قصة المثل ” الطمع ضر ما نفع “
الطمع ضر ما نفع
يحكى أنه في زمن بعيد في إحدى مدن الشام، كان يعيش خياط يؤدي عمله بكل اجتهاد ونشاط، وأثناء عمله كان يكرر دائما الجملة: “قوتي تحتي، قوتي تحتي”، وفي يوم من الأيام سمعه أحد اللصوص يردد هذه الجملة، ثم مر بجوار محله وقال في نفسه: “لا بد أن هناك سرا وراء هذه الجملة”، ولذلك عاد السارق إلى محل الخياط بعد منتصف الليل، وأخذ السجادة التي كان يجلس عليها ووجد بلاطة بها فتحة صغيرة، وفي الأسفل وجد جرة ممتلئة بليرات ذهبية، فأخذ الذهب وأعاد كل شيء كما كان، وفي اليوم التالي عاد الخياط إلى عمله المعتاد، وكالعادة بدأ بجد ونشاط، وظل يكرر جملته المعتادة: “قوتي تحتي، قوتي تحتي”، وعندما حان نهاية اليوم قام الخياط بإنجاز عمله حتى النهاية، وتسلم راتبه ورفع السجادة وأسقط الليرة الذهبية في فتحة البلاطة، لكنه لم يسمع رنين الجنيه الذهبي كما اعتاد كل يوم، فرفع البلاطة فتفاجأ بعدم وجود البرطمان، فحزن وشعر بالغضب.
ومن ذكاء الخياط، أنه استعمل ذكاءه وحكمته واجتهد في استرداد ماله، وفي الصباح التالي عاد إلى العمل بنشاط وحيوية، وكرر قائلا: لو تركها لملأناها، ولو تركها لعبأناها، وسمع اللص هذه العبارة، وكررها لعدة أيام دون تعب، فقال اللص: لماذا لا أحاول إعادتها؟ ليملأها الخياط كما قال، فلن أخسر شيئا، لأنني سأعود وأخذها مرة أخرى، وبالفعل عاد السارق إلى محل الخياط وأعاد جرة النقود إلى المكان الأصلي تحت البلاطة، وفي اليوم التالي قبل أن يبدأ الخياط في عمله، انتبه ووجد جرة من النقود تحت البلاطة، فجلس على الفور ليحصي عملاته الذهبية، ووجدها كما كانت، ثم خبأها في مكان آمن، وبدأ يكرر بسرور: الطمع ضر ما نفع، الطمع ضر ما نفع، وبالطبع السارق لم يحقق سوى الخيبة، وأصبحت هذه العبارة مثالا معروفا توارثته الأجيال.
لم يُضرب مثل الطمع لا ينفع ولا يضر
أوضح بعض العلماء أنه يجب على الكاتب أن لا يتجاهل معرفة الأمثال، لأنها ضرورية وملحة، والعرب استخدموا الأمثال لأسباب تجعلها ضرورية وواقعية، فالمثل يعتبر علامة تستخدم للإشارة إلى شيء ما، ولا يوجد شيء أكثر إيجازا من الأمثال في كلامهم، ومثلنا يقول: `الطمع ضر ما نفع`، وسنتعرف سويا على القصة الأصلية وسبب ضررها.
يُضرب مثل “الطمع ضر ما نفع” لإظهار أن الرضا بما قسمه الله تعالى يكفي لزيادة الربح وأن الطمع لا يجلب الخير، لذلك يجب على المرء أن يكتفي بالقليل ولا يسعى للخداع والجشع ليحصل على المزيد، لذلك يجب على الإنسان أن يتوقف عن الجشع الذي لا يعود على صاحبه إلا بالخسران، فإنه لا يتم تفضيل شخص على آخر إلا بالتقوى والعمل الصالح.
وخير مثال جاء إلينا في ذلك، قصة “صاحب الجنتين” في سورة الكهف، فبعدما منّ الله عليه بكرمه وعطائه، ورزقه الكثير من الرزق لم يحمد الله على ما أعطاه الله تعالى، وبسبب ذلك عمي بصره عن شكر الله، فأنكر النعمة واغترّ بملكه، فما كان له إلا أن تكون جنته أرضاً خاوية على عروشها، فلم يساعده جشعه وندمه.
