الخليج العربي

قصة توبة الفنان ” فهد بن سعيد” كما ترويها ابنته “فاطمة”

قال الله تعالى في كتابه العزيز: إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين” (الآية ٥٦ من سورة القصص). فالتوبة هي إحدى أعظم النعم التي يتفضل الله عز وجل بها على عباده المختارين، حيث يكرمهم بالتوبة والرجوع إلى الطريق الصحيح، وخاصة إذا كانوا صادقين في توبتهم ولم يعودوا للوقوع في الخطايا السابقة. هناك العديد من الشخصيات المعروفة الذين بدأت حياتهم بالمعاصي والفسق ولكنهم لم يتجاهلوا حقيقة أنه يوجد نهاية للحياة وحساب ينتظرهم على كل الأوقات التي أضاعوها فيما لا يفيد. ثم تغيرت حياتهم بشكل جذري عندما أسلموا وتوبوا إلى الله عز وجل، وتخلوا عن الذنب بإذن الله تعالى. نحن نعلم أن الغناء والموسيقى تعتبر من المعاصي، على الرغم من أن بعض العلماء يرونها جائزة، ولكن معظم العلماء اتفقوا على حرمتها وضرورة التوبة عنها. فهد بن سعيد، مؤسس الأغنية السعودية الكلاسيكية، تاب إلى الله عز وجل وترك الموسيقى بالرغم من حاجته المالية، وهو قدوة مشرفة ينبغي أن تحتذى به كل من يسعى للسعادة الداخلية والرضا. قصة توبته من أروع القصص، وقد أوردتها ابنته فاطمة في إحدى المقابلات التلفزيونية مع قناة MBC.

قصة توبة فهد بن سعيد كما روتها ابنته فاطمة
فاطمة هي ابنة الفنان الراحل فهد بن سعيد، وقد عاشت مع والدها لمدة خمس سنوات. كانت تحكي أن والدها كان يستقبل أصدقاءه في المنزل ويعزفون ويغنون، وكانت تعتبر هذه اللحظات هي المتعة الحقيقية بالنسبة لهم. وكان يعاني من ضغوط كبيرة، خاصة من الدعاة الذين كانوا يدعونه للتوبة إلى الله، وتلقت العديد من البرقيات التي طالبته بذلك. ووصلت إليه أيضا برقية تصف جلسته بأنها كانت جلسة رائعة حيث كان يعزف هو وأصدقاؤه.

وأكدت فاطمة أن والدها لم يكن مهتما بالشهرة ولا بالمال ولكنه اهتم بالغناء فقد كان يعشقه وقد أحبه الكثيرون بكل صدق، حتى فاجأ الجميع بإعلان توبته إلى الله عز وجل ورفضه للغناء مرة أخرى على الرغم من عروض الشركات الكبر للإنتاج إلا أنه لم يلتفت إليهم، وأشارت إلى أن هناك بعض الدعاة من طلبوا منه أن يصرح بأن الاستماع إلى أغانيه حراما ، وكشفت أيضا أن هناك الكثير من المشايخ المعروفين الذين نصحوه بالتخلي عن أمواله من الغناء، وقد طلبوا من أهل الخير أن يقفوا مع والدها لتعويضه عن المال الحرام وكل ذلك كان مثبتا بالوثائق حتى أن جزء كبير من تلك المساعدات لم يصل إليهم.

نبذه عن فهد بن سعيد
فهد بن سعيد الدوسري، المعروف أيضا بـ فتى الوادي المدلل أو وحيد الجزيرة، يعتبر واحدا من أبرز الفنانين السعوديين وأحد أهم الشخصيات في تاريخ الأغنية الكلاسيكية. كان له الشرف أن يكون أول من عزف على وتر العود السادس. اشتهر أيضا بلطفه الكبير وتجاهله للمال، إذ ولد فقيرا وتوفي فقيرا، وترك زوجته وأربعة أبناء يعيشون نفس الحياة الفقيرة التي عاشها. ولد في عام 1941م في مدينة الدلم بالرياض، وتوفي في عام 2003م. في عام 1991م، اعتزل الغناء وانتقل إلى القصيم ليعيش حياة هادئة ويتقاسم النخيم مع الأخرين .

يخبر زوجته عن قصة توبته حيث أدرك بفضل الله وجهود علماء الدين والدعاة، بقيادة سعد البريك وصالح الحمودي، أنه يحتاج إلى حياة جديدة بعد اعتزاله الفن وأصبح داعية من الدعاة. وقد التحق بمدرسة أبي موسى الأشعري لتحفيظ القرآن للعمل كحارس، وفي هذه الأوقات واجه العديد من الصعوبات في الحياة، خاصة ضغوط شركات الإنتاج الفني التي طالبته بالعودة، ولكنه لم يلتفت إليهم. واستغلوا اسمه وأغانيه كثيرا، ولكنه فضل حياته المليئة بالراحة النفسية والسكينة التي أنعم الله بها عليه، وأثر في حياة الكثير من الشباب وكان سببا في توبتهم. في آخر أيام حياته، تعرض للمرض واشتد عليه، ولكنه لم يتوقف عن الاستغفار والتسبيح حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، فرحمه الله، وكانت جنازته أكبر جنازة في العالم، وحضرها القاصي والدان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى