قصة المحتال والمغفل
قصة المغفل والمحتال هي إحدى قصص كليلة ودمنة للكاتب عبدالله بن المقفع، وهي مناسبة للأطفال لأنها تحتوي على حكمة وعبرة تشير إلى أن الخداع والاحتيال لا يسفران إلا عن العار والخزي على الشخص الذي يمارسهما.
بداية القصة:
تبدأ القصة عندما اتفق أحد المحتالين على أن يعمل في التجارة مع أحد المغفلين، وقررا الإثنين السفر ببضاعتهم لبيعها في سوق البلدة لكسب المزيد من المال وفي الطريق صار كل منهما يحلم بالذهب والفضة التي سوف يحصل عليها من تجارته وبعد أن قطعا مسافة طويلة من المشي وجدا واحة غناء مليئة بالأشجار والزهور فقال المخادع لصديقه المغفل: ما رأيك أن نرتاح هذه الساعات حتى الصباح؟ فقال المغفل: لا مانع عندي لذلك، فقال له المخادع إذاً ساعدني في إنزال البضاعة عن ظهر البغال حتى ترتاح هي الأخرى، فقال المغفل: سوف احضر بعض الأخشاب من الواحة حتى نستطيع التدفئة ليلًا، وقال المخادع: سوف أشعل النيران من أجل تجهيز الطعام.
كيس الدنانير:
قام الأحمق بتجميع العديد من الأخشاب وأثناء عملية التجميع، اكتشف كيسا وقرر حمله، وعندما وجده ثقيلا، قام بفتحه وصدمته عيناه، فقد وجدته مليئا بالدنانير، وبعد عد النقود، اكتشف أنها ألف دينار. فرح الأحمق وقرر أن يخبئ الكيس في مكان سري، ثم عاد وهو يحمل الحطب. وعندما رآه المخادع، بدأ يشك في الأمر وقرر معرفة الحقيقة وراء ارتباك الأحمق. قال له: `تأخرت في جمع الأخشاب، هيا بنا نشعل النيران لنتناول الطعام`. وفعلا، قاما بإشعال النار وتناول الطعام، وظل المخادع يخدع الأحمق بكلماته السلسة حول التجارة الرابحة والثروة التي سيكسبانها منها، حتى يطمئن الأحمق إليه. فقال الأحمق: `إذا، يجب أن ننام باكرا حتى نتمكن من الاستيقاظ في الصباح والذهاب إلى سوق البلد`.
المغفل والمحتال في السوق:
نما الرجلان في حتى فجر اليوم التالي وقاما لاستكمال رحلتهما إلى السوق، وفي السوق كان المحتال ماهرا في التجارة حتى استطاع أن يبيع كل البضاعة بسعر مغر مما زاد إعجاب المغفل به، وفي طريق العودة مرة أخرى أراد المغفل أن يقسم الربح مع المحتال حتى يحصل على نصيبه من المال، فقال له المخادع: نحن شركاء في هذه الرحلة في السراء والضراء وكل ما يحدث فيها نتحمله نحن الاثنان، فزاد إعجاب المغفل به وقال له: أوافقك تماما على ما تقول، ولكن ما هذا الكلام يا أخي؟.
قال المحتال: ألم تجد شيئا لتخبرني به؟ فشعر المغفل بالحرج وقال للمحتال: حسنا يا أخي، وأخبره بالأمر الذي حدث مع الكيس والألف دينار. ثم قال: `سأقسمها معك كما اتفقنا.` فكر المحتال قليلا، ثم قال في نفسه: `يجب أن أحصل على الألف دينار كاملة لنفسي.` ثم قال للمغفل: `لا، لن نقسمها، فنحن لا نزال شركاء في هذه الرحلة.` فسأل المغفل: `فماذا سنفعل بالتالي؟` فأجاب المحتال: `هل ترى هذا الشجرة الكبيرة؟ ما رأيك أن نضع الكيس تحتها ونتركه هناك في حالات الحاجة، إذا احتاج أحدنا إلى المال، يذهب للآخر ويخبره، ثم نستخرج الكيس سويا ونأخذ المال منه. ولكن يجب أن لا نخبر أحدا بهذا السر أبدا.
العودة للقرية:
بعد موافقة المغفل على كلام المحتال عاد كل منهما للقرية وقد امتلأت جيوبه بالربح من التجارة، وفي اليوم التالي قام المخادع بالعودة إلى الشجرة دون علم المغفل وأخرج الكيس وأخذه دون أن يشعر به أحد، ومرت الأيام حتى احتاج المغفل إلى المال فذهب إلى المحتال وأخبره أنه يحتاج إلى المال وأن عليهم استخراج الكيس من تحت الشجرة فوافق المحتال، وعندما وصلا إلى الشجرة بدأ كل منهما في الحفر وعندما لم يجد المغفل المال صاح بالمحتال هل من المعقول أن تكون أخذت المال بدون علمي، فأخذ المحتال يصرخ في المغفل: ماذا تقول؟ كيف لا يوجد مال لقد وثقت بك أيها المحتال من غيرنا يعرف هذا المكان، أقسم أنك الفاعل، قال المغفل: لست الفاعل وأخذا يتشاجران حتى قررا أن يذهبا إلى القاضي.
الشجرة تتكلم:
ذهب كل منهما للقاضي وظلا يشرحان له قصة الكيس ويتهم كل منهما الآخر بالسطو عليه، فقال المخادع للقاضي: هذا اللص قد اخذ مالي، وقال المغفل: وكيف أخذ المال وهو لي ولو كنت أريده كله لما أخبرته به، قال القاضي للمخادع: هل لك شهود على رفيقك؟ قال المخادع: نعم فالشجرة تشهد عليه فقال القاضي مستعجبًا: كيف تشهد الشجرة، فقال المخادع: نذهب ونرى وكان المخادع قد أخبر والده أن يدخل داخل الشجرة حتى إذا جاء القاضي وسألها ينطق وكأنه الشجرة.
قال القاضي: لنذهب جميعا ونرى، وعندما وصلوا إليها، قال القاضي محدثا الشجرة: أخبرينا يا شجرة، من هو السارق؟ فأجابت الشجرة: إنه المغفل يا سيدي القاضي، وهنا أدرك القاضي الأمر وأمر الجنود بحرق الشجرة، وهنا خرج الرجل من داخل الشجرة وصرخ قائلا: ساعدوني، لا أريد أن أحترق، فأمر القاضي الجنود بإحضار الجميع إلى المحكمة وهناك صدر حكم على المخادع برد المال مع فرض غرامة، ثم حبسه هو ووالده ليكونوا عبرة لجميع المحتالين.