وقال جل علاه في سورة الكهف: وضع مثلا لهم بشكل رجلين ، فجعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحولناهما بأشجار النخيل ووضعنا بينهما حقولا زراعية. كلا الجنتين أنتجت ثمارها بشكل كامل ولم يظلم منها أي شيء ، وفجرنا نهرا في وسطهما. وكان لأحدهما ثروة ، فقال لصاحبه وهو يجادله: أنا أكثر ثروة منك وأعز نفسا. ثم دخل جنته وكان ظالما لنفسه ، فقال: لا أظن أن هذه الجنة ستبيد أبدا. ولا أظن أن الساعة قريبة وإذا عدت إلى ربي ، فسأجد تغييرا أفضل منها. صاحبه قال له وهو يجادله: هل أنكرت الله الذي خلقك من تراب ثم من نطفة وصورك رجلا؟ لكن الله هو ربي ولا أشرك بربي أحدا.
الأمثال الشعبية
المثل هو عبارة قصيرة ومعبرة تعكس حقيقة أو تحمل عبرة مستمدة من الخبرة أو الفطرة السليمة. لا شيء يعكس ثقافة الشعوب بشكل خاص مثل لغتها والأمثال اللغوية التي تبرز قيم ومعتقدات المجتمع. يمكن أن يكون المثل متوازنا ولكن ذلك ليس شرطا ضروريا لصحته، ويتميز بقصره واحتوائه على عدد قليل من الكلمات. يتميز المثل بالنعومة والحيوية والتركيبات والإبداع في التعبير.
أنواع الأمثال
- المثل الموجز السائر
يمكن أن يكون مستوى شعبية كلمة معينة محدودًا وغير معروف بها، ولا تخضع لقيود النحو أو لتكلفات الكلام.
يمكن أن يصدر الكتاب عن صُنَّاع الثقافة العالمية مثل الأدباء والشعراء والخطباء، ويحتوي على أقوالهم التي تعبر عن تجربتهم الشخصية، على غرار قولهم “كالمستجير من الرمضاء بالنار .
- المثل القياسي
قد يكون قصصي أو سرد اللون أو وصفي أو صورة بيانية لتوضيح فكرة ما عن طريق التشابة أوالتماثل ويُطلق البلاغيون عليه التمثيل المركب أو اعتبار أحدهما مرتبطًا بالآخر لغرض التوضيح والتصوير أو التأديب والتهذيب وهذا النوع من الأمثال فيه إطناب إذا قورن بسابقه ويجمع بين عمق الفكرة وبراعة وجمال التصوير .
- المثل الخرافي
تعد الحكاية قصة تحمل معنى ما وتروى من قبل شخص غير إنسان بهدف تعليمي أو ترفيهي أو مماثل، مثل قولهم: `أكلت يوم أكل الثور الأبيض`.
الهدف من الأمثال والحكم
الحكم والأمثال تكون نتيجة لحظة محددة في موقف معين، ولكن يعجب الناس بها ويكررونها في مثل تلك المواقف، حيث تكون دروسا للتعليق على مختلف المواقف التي نواجهها في حياتنا اليومية. تتنوع الحكم والأمثال بين المضحكة وتلك التي تتحدث عن الحظ، وبعضها يعبر عن الحب والانفصال، ويتحدث البعض عن الصبر. أصبح من الممكن تكرار الأمثال والحكم واللجوء إليها في بعض المواقف. اهتم العلماء والمؤرخون عبر العصور بجمع وتسجيل الأمثال والحكم التي صدرت في زمانهم من قبل الحكماء والمفكرين. جمع المؤرخون هذه الأمثال والحكم في عدة كتب ومؤلفات، ومن بين الكتاب والمؤرخين الذين اهتموا بجمع الكتب والمؤلفات، يذكر أحمد تيمور باشا الذي كتب موسوعة الأمثال الشعبية المصرية. قام بترتيب الأمثال الشعبية المصرية حسب الترتيب الأبجدي وحاول شرح الحكم والأمثال لتوضيح معناها.
أمثلة على بعضٍ من الأمثال والحكم
في مجتمعنا، هناك العديد من الأمثال العربية المشهورة والحكم المصرية، التي لا يمكن تحصيلها بالكامل ولا يمكن لشخص واحد أن يجمعها، فهي تفوق إمكانية التوثيق في المؤلفات والكتب. فالإنسان بطبيعته ينتج الكثير من الأمثال والحكم، وكل عصر له أمثاله وحكمه الخاصة.
يتحدث هذا المقطع عن بعض الأمثال والحكم الشعبية التي تستخدم في اللغة المصرية، كـ “ضربوا الأعور على عينه قال خسرانه خسرانه” و”وإيه ياخد الريح من البلاط” و”اكفى القدرة علىفمها تطلع البنت لأمها” و”يا فرحة ما تمت.. خدها الغراب وطار.