قصة حياة الخليل بن أحمد الفراهيدي
هو الخليل الفراهيدي، المعروف أيضا باسم الفراهيدي، كان واحدا من أوائل علماء المعاجم وعلماء اللغة العربية .
قصة حياة الفراهيدي
ولد الفراهيدي عام 718 ميلادية لأبوين أزديين متواضعين جنوب شبه الجزيرة العربية وهي سلطنة عمان حاليا انتقل إلى البصرة بالعراق ، كان يشاع أنه كان شيعيا وفور وصوله للعراق أصبح يتبع المذهب السني حيث عاش هناك حياة بسيطة وقد اعتنق والديه الإسلام قبل ولادته ، و يقال أن الفراهيدي هو أول من سمي أحمد بعد زمن الرسول محمد عليه السلام .
يختلف لقبه عن لقب قبيلته، إذ يعرف أسلافه باسم فرهود وتعني الشبل أو الأسد الصغير، وأحفاد قبيلة الفراهيدي هم قبيلة زهران، المقيمة بشكل أساسي في منطقة الباحة بالمملكة العربية السعودية .
باختلاف معاصريه العلماء والمفكرين العرب آنذاك، رفض الفراهيدي قبول الهدايا الفخمة من الحكام والولاة أثناء وجوده بالبصرة، وكان يعمل كمعلم للغة العربية ويعيش في بيت صغير مصنوع من الخشب، بالرغم من الثروة المذهلة التي اكتسبها طلابه من تعلمهم عنده، وكانت مصادر دخله المادية تأتي من تربية الصقور والأراضي التي ورثها عن والده .
وفاة الفراهيدي لا تملك تاريخا دقيقا لكن يرجح أنها بين 786 و 791 ميلادية و كانت وفاته أغرب من الخيال حيث يقال أن أمور الحساب و الفكر كانت هي سبب وفاته حيث كان يقوم بحل مسألة حسابات مالية قصد حماية خادمته من خداع البقال . دخل إلى المسجد فلم ينتبه لوجود سارية فاصطدم بها و أرديا قتيلا و يقال أيضا أن تلك السارية وقعت عليه فمات من فوره .
أعمال ومنهج أحمد الفراهيدي
- كان الخليل بن أحمد نابغةً في عصره ويعتبر من أكبر علماء القرن الثاني الهجري.
- لا تنحصر إنجازات الفراهيدي عند ابتكاره علم العروض في الشعر، بل هو أول من كتب قاموسًا للغة العربية و يحمل هذا الكتاب اسم العين .
- قام الفراهيدي بوضع أول قواعد النحو والحركات في اللغة العربية .
- شكلت دراسته أساسًا لتعلم اللغات الفارسية والتركية والأردية أيضًا.
- اعتبر الفراهيدي “النجم الساطع” في مدرسة القواعد العربية، حيث كان ليس فقط معلما بل رجل أفكار موهوب بحنكة لا مثيل لها في عصره .
- بالإضافة إلى اللغة العربية ، كان الفراهيدي ملمًا بعلم الفلك والرياضيات والقانون والشريعة الإسلامية ونظرية الموسيقى والسيرة النبوية الإسلامية.
- يقال إن براعته في اللغة العربية مستمدة من معرفته الواسعة بالسيرة النبوية، ودراسته وتعمقه في علوم القرآن الكريم وتفسيره .
- تم تسمية مدرسة الخليل بن أحمد الفراهيدي للتعليم الأساسي في الرستاق بسلطنة عمان باسمه بعد ذلك .
- كان الفراهيدي محترمًا وموضع تقدير من قِبَل جميع علماء عصره، وكان يشار إليه بالعبقري في العالم الإسلامي، خاصةً بعدما كان أول من تقن الحسابات المعقدة في الشعر العربي .
- كما تعلم العديد من العلماء تحت إشرافه، نذكر من بينهم حجة اللغة العربية سيبويه، الذي لم يكتب كتابا إلا وذكر فيه الفراهيدي أو أشار إليه باستخدام الضمير المنفصل .
علم العروض و قاموس العين للفراهيدي
يعد كتاب العين أعظم إنجازاته، حيث يعد أول قاموس مكتوب للغة العربية. والعين هي أعمق حرف في اللغة العربية، وتعني أيضا مصدر المياه في الصحراء. ولذلك، اختار الفراهيدي تسمية كتابه بالعين ليسلط الضوء على مصادر الكلمات في اللغة العربية الفصحى .
