قصة جزاء التوبة الكاذبة
قصة جزاء التوبة الكاذبة هي قصة معبرة وموعظة حول الوقوع في المعاصي واللذات ونسيان الموت والآخرة، وهي قصة تحكيها منصور بن عمار الخرساني، وهو أحد الوعاظ والزاهدين من أعلام أهل السنة والجماعة، وتم ذكرها في كتاب الف قصة وقصة من قصص الصالحين ونوادر الزاهدين.
قصة جزاء التوبة الكاذبة:
قال منصور بن عمار : كان لدي صديق كان يسرف على نفسه ثم تاب، ورأيته يصلي ويتهجد بشكل كثير، وبعدها فقدت الاتصال به لبضعة أيام، وعندما سألت عنه، قالوا لي إنه مريض، فذهبت إلى منزله وطلبت الإذن من ابنته، ثم دخلت لأجده مضطربًا في فراشه، وكان وجهه مظلمًا وعيناه محمرتين، وشفتاه متورمتين.
فقلت له وأنا خائف منه: عندما قلت لأخي الكلمات `لا إله إلا الله` أكثر من مرة، فتح عينيه ونظر إلى شيءٍ ثم أغمي عليه، فقلت له مرةً أخرى `لا إله إلا الله`، وبعد ذلك قلتها له مرةً ثالثة، ففتح عينيه مرةً أخرى وقال: `يا أخي، يا منصور،هذه الكلمة تعتبر حاجزًا بيني وبينها.
فقلت: : قلت “لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”، ثم سألته: “يا أخي، أين هي الصلاة والصيام والتهجد والقيام؟”، فأجاب: “كانت تلك الأفعال لغير الله، وكانت توبتي كاذبة، فقد كنت أفعل ذلك لأشكل علي وأذكر به، وكنت أفعل ذلك لأراء الناس، وعندما كنت وحيدا، أغلقت الباب وأرخيت الستار وشربت الخمر، وأظهرت المعاصي أمام ربي، ودام ذلك فترة، حتى أصابني المرض وأشرفت على الهلاك، فقلت لابنتي هذه: “ناوليني المصحف”، وقلت: “اللهم بحق هذا القرآن العظيم، إلا ما شفيتني وأنا لا أعود إلى ذنب أبدا.
ففرج الله عني فلما شفيت عدت إلى ما كنت عليه من اللهو واللذات وأنساني الشيطان العهد الذي كان بيني وبين ربي فبقيت على ذلك مدة من الزمان فمرضت مرضًا أشرفت فيه على الموت فأمرت أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار على عادتي ثم دعوت بالمصحف فقرأت فيه ثم رفعته، وقلت: اللهم بحرمة ما في هذا المصحف الكريم من كلامك إلا ما فرجت عني فاستجاب الله مني وفرج عني ثم عدت إلى ما كنت عليه من اللهو فوقعت في هذا المرض، فأمرت أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار كما تراني، ثم دعوت بالمصحف لأقرأ فيه فلم يتبين لي حرف واحد، فعلمت أن الله سبحانه قد غضب علي فرفعت رأسي إلى السماء، وقلت: اللهم بحرمة هذا المصحف إلا ما فرجت عني ، يا جبار الأرض والسماء ، فسمعت كأن هاتفا يقول:
إنها تتوب عن الذنوب عندما تمرض، وتعود إلى الذنوب عندما تشفى
كم من كربة نجوت منها وكمتحمّلت البلاء والمحن عندما أصابتني
ألا تخشى أن يحين موعد الموت وأنت لا تزال على خطيئتك؟
قال منصور بن عمار: والله، لم أغادر من مكانه إلا وعيناي مليئتان بالدموع، وعندما وصلت إلى الباب قيل لي إنه قد توفَّى.
نبذة عن منصور بن عمار:
هو أبو السري منصور بن عمار بن كثير السلمي، فقيه وعالم متصوف من أعلام أهل السنة والجماعة المتوفي في 225 هـ، قال عنه الإمام الذهبي في وصفه بأنه: “الواعظ البليغ الصالح الرباني، عديم النظير في الموعظة والتذكير، كان ينطوي على زهد وتألّه وخشية ولوعظه وقع في النفوس” من أقواله: من جزع من مصائب الدنيا، تحولت مصيبته في دينه.