ادب

قصة بلانش مونييه التي هزت الرأي العام الفرنسي

بلانش مونيه فتاة من أسرة ثرية اختفت في ظروف غامضة عام 1875 وعلى الرغم من ثراء عائلتها وشغلهم مناصب مرموقة إلا أنه لم يتم العثور عليها، إلا بعد خمسة وعشرون عامًا من اختفائها، وقد تسبب ظهورها مرة أخرى في إثارة الرأي العام الفرنسي حول السبب وراء اختفائها والمكان الذي وجدت فيه هذه الفتاة المسكينة.

رسالة من مجهول:
وصلت رسالة من مجهول إلى مكتب النائب العام صاحبها يقول:- “لدي شرف إخباركم بحادثة خطيرة للغاية، يتعلق الأمر بامرأة عانس تم حبسها في منزل السيدة مونييه، حيث تعيش نصف جائعة وتتغذى على القمامة الفاسدة منذ 25 عامًا، وبإختصار يمكن القول أنها تعيش في القذارة

كان النائب العام على علم بأن ابنة مونييه مفقودة منذ وقت طويل، وهذا جعله يشك في وصول هذه الرسالة، وعندما أكد الجميع سماع صراخ في المنزل عدة مرات ولكنه كان صوتا مكتوما، ظنوا بوجود أشباح في المنزل. وبعد ذلك، أصدر النائب العام أوامره لإرسال رجال الشرطة لتفتيش المنزل، وعندما وصلوا إلى الدور العلوي وجدوا غرفة مغلقة، وطلبوا من الخدم فتحها، ولكنهم أجابوا بأنها مغلقة دائما ولا يوجد لها مفتاح، وأن أحدا لم يدخل هذه الغرفة من قبل.

السر وراء الغرفة المغلقة:
أمر الشرطي بكسر باب الغرفة وهنا انصدم الجميع فقد رأوا شبح امرأة جالس على السرير، كومة من العظام ذات شعر طويل جدًا تجلس في وسط القاذورات كما وصفتها الرسالة هناك أثر للقذارة على فراشها وبقايا أكل عفن تعيش الحشرات معها على نفس السرير، لم يتمالك رجال الشرطة نفسهم من منظرها فقد كانت صامتة وكانت رائحة الغرفة العفنة لا تقاوم فقام رجال الشرطة بلف السيدة في لحاف مهترء كان مرمي بجوارها وذهبوا بها إلى المستشفى.

من هي بلانش مونيه ؟
ولدت بلانش مونيه في أحد البيوت الفرنسية العريقة فوالدها هو أميل مونييه عميد كلية الفنون، وزوجته لويزا مونييه إحدى سيدات المجتمع الفرنسي، وأخوها مارسيل مونييه ناشط حقوقي، ومحافظ لأحد المدن الفرنسية، عاشت مونييه في ظل رعاية من والدها ووالدتها حتى جاء اليوم الذي صرحت فيه برغبتها في الزواج من شاب فقير حيث باءت كل محاولات بلانش في إقناع والديها بالزواج من ذلك الشاب البسيط بالفشل، وفي أحد الأيام اختفت بلانش نهائيًا، وأعلنت عائلتها أنها مفقودة وتم تحرير محضر بفقدها.

في المستشفى:
أجرى الأطباء في المستشفى فحوصات شاملة لها، حيث كانت تزن 25 كيلوغراما وتعاني من الإعياء والهزال الشديد، وتم تنظيفها ورعايتها من قبل الممرضات. كانت بلانش فتاة هادئة مطيعة تفرح بالاستحمام مثل الأطفال وتستمتع بالهواء النقي، لكنها كانت تخشى الضوء ولا تستطيع تحمله. تم نقل بلانش إلى إحدى المصحات العقلية بسبب اضطراب ذهني نتيجة الحبس الذي تعرضت له والمعاناة التي واجهتها. لم تكن بلانش قادرة على الحياة بشكل طبيعي، وظلت على هذا الحال من السكوت وعدم إدراك الواقع حتى توفيت عام 1913، بعد مرور 12 عاما على اكتشاف قصتها.

تحقيقات الشرطة:
أظهرت تحقيقات الشرطة أن الفتاة عارضت أهلها في مسألة الزواج من ذلك الشاب الذي رفضه أهلها على الرغم من عمله كمحامي إلا أنه كان يعد من طبقة فقيرة بالنسبة لهذه الأسرة النبيلة، فواجهوا كل محاولاته للزواج منها بالرفض التام، إلا أن الفتاة أصرت على حبه، مما اضطر والديها إلى منعها من الخروج من المنزل فكانت تكتب الرسائل له وتقذفها له عبر السور حيث كانت هذه هي الوسيلة الوحيدة للتواصل مع حبيبها وفي أحد الأيام وأثناء محاولتها لرمي الرسالة كما اعتادت سقطت الرسالة داخل السور وليس خارجها، ووقعت في يد أمها فوجدت فيها أن بلانش تنوي الهرب مع حبيبها فسارعت بإخبار أبيها ومنذ ذلك اليوم لم يعثر على بلانش وانطلقت الشائعات بالمدينة عن هروبها مع حبيبها.

فقام والد بلانش ووالدتها بحبسها في تلك الغرفة وأعلنوا اختفاءها، وخلال ذلك الوقت، لم يكن يعرف أحد مكان بلانش سوى الأم والأب والأخ. وبعد وفاة الأب في عام 1882، لم تتوقف الأم عن حبس ابنتها. وصلت هذه الرسالة إلى مكتب المدعي العام الذي قام بالتحقيق في الحادثة واتهم الأم لويزا مونييه والابن مارسيل مونيه. بعد أن أثارت الجدل وتعرضت للتهديدات والانتقادات الشديدة، تم سجن الأم ونقلها إلى المستشفى بعد إصابتها بأزمة قلبية، وتوفيت بعد 15 يوما من الاحتجاز.

أما الابن فقد تم توجيه له تهمة تعذيب واختطاف واحتجاز شقيقته على إثر محاكمة استمرت لأربعة أيام انتهت بالحكم عليه بالسجن 15 شهر لكنه قدم استئناف حصل به على البراءة فقام ببيع كل ممتلكاته وانتقل إلى الحياة في أحد القرى النائية حيث لا يعرفه أحد هناك بعيدًا عن الاحتقار واللوم الذي واجهه من الجميع حتى توفى هناك وحيدًا.

تم إغلاق التحقيقات بالكامل في هذه القضية التي أثارت اهتمام الرأي العام بعد اكتشاف مكان الفتاة ووجودها في هذه الحالة المزرية والمخيفة. عاشت هذه الفتاة حياة النبلاء وانتهت بطريقة قاسية ومروعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى