قصة الصحابية فاطمة بنت أسد
فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي الهاشمية، هي صحابية سابقة بالإسلام وثاني امرأة أعلنت إسلامها بعد السيدة خديجة رضي الله عنها، والحادية عشرة بين المسلمين الذين أعلنوا إسلامهم، وهاجرت مع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة.
ولدت رضي الله عنها في مكة المكرمة، وكانت زوجة عم النبي صلى الله عليه وسلم، أبو طالب، وأم علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وهي أول امرأة من عائلة هاشمية تلد طفلا من نسل هاشم، وهي أيضا أم الصحابي جعفر بن أبي طالب الذي استشهد في غزوة مؤتة، حيث كان واحدا من أمراء الثرية في تلك الغزوة. وهي أيضا جدة الحسن والحسين. كما كانت رضي الله عنها من رواة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروت عنه ستة وأربعين حديثا.
مكانتها عند الرسول صلى الله عليه وسلم
بعد وفاة جده عبد المطلب، قام أبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم بتكفله وتربيته، وكانت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها تعتني به وتهتم بتربيته تماما كأمه. وظلت ترعاه وتهتم به لمدة حوالي عشرين عاما، حتى أصبحت له كالأم. عندما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة رضي الله عنها، أرسلت فاطمة بنت أسد ابنها علي رضي الله عنه ليكون مع الرسول الله ويتعلم منه ويستقي من أخلاقه الشريفة. وعندما نزلت الرسالة المحمدية على الرسول صلى الله عليه وسلم، صدقته وساندته وكانت من أوائل من آمنوا به وبدعوته. كانت ثاني امرأة تعتنق الإسلام،
رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش يتيما، إلا أن زوجته رضي الله عنها قامت بتعويضه عن فقدان والدته، وأصبح يناديها بأمي بدلا من زوجة عمه، لأنها قدمت له الحنان والرعاية والاهتمام والرحمة التي يقدمها الأم لابنها، واستمرت هذه الرعاية مع ابنته فاطمة رضي الله عنها، زوجة ابنه علي رضي الله عنه، حيث كانت تعتبرها ابنتها وكانت تساعدها في شؤون المنزل لتخفف عنها، ولديها قلب رحيم يفيض بالخير على من حولها.
وهذا ما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يزور بيت خديجة ويقيم فيه، تقديرًا لما قدمته له من حب وعطاء كبير. كما كان يهديها العديد من الهدايا بسبب حبه الشديد لها، وظلت الرسول صلى الله عليه وسلم يحمل لخديجة الكثير من التقدير في قلبه النبيل حتى وفاتها.
مبايعتها للرسول صلى الله عليه وسلم
كانت رضي الله عنها أول من أدلت بالبيعة للنبي صلى الله عليه وسلم، عندما أنزل الله تعالى في سورة الممتحنة، بسم الله الرحمن الرحيم {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في المعروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم}” [سورة الممتحنة: 12].
وفاتها رضي الله عنها
توفيت رضي الله عنها في المدينة المنورة، في العام الرابع من الهجرة النبوية الشريفة وكانت في الستين من عمرها. تم دفنها في المدينة وقام الرسول صلى الله عليه وسلم بتكفينها بقميصه وحفر القبر بيديه الشريفتين وأخرج ترابه، ثم نزل إلى داخل القبر ونام فيه، ليتشرف قبرها بدخوله صلى الله عليه وسلم، ليكون رحمة لها وتخفيفا عنها ورضا من الله عنها.
وذكر الهيثمي في كتاب مجمع الفوائد، ما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قوله: `عندما توفيت فاطمة بنت أسد بن هاشم، والدة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها وجلس عند رأسها وقال: رحمك الله يا أمي، كنت أمي بعد أمي، تجوعيني وتشبعيني، وتعريني وتكسيني، وتمنعين نفسك الطيب وتطعميني، تسعين بذلك وجه الله والدار الآخرة`.