قصة الشجرة العجيبة مع قيصر الروم
تدور قصة الشجرة العجيبة في إحدى القصص التي وردت في كتاب “الفصوص في الملح والنوادر والعلوم والأداب”، وهو كتاب أدبي نادر، حيث تحكي القصة عن رسالة بين ملك الروم والخليفة عمر بن الخطاب، حيث ذكر القيصر عن شجرة عجيبة في بلاد العرب وسأل عن حقيقة وجودها، وتم ذكر رد أمير المؤمنين على تلك الرسالة.
قصة الشجرة العجيبة مع قيصر الروم :
حدث الحربي عن أبي قتيبة عن يونس بن الحارس عن الشعبي : أن قيصر ملك الروم كتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب يقول :
بعدما أنبأني رسلي، توصلت بالخبر أنه في بلادكم شجرة تنمو مثل آذان الفيلة، ثم تنفتح لتكون أجمل من اللؤلؤ المرصع، ثم تتحول إلى لون أخضر كالزمرد، ثم تصفر كأشياء الذهب والياقوت، ثم تزدهر لتكون أطيب من الفالوذج، ثم تتجف لتكون مؤنة وطعاما، فتكون حماية للمقيمين ومساعدة للمسافرين، فسبحان الله على هذه الشجرة، فإذا كانت كلمات رسلي صحيحة، فإنها تنتمي إلى شجرة الجن.
فكتب إليه أمير المؤمنين يقول :
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، فإن رسلك صدقوك، فهم الشجرة التي ولد تحتها عيسى المسيح بن مريم، وقال إني عبد الله، فلا تدعوا مع الله إلهًا آخر.
بلاغة ابن الخطاب وقوة رده :
تميز أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بقوة الرد وسرعة البديهة لذلك كان في الجاهلية أحد سفراء العرب لما يتميز به من حجة ورجاحة عقل، وهذه إحدى القصص التي تثبت نبوغ الفاروق فعندما أراد قيصر الروم أن يستفسر عن أحد الأخبار المغلوطة عن شجرة عجيبة تتميز بصفات ليست من صفات الشجر حتى أنه وصفها بشجرة من الجنة استغل عمر الفرصة ورد عليه بحجة قوية في صميم عقيدة القيصر وهي العبودية لعيسى بن مريم فأخبره بأن الشجرة هي الشجرة التي ولد تحتها نبي الله عيسى وإنك إن كنت مؤمن بوجود هذه الشجرة فالأولى أن تؤمن بأنه ليس مع الله إلهًا آخر.
هنا يظهر أفضل أساليب الدعوة إلى الله وأكثرها إيجابية، وهي تعتمد على حجج وبراهين قاطعة يمكن للعقل البشري أن يدركها ويتأكد منها، دون أن يؤثر سلبا على عقيدة الآخرين أو يهينها. ففن الحوار هو الخطوة الأولى لنشر الدعوة، حيث تفتح القلوب قبل العقول. وهذا ما علمنا إياه نبينا الحبيب، وأخبرنا الله تعالى به في كتابه: `لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك` [آل عمران: 159].
كتاب الفصوص في الملح والنوادر والعلوم والأداب :
يعد كتابًا أدبيًا من أشهر كتب المؤلف أبي العلاء الربعي، يتضمن الكثير من فنون العلم والآداب، ويحتوي على العديد من محاسن الكلام والجواهر والنوادر، بالإضافة إلى تفسير بعض الآيات القرآنية.