كان أول عمل للفراهيدي هو ابتكار علم العروض الذي ساهم في ازدهار الشعر العربي و يقال أنه عندما هم إلى أداء فريضة الحج سأل الله أن يلهمه و يعطيه مفاتيح العلم و فور عودته إلى البصرة استطاع الفراهيدي وضع قواعد الشعر العربية التي أصبحت أنداك سبيلا يمشي عليه معظم شعراء عصره و لا زال إلى زماننا هذا يحتدى به .
توجد للفراهيدي نظريات فلسفية، حيث استنتج أن ذكاء الإنسان يصل إلى ذروته في سن الأربعين، وهو العمر الذي بدأ فيه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام دعوته، كما افترض أن الذكاء يبدأ في التراجع بعد سن الستين، وقد اعتمد ذلك على وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، وأيضا افترض أن أفضل وقت في اليوم هو الفجر .
ناقش الفراهيدي العديد من القواعد اللغوية، واحتفظ بالآراء الواقعية الشائعة بين اللغويين العرب الأوائل، وبدلا من وضع قواعد النحو كما وصفها هو وطلابه بأنها قواعد مطلقة، رأى الفراهيدي أن اللغة العربية هي اللغة الطبيعية الغريزية للبدو، وتميز في رأيه أن الأبجدية العربية تضمنت 29 حرفا بدلا من 28 حرفا، وكان تصنيفه لـ 29 حرفا بسبب نظرته في مزيج اللام وألف كحرف ثالث منفصل من الجزأين الفرديين.
شعر الخليل بن أحمد الفراهيدي
كان الفراهيدي رجلا متنزها عن الدنيا، لم تغره ثرواتها ولم يسع لا للمال ولا النفوذ. ومن أحد التجارب الغريبة لتنزهه، قدم سليمان ابن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، الحاكم الأموي والوالي على فارس والأهواز، معاشا مقابل تعليم ابنه. لكن الفراهيدي رفض العرض وقال إنه على الرغم من أنه ليس ثريا ماديا، فإنه ثري بالفعل، لأن الفقر الحقيقي ليس في قلة المال، بل في الروح.
وقال حينها هذه الأبيات الآتية :
بلغ سليمان أني عنه في سعة في غنى غير أني لست ذا مال
شحًا بنفسي أني لا أرى أحدًا يموت هزلًا ولا يبقى على حال
الرزق عن قدر لا الضعف ينقصه ولا يزيدك فيـه حول محتال
والفقر في النفس لا في المال نعرفه، وكذلك الثراء في النفس وليس في المال
- كان الفراهيدي يرد على الوالي الذي ألغى المعاش له مرة أخرى
إن الذي شقَّ فمي ضامن للـرزق حتى يتوفـاني
حرمتني خيرًا قليلاً فما زادك في مالك حرماني
- شعر الوالي الأموي بالحرج وقرر إعطاء الفراهيدي معاشه والاعتذار عن فعلته، وبعدها قام الفراهيدي بكتابة سطور أخرى في حق الوالي
عند ذكر هذا الانزلاق، يزداد الشيطان في الكم، وهذه الحالة حدثت في سليمانا
لا تعجبَنَّ لخيرٍ زلَّ عن يـده فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا
- ومن بين أجمل الأبيات التي كتبها الخليل الفراهيدي وتأتي من شعر طويل
سَأُلزِمُ نَفسي الصَفحَ عَن كُلِّ مُذنِبٍ وَإِن كَثُرَت مِنهُ عَلَيَّ الجَرائِمُ
وَما الناسُ إِلّا واحِد مِن ثَلاثَة شَريف وَمَشروف وَمَثَلٌ مُقاوِمُ
فَأَمّا الَّذي فَوقي فَأَعرِفُ فَضلَهُ وَأُتبِعُ فيهِ الحَقَّ وَالحَقُّ لازِمُ
وَأَمّا الَّذي مِثلي فَإِن زَلَّ أَو هَفا تَفَضَّلتُ إِنَّ الفَضل بِالعِزّ حاكِمُ
وَأَمّا الَّذي دوني فَإِن قالَ صُنتُ عَن إِجابَتَهِ عَرضي وَإِن لامَ لائِمُ
هناك العديد من الأبيات الشعرية التي تختلف في قوامها للشاعر النابغة الخليل بن أحمد الفراهيدي، والتي تدل على ذكائه الثاقب وحنكته، ومهارته في اللغة العربية، وتميزه في عصر الأنوار الإسلامية .