قصة الملك خسرو والصياد الذكي
خسرو هو ملك ساساني مشهور في الأدب الفارسي والأدب التركي هو وزوجته سيرين التي استطاع أن يظفر بها بعد منافسة شديدة مع غريمه في حبها “فرهاد”، وتروي قصة الملك خسرو مع الصياد الذي استطاع بفطنته وذكائه أن يضاعف من عطية الملك له على الرغم من ترصد سيرين له وحيلتها في سلب الصياد عطية الملك، وقد وردت هذه القصة في كتاب الف قصة وقصة من قصص الصالحين ونوادر الزاهدين.
بين سيرين والصياد:
تحكي كتب الأدب أن الملك خسرو كان يحب أكل السمك، فكان يومًا جالسًا في المنظرة، وامرأته سيرين عنده فجاء الصياد ومعه سمكة كبيرة، وأهداها لخسرو ووضعها بين يديه فأعجبته فأمر له خسروا بأربعة آلاف درهم، فقالت سيرين للملك: بئسما فعلت قال: ولم؟ قالت: لأنك إذا أعطيت بعد هذا لأحد من حشمك هذا القدر من المال احتقره، وقال: أعطاني عطية الصياد، وإن أعطيته أقل منه قال: أعطاني أقل مما أعطى الصياد، فقال خسروا لزوجته: لقد صدقت ولكن يقبح بالملوك أن يرجعوا في هباتهم وقد فات هذا.
فقالت سيرين: أعطت هذه النصيحة قائلة: سوف أدبر هذه المسألة، وسأدعو الصياد وأسأله إذا كان هذا السمك ذكرًا أو أنثى؟ إذا قال إنه ذكرٌ، فسأقول له إننا نريد سمكة أنثى، وإذا قال إنها أنثى، فسأقول له إننا نريد سمكة ذكرٍ .
فنودي الصياد فعاد وكان الصياد ذا ذكاء وفطنة، فقال له خسرو: هذه السمكة ذكر أم أنثى؟ فنظر الصياد في الأرض، وقبلها وقال: هذه السمكة خنثى لا ذكر ولا أنثى، فضحك خسرو من كلامه، وعلم بفطنته وأمر له بأربعة آلاف درهم أخرى ووضعها الصياد في جراب كان معه وحملها على عنقه وهم بالخروج، فوقع منه درهم واحد فوضع الصياد الجراب عن كاهله وانحنى إلى الدرهم وأخذه، والملك وسيرين ينظران إليه.
فقالت سيرين: يا ملك، هل رأيت خسة هذا الرجل وتواضعه؟ فقد سقط منه درهم واحد وألقى عن ظهره ثمانية آلاف، وعندما انحنى لالتقاطه، أخذه ولم يسهل عليه تركه لبعض الغلمان. فحزن خسرو على فعلة الصياد، وقال: يا سيرين، لقد صدقت، ثم أمر جنوده بإعادة الصياد وقال له: يا ساقط الهمة، لست بإنسان، لأنك وضعت مثل هذا المال على جانب عنقك لأجل درهم واحد، وأسفت أن تتركه في مكانه
فنظر الصياد في الأرض وعاد وقبلها وقال: أدام الله الملك، فلم أرفع ذلك الدرهم لعظمة قيمته، وإنما رفعته عن الأرض لأن صورة الملك كانت موجودة على إحدى وجهاته، فأعجب خسرو بكلامه وأمر بأربعة آلاف درهم إضافية، فأخذها ومضى في طريقه.
المستفاد من القصة:
يعتبر حسن الرد هو الذي أنقذ الصياد من غضب الملك وحيل سيرين التي استخدمتها لاسترجاع هدية الملك منه، ولولا أنه كان ذكيًا وفهم مرادها، واستخدم حيلة وأدبًا حسنًا، فإنه كان سيجد نفسه وسط المساجين أو على الأقل خسر المال والسمكة التي اصطادها.