قصة جزيرة الفصح الحقيقية
تقع جزيرة الفصح في جنوب المحيط الهادئ وتغطي مساحة تقريبا 64 ميلا مربعا، وتبعد حوالي 2300 ميلا عن الساحل الغربي لشيلي و 2500 ميلا عن شرق تاهيتي، واشتهرت الجزيرة باسم “رابا نوي” لأول سكانها، وأطلق عليها المستكشفون الهولنديون اسم “Paaseiland” أو جزيرة الفصح، تكريما ليوم وصولهم في عام 1722، وأضيفت تشيلي إلى أراضيها في أواخر القرن التاسع عشر، وتعتمد بشكل كبير على السياحة لتحقيق الاقتصاد
تدعى جزيرة الفصح بشهرتها بوجود تماثيل حجرية عملاقة تعود إلى قرون عديدة، حيث يزعم وجود ما يقرب من 900 تمثالا. تكشف هذه التماثيل عن مهارة الحرفيين والمهندسين البارعين الذين صنعوها، وتتميز هذه التماثيل بين المنحوتات الحجرية الأخرى في الثقافات البولينيزية. هناك العديد من النظريات حول الغرض الدقيق لهذه التماثيل والدور الذي لعبته في الحضارة القديمة لجزيرة الفصح، بالإضافة إلى كيفية بنائها ونقلها.
تاريخ جزيرة الفصح
يعتقد أن أول سكان جزيرة الفصح، التي تعرف باسم رابا نوي في اللغة البولينيزية وباسم جزيرة دي باسكوا في اللغة الإسبانية، وصلوا في مجموعات من المهاجرين المنظمين، ويؤرخ علم الآثار وصولهم بين عامي 700 إلى 800 ميلادية، في حين يقدر اللغويون أن الوصول كان حوالي عام 400. وتشير التقاليد إلى أن الملك الأول لجزيرة الفصح كان “هوتو ماتوا”، الذي كان حاكما لمجموعة فرعية بولينيزية، وربما كان من جزر ماركيزا التي سافرت سفينتها آلاف الأميال قبل الوصول إلى أناكينا، وهي إحدى الشواطئ القليلة الرملية على الساحل الصخري للجزيرة
وأدلة رئيسية على الثقافة الغنية التي نماها السكان الأصليون في رابا نوي وأحفادهم هي وجود حوالي 900 تمثال حجري ضخم تم اكتشافه في مواقع متنوعة حول الجزيرة. ويبلغ متوسط ارتفاع هذه التماثيل 13 قدما أي ما يعادل 4 أمتار، ويزنون حوالي 13 طنا. تم نحت هذه التماثيل الحجرية الضخمة المعروفة باسم موي من توف، وهو نوع من الصخور الخفيفة والمسامية التي تشكلت من الرماد البركاني المتجانس، وتم وضعها على منصات حجرية احتفالية تسمى آهوس. لا يزال غير معروف بالضبط سبب بناء هذه التماثيل بهذا العدد وعلى هذا النطاق، وكيف تم نقلها في جميع أنحاء الجزيرة.
مراحل ثقافة الجزيرة
تكشف الحفريات الأثرية في جزيرة الفصح عن ثلاث مراحل ثقافية متميزة وهم الفترة المبكرة (700 إلى 850 م) والفترة الوسطى (1050 إلى 1680) والفترة المتأخرة (ما بعد 1680) وبين الفترتين المبكرة والمتوسطة أظهرت الأدلة أن العديد من التماثيل المبكرة قد دمرت عمداً وأعيد بناؤها مثل moai الأكبر والأثقل الذي تشتهر به الجزيرة
وخلال الفترة الوسطى، احتوت ahus أيضا على غرف دفن، ويعتقد أن الصور المصورة بواسطة moai تمثل شخصيات مهمة تم تأليفها بعد الموت، وأكبر تمثال تم العثور عليه يعود إلى الفترة الوسطى، ويبلغ ارتفاعه حوالي 32 قدما ويتكون من قطعة واحدة تزن حوالي 82 طنا (74500 كيلوجرام)
في الفترة المتأخرة من حضارة الجزيرة، تميزت بالحروب الأهلية والدمار الشامل، وتم تدمير المزيد من التماثيل واكتشاف العديد من الماتا أو نقاط الرمح السبج التي تعود تاريخها إلى تلك الفترة، وتروي تقاليد الجزيرة أنه حوالي عام 1680، بعد فترة طويلة من التعايش السلمي، قامت إحدى المجموعتين الرئيسيتين في الجزيرة، المعروفة بالآذان الطويلة، بالتمرد على الآذان القصيرة وحرق العديد منهم حتى الموت في محرقة أقيمت على طول خندق قديم في Poike على الساحل الشمالي الشرقي الأقصى للجزيرة.
الغرباء في جزيرة الفصح
وصل أول زائر أوروبي معروف لجزيرة الفصح عام 1722، وكان المستكشف الهولندي جاكوب روجيفين، وسميت الجزيرة باسييلاند أو جزيرة الفصح من قبل الهولنديين للاحتفال بيوم وصولهم في عام 1770، وفي نفس العام، أرسل نائب الملك الإسباني في بيرو رحلة استكشافية إلى الجزيرة، وقضوا المستكشفون أربعة أيام على الشاطئ، وتقدر عدد السكان الأصليين بحوالي 3000 شخص
بعد أربع سنوات فقط، وصل البحار البريطاني السير جيمس كوك إلى جزيرة إيستر، ليجد أن سكانها قد دمروا جراء ما يشبه الحرب الأهلية، حيث لم يبقَ سوى 600 إلى 700 رجل وأقل من 30 امرأة
وجد الملاح الفرنسي جان فرانسوا دي جالوب كومت دي لا بيروز 2000 شخص على جزيرة الفصح عند وصولها في عام 1786. وفي عام 1862، تعرض العبيد المنتمون لبيرو لهجوم كبير، حيث تلته أوبئة الجدري التي أدت إلى تراجع عدد السكان إلى 111 شخصا فقط في عام 1877. وفي تلك الفترة، استقروا المبشرون الكاثوليك على جزيرة الفصح وبدأوا في تحويل السكان إلى المسيحية، واكتملت هذه العملية في نهاية القرن التاسع عشر
في عام 1888، احتلت تشيلي جزيرة الفصح واستأجرت الكثير من الأراضي لتربية الأغنام، وعينت الحكومة التشيلية حاكمًا مدنيًا لجزيرة الفصح في عام 1965، وأصبح سكان الجزيرة مواطنين تشيليين بالكامل.
جزيرة الفصح اليوم
أصبح مثلث معزول يبلغ طوله 14 ميلاً وعرضه سبعة أميال وقد تشكلت جزيرة الفصح من خلال سلسلة من الانفجارات البركانية بالإضافة إلى تضاريسها الجبلية، حيث تحتوي الجزيرة على العديد من الكهوف الجوفية ذات الممرات التي تمتد إلى أعماق جبال الصخور البركانية، كما يعرف أكبر بركان في الجزيرة باسم Rano Kao وأعلى نقطة فيه جبل Terevaka الذي يصل ارتفاعه إلى 1665 قدمًا (507.5 مترًا) فوق مستوى سطح البحر، كما تتمتع بمناخ شبه استوائي (مشمس وجاف) وطقس معتدل
لا يوجد ميناء طبيعي في جزيرة الفصح، ولكن بإمكان السفن أن ترسو قبالة قرية “هانجا روا” على الساحل الغربي، والتي تعد أكبر قرية في الجزيرة، وكان عدد سكانها حوالي 3300 نسمة في عام 1995. صنفت جزيرة الفصح من قبل اليونسكو كموقع للتراث العالمي، وهي الآن موطن لمجموعة سكانية مختلطة، ولكن معظم سكانها من أصول بولينيزية ويتكونون من أحفاد ذوي الآذان الطويلة والأذنين القصيرة، ويتحدثون اللغة الإسبانية بشكل عام، وقد طورت الجزيرة اقتصادا يعتمد إلى حد كبير على السياحة.
حقيقة ما حدث للأشجار على الجزيرة
ظهرت صورة لسكان ما قبل التاريخ كانوا يعيشون بشكل مستدام على جزيرة رابا نوي، وكان من المتفق عليه عموما أن غابة النخيل الكبيرة التي كانت تغطي المنطقة تستمر، لكن تم إزالتها بسرعة بعد فترة قصيرة من الاستعمار الأولي حوالي 1200 بعد الميلاد، وعلى الرغم من أن الأدلة النباتية تشير إلى اختفائها بسرعة، فإن البشر يتحملون جزءا من اللوم
حيث جاء المستوطنون البولينيزيون الأوائل ومعهم جرذ بولينيزي آخر، ومن المحتمل أن يكون الفأران قد أكلت جوز النخيل وأشجار الغابات مما أدى إلى منع نمو الغابات مرة أخرى. وعلى الرغم من ذلك، فقد أجريت بحوث خاصة حول نظام غذاء سكان جزيرة رابانوي قبل التاريخ، وتبين أنهم كانوا يستهلكون المزيد من المأكولات البحرية وكانوا مزارعين أكثر تطورا وقدرة على التكيف مما كان يعتقد سابقا.