي هذه الفترة، يعيش الأسرة وتنجب وتشعر بالسعادة بولادة أطفالها، وفي نفس الوقت يموت بعض أفرادها ما يسبب لهم الحزن، لكنهم يستمرون في الحياة. كما يشعرون بالحزن بسبب القوانين الظالمة التي تفرض عليهم، ومع ذلك، يفرحون بخبر وفاة فرديناند وزوجته وأيضا بفقدانهما لأبنائهما وجنون ابنتهما الوريثة للعرش. وفي هذا الوقت، يؤمنون بأن حكمة الله تعالى أعظم وأوسع مما يمكن أن تفهمه عقول البشر. وفي نهاية الثلاثية، يتأكد أحد أبطال الرواية من أن الرحيل عن الأندلس والموت هو الأفضل بدلا من البقاء فيها، برغم كل ما حدث للمسلمين في الأندلس.
اقتباسات من رواية ثلاثية غرناطة
بالإضافة إلى كون ثلاثية غرناطة واحدة من أفضل الكتب العربية للقراءة، فإنها تعد أيضًا واحدة من أفضل الكتب للاقتباس. وفيما يلي بعض الاقتباسات من الرواية:
- يبدو أن المشاكل الكبيرة في الحياة تقوم بإرهاصات الروح، ثم تأتي مشاكل أكثر صعوبة وقسوة وتقلص الأمر الذي بدأ كبيرًا إلى زاوية صغيرة في القلب والحشا.
- لا يعني أن كل شيء أبيض برد ولا كل شيء أسود فح، ولا يعني أن كل ما يبدو أخضر ريحان، ولا يعني أن كل حصان يجري في الميدان
- نحن لا نختار بين بديلين بل هو مصير مكتوب، نحن مهزومون، فمن أين الاختيار؟
- كانت الحياة في بيت أبي جعفر، على الرغم من مهانة الاحتلال، تسير بشكل سلس ومنظّم، حيث كان يُدار الحياة اليومية بشكل جيد. كان المنزل مفتوحًا ومليئًا بالحياة، وكانت أم جعفر هي رافعة سقف المنزل وتنشر فيه رائحة الخبز الذي تخبزه والخزامى التي تجفف زهورها والزيت الذي تعصره من زيتون عين الدمع.
- لن أغادر، لأن الله يعلم ما في قلبي ولا يمكن للقلب العيش بدون جسده. أنا أدعو نفسي مريم وابنتي رقية، فهل سيؤثر الأمر كثيرًا إذا حملوني بورقة تحمل اسمًا مختلفًا؟ لن أغادر، لأن اللسان لا ينكر لغته والوجه يحمل ملامحه.
- ما هي قيمة أن يكتسب الإنسان حروبا ويوسع مملكته إذا فقد أعز شخص له
- من الصعب على الإنسان أن يدرك حكمة الله، فهي لغز عميق وصعب وأنا مجرد امرأة عجوز.
- كيف يبدأ المرء حياته وهو في السادسة والخمسين؟ بدون زوجة ولا أولاد لتشغل وحشته في هذا العالم الغريب، ولا قبر جدة يزوره بانتظام ويروي لها أحداث حياته، فلماذا يستمر في العيش؟ وربما الموت يكون في الرحيل وليس في البقاء.
المراجع
- رواية ثلاثية غرناطة