قصة خالد بن صفوان وزوجة السفاح
أراد خالد بن صفوان التميمي يوما أن يقترب من أبي العباس السفاح، وقد نصحه بنصيحة تقريبا كادت تؤدي إلى مصيره، لذلك قرر تغيير نصيحته لتجنب إيذاء زوجة السفاح. تم ذكر هذه القصة في كتاب ألف قصة وقصة من نوادر الصالحين وقصص الزاهدين.
نصيحة خالد بن صفوان للخليفة:
دخل خالد بن صفوان على الخليفة أبي العباس السفاح فوجده وحيدا، فقال: يا أمير المؤمنين، منذ توليت الخلافة، أتوقع دائما أن أجدك وحيدا لأنني أريد أن أقدم لك ما أريد، فقال له الخليفة: أخبرني برغبتك، فقال خالد: يا أمير المؤمنين، فكرت في أمرك، ولم أر أحدا مثلك يستمتع قليلا بالنساء، فأنت ملكت نفسك لامرأة واحدة، ولم تتزوج أخرى، فإذا مرضت فإنها تمرض وحدها، وإذا غابت فإنها تغيب وحدها، وإذا غضبت فإنها تحرم وحدها.
وإنما التلذذ باستطراف الجواري، ومعرفة اختلاف أحوالهن، والاستمتاع بهن، فلو رأيت الطويلة البيضاء، والسمراء اللفاء. والصفراء الجزاء، والغنجة الكحلاء، والمولدات من المدنيات، والملاح من القُندُهاريّات، ذوات الألسن العذبة، والقدود المهفهفة، والثدي المحققة، وجعل خالد بعذوبة لفظه واقتداره على الوصف يزيد في قوله، فلما فرغ من كلامه قال السفاح له: والله يا خالد ما سلك سمعي قط كلام أحسن من هذا، لقد حرك مني ساكنا
زوجة السفاح تلقن خالد بن صفوان درسًا:
بقي السفاح مفكرًا عامة نهاره، بحديث خالد ثم دخلت عليه زوجته أم سلمة، فلما رأته دائم الفكر كثير السهو قليل النشاط، قالت: إني أنكرك يا أمير المؤمنين، فهل حدث ما تكرهه؟. ولم تزل به حتى حدثها بخبر خالد بن صفوان، قالت: فما قلت لابن الفاعلة؟ قال لها: سبحان الله! رجل نصحني تسبينه!!، فخرجت من عنده متميزة غضبا، وأرسلت إلى خالد بجماعة من غلمانها العجم ومعهم العصي، وأمرتهم ألا يتركوا فيه عضوا صحيحًا.
أما خالد، فقد غادر من عند السفاح وهو في ذروة السعادة بسبب إعجاب الخليفة به، وجلس على باب منزله ينتظر جائزته. ولم يشعر إلا بأن الخدم الشبان قد حضروا بالفعل مع الجائزة، فعندما وقفوا أمامه، سألوه عن ابن صفوان، فأجاب: أنا هو، فتبعه بعضهم بحماسه إلى هناك. ثم قفز خالد ودخل منزله، وأغلق الباب واستتر، وأدرك خطأه وزلته في تصرفاته وكلامه، وعرف من أين جاء.
خالد بن صفوان يسترضي زوجة السفاح:
مكث خالد أياما مسترا، ولم يشعر يوما إلا بجماعة من خدم السفاح هاجموه، فقالوا: أجب أمير المؤمنين! فعلم بقدوم الموت، وركب معهم وهو بلا دم، وعندما وصل إليهم وسلم عليهم، تسكنت نفسه بعض السكون، وأشار إليهم بالجلوس فجلسوا، ونظر خالد خلف ظهر السفاح ورأى بابا عليه ستائر مفتوحة، وشعر بحركة خلفه، فعرف أنها زوجته، ثم قال الخليفة: يا خالد، لم أرك منذ أيام، فاستعد لما يذكر لديك علة، فقال له: ويلك، إنك وصفت لي آخر يوم كنت معك فيه من أمور النساء والجواري، لم يخترق سمعي قط مثله، فعاد وعلق.
قال: نعم، أعلمتك يا أمير المؤمنين أن العرب اشتقت اسم الضرتين من الضر وأن أحدهم لم يكن عنده من النساء أكثر من واحدة إلا كان في جهد وگد، قال السفاح: ويحك، لم يكن هذا في كلامك، قال: بلى، وأخبرك أن الثلاث من النساء كأثافي القدر تغلي عليهن، قال السفاح: برئت من قرابتي من رسول الله إن كنت سمعت هذا منك في حديث، قال: بلى، وأخبرتك أن الأربع من النساء شر مجموع لمن كن عنده، يهرمنه وينغصن عليه عيشه، ويشيبنه قبل حينه.
مكافأة زوجة السفاح لخالد:
قال السفاح: : والله، لم أسمع هذا منك أو من أي شخص آخر. فقال الرجل: بلى يا أمير المؤمنين، لقد قلت ذلك. قال الآخر: ويلك، هل تكذب علي؟ قال الرجل: يا أمير المؤمنين، أتريد قتلي؟ سمع الرجل ضحكا شديدا خلف الستر. فقال خالد: أعلمك أنه لديك ريحانة قريش، وأنه لا يجب عليك أن تطمح إلى أي امرأة أخرى، وسمعت صوتا خلف الستر يقول: صدقت يا عماه، ولكن الأمير المؤمنين قد تغير وتبدل، وقد تحدثت عن شيء آخر. خرج خالد من المكان وذهب إلى منزله، لكنه لم يصل حتى وجدته أم سلمة وأعطته ثلاثة أنواع من الثياب وخمسة آلاف درهم.
نبذة عن خالد بن صفوان:
خالد بن صفوان التميمي عرف عنه الفصاحة واشتهر بالخطابة عند العرب فأطلقوا عليه لقب فصيح العرب وفصيح مضر، عاش بالبصرة ولم يتزوج على الرغم من أنه كان متيسر الحال، كان يجالس من الخلفاء عمر بن عبد العزيز ، وهشام بن عبد الملك، وكان مقربًا من الخليفة أبو العباس السفاح.